اتفق عدد من النواب المتدخلين، اليوم الثلاثاء في مستهل الجلسة العامة للبرلمان والمخصصة لمناقشة مشروع لائحة مقدمة من كتلة ائتلاف الكرامة وتتعلق بمطالبة الدولة الفرنسيّة بالاعتذار للشعب التونسي عن جرائمها خلال حقبة الاستعمار المباشر وبعدها، على أهمية الاعتذار ووجوب تقديمه، فيما اختلفوا في صيغته وآلياته.
فقد اعتبر النائب يسري الدالي (ائتلاف الكرامة) أن تونس في حاجة اليوم إلى الاعتذار الذي قال إنه تأخر كثيرا، وأنه على فرنسا أن تعامل تونس بمثل ما طالبت به هي غيرها، مشيرا إلى أن بعض علماء النفس والانثروبولوجيا الفرنسيين أدانوا الإعتداء على سيادة تونس ولكن تمّ التعتيم على دراساتهم وكتاباتهم.
أما رئيسة كتلة الدستوري الحرّ، عبير موسي، فقد اعتبرت أن الاعتذار لديه نواميس وبرتوكولات، مشيرة إلى أن الطلبات المقدمة من كتلة ائتلاف الكرامة مخالفة للقانون لأنها لم تحترم البروتوكولات والأعراف الدولية.
وقالت لابد أن يتم تحوير اللائحة وتوجيه الطلبات إلى رئيس الجمهورية وهو الذي يوجهها إلى نظيره الفرنسي، مبرزة أن فرنسا شريك اقتصادي هامّ لتونس ويجب عدم التغافل عن حقيقة وجود قرابة مليون تونسي يعيش على الأراضي الفرنسية.
واعتبرت أن عدم ذكر الإتحاد الوطني للمرأة في مشروع اللائحة فيه استنقاص من نضال المرأة التونسية مما يدل على الحقد الإيديولوجي لبعض الأطراف، وطالبت بتخصيص زعماء الحركة الوطنية ومنها زعماء الحزب الحر الدستوري بالذكر في الاعتذار المطلوب، فضلا عن ذكر المنظمات الوطنية على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل.
وبينت موسي أن اللائحة لم تطالب كذلك بمراجعة عقود استغلال النفط والملح، مبدية استغرابها من هذا الأمر من كتلة ائتلاف الكرامة التي بنت برنامجها الانتخابي على استعادة الثروات المنهوبة ومنها الملح والبترول، حسب قولها.
من جهته قال النائب بلقاسم حسن (حركة النهضة) إن تقديم فرنسا الاعتذار لتونس هو بمثابة اعتراف منها بالاستعمار، مشيرا إلى أن نخبا فرنسية من سياسيين وجامعيين طالبوا دولتهم بالاعتذار على جرائم الاستعمار.
ولاحظ النائب سعيد الجزيري (غير المنتمين) أن الإعتذار لن يعيد للشعب التونسي ثرواته، وأن الاعتذار لن يعطي للشعب قوته، منتقدا أصحاب المبادرة، الذين اعتبر أنهم لا يستطيعون طلب أكثر من الإعتذار، حسب قوله.
وقال النائب رضا الجوادي (غير المنتمين) إنه لا يكتفي بإدانة الاحتلال الفرنسي بل يدين استمراره في أشكال عدّة، معتبرا أن فرنسا لازالت موجودة في تونس من خلال العمل “النقابجيّ”، وفق تعبيره، ومن خلال العديد من السياسيّين المأجورين ومن خلال التشجيع على البحث العلمي لاختراق العقول، وأن ما فعلته فرنسا بتونس ليس استعمارا بل هو خراب.
وتم رفع الجلسة العامة بعد هذه المداخلات، على أن تستأنف أشغالها على الساعة الثالثة بعد الظهر لمواصلة النقاش العام ثم عرض اللائحة على التصويت.
ويشار إلى أن اللوائح المعروضة على الجلسات العامة للبرلمان تقدم من قبل رؤساء الكتل بهدف إعلان موقف حول موضوع وحيد، وسواء تمت المصادقة عليها (يجب أن تتحصل على موافقة 109 أصوات على الأقل) أم لا ، فإنها غير ملزمة للسلطة التنفيذية، غير أنها في حال قبولها فإنها تنشر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية حسب الفصل 141 من النظام الداخلي للبرلمان.