“المسألة الوطنية هي أمّ المعارك..” و”رئيس جمعية مكافحة مكافحة الفساد إبراهيم الميساوي .. لا وجود لرغبة سياسية جدية في مكافحة الفساد”، و”التداين الداخلي بدلا من التداين الخارجي .. التقشف في النفقات .. اتاوات جيدة على رأس المال .. تغيير حوكمة المؤسسات العمومية وإيقاف خسائرها .. حكومة الفخفاخ والمنعرج الاقتصادي”، مثلت أبرز عناوين الصحف التونسية الصادرة، اليوم الثلاثاء.
اعتبرت جريدة (الصحافة) في مقالها الافتتاحي، أن “أكثر ما يبعث على الخوف اليوم هو أن السيادة الوطنية أضحت مهدّدة بشكل واضح وذلك نتيجة مباشرة لتآكل مؤسّسات الدولة ولتهاوي مقوّمات الإقتصاد واشتداد الأزمة واستفحال الإحتقان الإجتماعي”.
وأضافت أن الواقع الحالي ينذر “بأننا نتجه صوب مجتمع ترتدّ فيه مقوّمات الحرية والديمقراطية إلى مراتب دونية ليصبح التناقض والصراع بين أطراف تتحد في عمقها المعادي للحرّية والديمقراطية مما سيمهّد لطغيان مناخات التطرّف والتسلّط والإستبداد ويفتح المجال لتمكنها من المنظومة السياسية والمجتمعية فتحصل الردة ويعم الخسران وتسقط المكاسب المجتمعية تِباعا”.
ورأت أنه “بناء على ما تقدّم فان المسألة الوطنية هي الآن المجال الرئيسي والأرضية الخصبة للصّراع، وهو صراع ستحدد نتيجته، قدرة تونس وجدارة مواطنيها ودولتها في المحافظة على استقلالها وسيادتها”.
وبينت أنه “في الإقرار بأولوية المسألة الوطنية اليوم اعتراف ضمني بأنّ مجالات الصّراع حول الإقتصاد والديمقراطية أضحت من آليات الصّراع السياسي والمجتمعي وفقدت طابعها الرئيسي وإنْ هي ساهمت بشكل كبير في أن تصبح المسألة الوطنية هي مجال الصراع الرئيسي الآن”.
وطالبت بالتعجيل في “العمل على المحافظة على استقلال تونس ومناعتها ضد كل من سعى ويسعى إلى المس منه وتعريضه للخطر، وقد يكون هذا السلوك الواجب هو المعيار الذي ستُقاسُ به درجة الولاء لهذا الوطن ومدى التزام الأطراف السياسية والحزبية بتحقيق كرامة الفرد ومناعة الوطن”، وفق ما ورد بالصحيفة
واهتمت، ذات الصحيفة، في مقال آخر، بملف الفساد التي أصبح، وفق تقديرها، أمرا صادما بالنسبة للتونسيين، “اذ لا يكاد يخلو يوم من الكشف عن أهوال وفضائح وصفقات مشبوهة وتورط مسؤولين وايقافات بالجملة”.
وحاورت في هذا الاطار، رئيس الجمعية التونسية لمكافحة الفساد، ابراهيم الميساوي، الذي قال انه “لا ينتظر الكثير من الحكومة الحالية في هذا الخصوص لأن النظام بصفة عامة لا يساعد على مكافحة الفساد، وحتى إن كان للفخفاخ إرادة في مكافحة الفساد فسيجد يديه مكبّلتين بعدة عوائق مثل العوائق القانونية وتداخل المصالح في الإدارة التونسية خاصة في ما يتعلق بهياكل الرقابة داخل الإدارة التي ليس لها منظومة لوحدة البيانات”.
واعتبر أنه “لا وجود في تونس لرغبة سياسية واضحة في مكافحة الفساد لانه لو كان كذلك لتم تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كهيئة دستورية وفق دستور 2014 وذلك بسبب التخوفات من أن تكون هيئة حقيقية بصلاحيات كاملة وتقوم بكل مهامها وتطبق القانون في مكافحة الفساد، ولذلك نلاحظ افتعال العراقيل منذ خمس سنوات وعدم التصويت من طرف مجلس النواب والحكومة التونسية باعتبارها السلطة التنفيذية في خصوص هذه المسألة.”
كما أكد، حسب نفس الصحيفة، أن “مجلس النواب والأحزاب السياسية لن يقوموا بفضح لوبيات رجال الأعمال أو المهربين أو حل ملفات الأموال المصادرة أو ملفات القروض البنكية التي استفادت منها رؤوس الأموال، لأن هذه اللوبيات هي نفسها التي مولت الأحزاب التونسية ومن تموقعوا في السلطة وفي المناصب وبالتالي فهي المؤثرة في القرار السياسي “.
وبين أن “الحرب على الفساد لن تتواصل بجدية إلا بحل واحد يرتكز على ثلاث نقاط أولها تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد كهيئة مستقلة وثانيها إعادة توزيع هياكل الرقابة واخراجها من تبعية السلطة التنفيذية وإدخالها تحت طائلة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وثالثها تنقيح الفصول القانونية على مستوى الصفقات العمومية وعلى مستوى حماية المبلّغين عن الفساد وعلى مستوى التصريح بالمكاسب وتتبع هذه التصاريح ومدى مصداقيتها من خلال منظومة بنك معطيات مرقمنة يتحكم فيه هيكل مستقل هو هيئة الحوكمة ومكافحة الفساد”.
وفي ما يتعلق بتنامي الفساد بالبلاد قال رئيس جمعية مكافحة الفساد انه “بعيدا عن السوداوية فانه مادام ثمة حراك وطني سواء من المجتمع المدني أو من الصحافة والاعلام حتى لو كان بسيطا نوعا ما في كشف الحقائق ومكافحة الفساد فذلك أمر جيد، اذ من المهم منع الفاسد من التفاعل إيجابيا مع محيطه ومن الشعور بالأمان وهذا يتطلب أن تكون مختلف القطاعات في حالة يقظة”، حسب ما جاء بالصحيفة.
وتوقفت جريدة (المغرب) في افتتاحية عددها اليوم، عند لب التصورات التي قدمها رئيس الحكومة، الياس الفخفاخ، في حواره أول أمس، على قناة التاسعة واذاعة موزاييك، مشيرة الى وجود “اعلان واضح عن منعرج اقتصادي قوامه عنصران أساسيان .. التقشف في نفقات الدولة وايقاف نزيف خسائرها في المؤسسات العمومية من جهة وتوجه الى حشد مزيد من الاموال من السوق االداخلية اما عن طريق الاقتراض الكلاسيكي من البنوك أو بواسطة فرض نوع من الاتاوات الجدية على رأس المال”.
واعتبرت أن “هذا المنعرج لم يكن نتيجة أزمة كورونا أساسا بل كان سابقا لها وقد أعلنه صاحب القصبة في أول خروج اعلامي له على أعمدة الصحيفة يوم 8 مارس الماضي”.
وأشارت الى أن “الشعار المعلن للحكومة الحالية هو الدولة الاجتماعية ولكن يبدو أن الامور كانت واضحة في ذهن رئيسها منذ البداية وهي أن الوصول الى الدولة الاجتماعية يمر حتما عبر عقلنة التصرف في الموارد المادية والبشرية للدولة، أي بعبارة أخرى لا يمكن للدولة أن توزع ثروة لم يتم خلقها بعد وهذا لم يكن واضحا، فيما يبدو، عند العديدين الذين ساندوا منذ البداية، الياس الفخفاخ، وحكومته الاجتماعية”.
وأضافت أنه “لا شك أن أزمة الكورونا قد وفرت حجة قوية لهذا المنعرج الاقتصادي بل وقد تظهره كالاختيار الوحيد الممكن اليوم ولكن من المهم أن نعلم أننا أمام حجة اضافية ليس الا”..
واعتبرت، في هذا السياق، “أن التقشف في الانفاق بوقف باب الانتدابات في الوظيفة العمومية وتحديد طرق صرف المنح والساعات الاضافية والتلويح بامكانية التقليص من أجور الموظفين ومن جرايات المتقاعدين واعادة هيكلة المؤسسات العمومية، يصنف في خانة الاجراءات الليبرالية في بلادنا بالليبرالية المتوحشة”.
وأبرزت، في هذا الاطار، أن” الفخفاخ حاول تجنب هذا الوصم ولجأ الى جملة من الاجراءات تهدف الى اجبار المؤسسات البنكية والمالية ورجال الاعمال على دفع جزء من فاتورة الترشيد والتقشف هذه عبر تأجيل خلاص الديون الداخلية للدولة وفرض ضريبة اضافية ب2 بالمائة لسنتي 2020 و2021 على المؤسسات البنكية والمالية واخضاع مداخيل ايداعات رؤوس الاموال بالبنوك لخصم من المورد بنسبة 35 بالمائة كلما كانت نسبة الفائدة أعلى من نسبة فائدة السوق النقدية ناقص نقطة، ثم باصدار قرض رقاعي القيمة الاسمية للسهم الواحد مائة ألف ينار وتكون مدة السداد بعد عشر سنوات وبنسبة فائدة ب4 بالمائة أي دفع بعض الثرياء أو أغلبهم الى نوع من التبرع عبر هذا االقرض الرقاعي التضامني”.
ورأت أنه “بهذه الطريقة تكون الحكومة قد ضغطت على الجميع وزاوجت بين الليبرالي والاشتراكي وبين الضغط على الاجراء والقطاع العام وضغوط مالية اضافية على الاثرياء والمنظومة البنكية والمالية”، وفق تقدير الصحيفة.