كشف ديوان الإفتاء، اليوم الاثنين 20 جويلية 2020، عن أحكام أضحية العيد.
وأوضح ان خصائص التكليف الشرعي في الإسلام تكون كالأتي:
1 يراعي القدرة الفردية لكل مكلّف بحسب ما يستطيعه من الأداء : فالتكليف بقدر الطاقة والوُسع هو مبدأ عام في الدِين ، بدليل أنه تكــــــــرر الإعلام به في القرآن سبع مرات : ” لا نُكلف نفسا إلا وُسعها ” ( في سورة الأنعام ) ، ” والــذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نُكلف نفسا إلا وسعها ” ( في الأعراف ) ، ” لا نُكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق ” (المؤمنون) ، ” لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ” ( البقرة ) ، ” لا يكلف الله نفسا إلا ما آتـــاهــــــا ” ( الطلاق ) ، ” لا تُكلف نفس إلا وُسعـــها ” ( البقرة ) ، ” لا تُكلفُ إلا نفسَك ” ( النساء) .
2 يصبغ الأحكام بمسحة التيسير وعدم التكليف بما يشق على النفس : وهو – كما يقول الشيخ ابن عاشور رحمه الله في كتابه مقاصد الشريعة – ما يدل على عظيم رحمة الله بهذه الأمّة خاصة ، وأن هذا الدين سمح سهل لا أثر فيه للشدة ، ويستدل الشيخ بقوله عز من قائل في سورة الحج { وما جعل عليكم في الدين من حرج } (78) ، وقوله في سورة المائدة { مــــــــا يريد الله ليجعل عليكم من حرج } (6) .وفي الحديث – كما أخرجه الترمذي – { إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه } يقول السيوطي : سمى صاحب الشرع الدين يسرا بالنسبة إلى الأديان التي قبله ، لأن الله تعالى رفع عن هذه الأمّة الإصر والأغلال التي كانت على من قبلهم وفي خواتيم البقرة { ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به} .
حكم من تعسر حاله ولم يجد ثمن الأضحية:
من التيسير الذي غفل عنه بعض الناس اليوم ، تحمّلهم كلفة لا يطيقونها بمناسبة شراء الأضحية ، ويبرر البعض ذلك بأنه من الدِين الحنيف . في حين أن الأضحية هي سنة في حقنا ، وليست بواجبة إلا في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، بدليل ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام { أمرت بالنحر وهو سنّة لكم } ( رواه الترمذي ) . وروى البيهقي وغيره بإسناد حسن أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يرى الناس ذلك واجبا ونقل ابن رشد في البداية عن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنه قال : بعثني ابن عباس بدرهمين أشتري بهما لحما وقال : من لقيت فقل لـــه هذه أضحية ابن عباس ، وروي عن بلال مثل ذلك.
وفي مغني المحتاج للخطيب الشربيني: هي سنة على الكفاية إن تعدد أهل البيت فإذا فعلها واحد من أهل البيت كفى عن الجميع وإلا فسنة عين ( في الدار الواحدة أضحية واحدة) .
ويفصّل الإمام مالك المسألة ، فيرى أنها سنة على القادر عليها الذي لا يحتاج إلى ثمنها لأمر ضروري في عامه ، فإذا احتاج إلى ثمنها في عامه فلا تسن في حقه ، وقال علماء المذهب : لا يستدين لأجلها . ولا يجوز تركها في حال القدرة عليها ، قال مالك رحمه الله : ( الضحية سنة وليست بواجبة ، ولا أحب لأحد ممن قوي على ثمنها أن يتركها ) (الموطأ) .
وقال الزركشي الشافعي ( من علماء القرن الثامن هجري ) : لا بد أن تكون فاضلة عن حاجته وحاجة من يموّنه أو يعُوله.
وعند أبي حنيفة : يشترط في القادر أن يكون مقيما بالبلد فتسقط عـــن المسافر والحاج ، وأن يكون مالكا لنصاب الزكاة.
وأثر عن بعض المالكية قولهم : ولا يجوز التفاحش في ثمن الأضحية ، تحرزا وتصوّنا عن نية المباهاة والمراء بها.
والسؤال الأهم : ماذا نتعلم من عيد الأضحى ؟
نتعلم من عيد الأضحى درسا في الفداء والتضحية من أجل القيم الفاضلة ، من أجل الآخرين ، وتذكّروا قول نبينا الكريم { والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قـيـل : مـن يا رسول الله ؟ قال : من يبيت شبعانا وجاره جائع } . فهذه المناسبة هي يوم آخر في حياتنا ننزع فيه رداء الأنانية وحب الذات ، ونلتفت فيه الى من حولنا.
وهو يوم آخر في حياتنا يتكافل فيه الغني مع الفقير ، ويتضامن فيه القادر مع العاجز ونتنازل فيه عن شهوة التخمة لنعطي لمن هو أحوج منّا ، يقول الحق تبارك وتعالى { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا ، إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ، فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا } ( الإنسان من 9 إلى 12 ) صدق الله العظيم.