أعلنت الحكومة التونسية عن إصدارها قرضا رقاعيا تضامنيا (لم تحدد قيمته الاجمالية)، ضمن المرسوم الحكومي المتعلق بإجراءات لدعم أسس التضامن الوطني ومساندة الأشخاص والمؤسسات تبعا لتداعيات انتشار فيروس كورونا “كوفيد 19″، أبدى بعض الخبراء تخوفات بشأن فرص نجاحه .
ونص الفصل التاسع من المرسوم عدد 30 المؤرخ في 10جوان 2020، على // إصدار الدولة قرضا رقاعيا تضامنيا لتغطية جزء من حاجيات ميزانية الدولة لسنة 2020 (حوالي 47 مليار دينار) يتمّ تسديده بالدينار التونسي//.
ويتمّ الاكتتاب في هذا القرض بحسابات تفتح للغرض لدى الوسطاء المرخص لهم المكلّفين بالإدارة من شركات وساطة بالبورصة ومؤسّسات القرض المرخّص لها بصفة “بنك”.
كما يرخّص للأشخاص الطبيعيّين فقط الاكتتاب في القرض حسب جملة من الشروط المالية المتمثلة في تحديد القيمة الإسمية للسند ب100 ألف دينار، وضبط مدّة السداد بعد عشر سنوات من تاريخ غلق الاكتتاب، الى جانب تحديد نسبة الفائدة الاسميّة ب 4 بالمائة سنويّا.
وتم ضبط تاريخ فتح الاكتتاب في القرض الرقاعي التضامني وغلقه وخاصياته بقرار من وزير المالية مع اقرار الاعفاء من الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين ومن الخصم من المورد المستوجب بهذا العنوان ومداخيل رؤوس الأموال المنقولة المتأتية من السندات المكتتبة من قبل الأشخاص الطبيعيين في القرض وذلك على مستوى المكتتبين المذكورين.
وتجدر الملاحظة إلى أن تونس أصدرت منذ الاستقلال أربعة قروض رقاعية وطنية، الأول كان سنة 1964 عند بناء الدولة والثاني سنة 1986 لما مرت البلاد بأزمة مالية واقتصادية حادة والثالث سنة 2014 لتعبئة موارد مالية لفائدة ميزانية الدولة والرابع في سنة 2020 للمساهمة في التقليص تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد.
وتعليقا على هذا الاجراء اعتبر الخبير المحاسب انيس الوهابي في تصريح ل(وات) أن هذا الإجراء غير مفهوم خاصة من حيث القيمة الفردية للسند (100 ألف دينار) التي قال أنها ستشكل عائقا كبيرا لمشاركة واسعة الأمر الذي سيحد من مردوديته.
كما اعتبر أن تحديد نسبة فائدة اسمية ب 4 بالمائة تعد محدودة، مضيفا أن النسبة منخفضة بالمقارنة مع ما تعودت الدولة على إصداره وبالمقارنة أيضا مع مستوى نسبة التضخم (3ر6 بالمائة حاليا).
وأضاف ان الفترة الزمنية لاسترجاع قيمة السهم (10 سنوات) تعد أيضا طويلة لأي مستثمر يعتزم المشاركة في القرض الرقاعي التضامني.
ومن جانب اخر أفاد الوهابي أن مردودية ارتفاع القيمة الاسمية الفردية للسند الواحد ستكون عوامل لضعف الاقبال على القرض مستدركا بالقول// أو إذا كانت للحكومة ستستعمل أساليب أخرى لإجبار بعض الفئات على المشاركة في القرض الرقاعي التضامني خاصة مع تخصيص للأشخاص الطبيعيين//.
ومقارنة بالقرض الرقاعي الذي أصدره رئيس الحكومة الأسبق مهدي جمعه قال انيس الوهابي أن ذلك القرض البالغ قيمته البالغ قيمته 500 مليون دينار، كان ذي مردودية نظرا للمد التضامني الوطني في تلك الفترة ولشروط أحسن من الشروط الحالية.
كما اعتبر ان الحكومة الحالية ستكون عاجزة على استعادة نفس المد التضامني إذا ما واصلت في سياسة الانفراد بالرأي والتركيز على الاجراءات قبل الرؤيا والتصورات وفق اعتقاده.
ومن جانبه صرح المستشار الجبائي محمد صالح العياري أن الحكومة وعبر إصدارها لهذا القرض تبدو غير متحمسة لإنجاحه معللا موقفه بجملة من الأسباب تتعلق أساسا باقتصار عملية الاكتتاب على الأشخاص الطبيعيين فقط، في حين أنه لو تم توسيعها إلى الأشخاص المعنويين لكانت النتيجة أفضل بكثير.
وتساءل في تصريح ل(وات)، عن أسس اعتماد حد أدنى ب 100 ألف دينار للقيمة الإسمية للسند، في حين أنه لو تم التخفيض في هذا المبلغ إلى حدود 10 أو 20 ألف دينار لشمل القرض عددا أكبر من المواطنين.
كما لاحظ أن تحديد نسبة الفائدة ب4 بالمائة تعد غير محفزة باعتبار أن توظيف المبالغ المالية لدى شركات الاستثمار ذات رأس مال متغير (SICAV) تمنح إمكانية الحصول على نسبة أرفع تتراوح بين 5و6 بالمائة.
وخلص إلى أن أغلب شروط القرض قد تكون عائقا أمام إقبال المواطنين على إنجاح عملية إصداره لافتا إلى أنه في صورة كانت الشروط ميسرة للقي هذا القرض الإقبال والمساندة لتوفير المبالغ المالية المنتظرة للحكومة.