اعتبر رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي، في تصريح إعلامي عقب سقوط لائحة سحب الثقة منه، أن الجلسة العامة المنعقدة للغرض “هي بمثابة انتصار آخر لملحمة الديمقراطية التونسية”، مؤكدا أنه أقدم بكل طواعية على قبول اختبار تجديد الثقة في مقابل سحبها، “لأن للنواب الحق في قول كلمتهم النهائية في اختيار من يرأسهم”.
وكرر الغنوشي مقولته “لم آت إلى مجلس نواب الشعب على ظهر دبابة، بل بعد اختبارات عديدة، وحتى لو لم يقع منحي الثقة فلن يطرح ذلك أي اشكال من باب الاقتناع بسنة التداول”، مؤكدا أن تونس تحتاج الى مزيد ترسيخ ثقافة الديمقراطية والحرية والحوار، وأنه ينبغي أن تكون للدولة أجندة وسياسة واحدة تعمل الرئاسات الثلاث على تنفيذها.
وأبرز استعداد البرلمان للتعامل مع رئاسة الجمهورية ومع الحكومة الجديدة قائلا “لن يجد منا رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي إلا كل الدعم والتأييد لاننا نريد النجاح لكل مؤسسات الدولة”، متوجها بالشكر الى نواب البرلمان على منحه الثقة من جديد.
وبين الغنوشي أن مظاهر الخلاف والخصام التي تحدث خلال الجلسات العامة “تعتبر تمرينا على الديمقراطية وأحدى مظاهر الديمقراطية التعددية التي هي حديثة وناشئة في تونس”، مؤكدا “أن الناس لا يقيمون البرلمان الا من خلال الجلسات العامة في حين أنه يعمل كخلية النحل”، حيث أثبتت آخر الاحصائيات أن البرلمان الحالي حقق تطورا في نشاطه لا يقل عن 30 بالمائة مقارنة بالبرلمان السابق، وفق تعبيره.
يذكر أن لائحة سحب الثقة من الغنوشي، التي تم عرضها على التصويت في جلسة عامة انعقدت صباح اليوم الخميس، سقطت ولم تتمكن من جمع الأصوات اللازمة التي تضمن مرورها (109صوتا) .
وأعلن رئيس الجلسة طارق الفتيتي، أن 133 نائبا أدلوا بأصواتهم خلال الجلسة العامة، حيث صوت 97 نائبا لفائدة اللائحة و 16 نائبا ضدها، في حين تم تعداد 18 ورقة ملغاة وصوت نائبان بورقة بيضاء. وقد شهدت لحظة الاعلان عن نتائج التصويت تصفيق نواب حركة النهضة واطلاق الزغاريد من قبل نائبات الحركة وأداء النشيد الوطني، تعبيرا عن فرحتهم بتجديد الثقة في رئيس البرلمان الذي يشغل كذلك منصب رئيس حركة النهضة.
وكانت انطلقت عملية التصويت على عريضة سحب الثقة من الغنوشي، على الساعة العاشرة و35 دقيقة من صباح اليوم الخميس، دون نقاش عام وباعتماد المناداة على النواب ودون اعتماد الخلوة في التصويت. وقد امتنع نواب كل من كتلة حركة النهضة وكتلة ائتلاف الكرامة عن التصويت على العريضة.
وكان مكتب مجلس نواب الشعب قد أعلن يوم 24 جويلية الجاري عن قبول لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان التي تقدم بها 73 نائبا، وتعيين جلسة عامة يوم 30 جويلية الجاري للتصويت عليها.
يشار الى أنه تم يوم 16 جويلية الجاري ايداع عريضة لسحب الثقة من الغنوشي بمكتب الضبط بالبرلمان، بعد ان تم تجميع 73 امضاء مطلوبا لتقديم هذه العريضة. كما اعلنت كتلة الحزب الدستوري الحر انها أودعت بدورها امضاءات نوابها على العريضة بمكتب الضبط، ليصبح بذلك عدد الامضاءات 85 امضاء.
وينص الفصل 20 من النظام الدّاخلي للبرلمان على أنّه “يمكن لمجلس نواب الشعب سحب الثقة من رئيسه أو أحد نائبيه بموافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس بناء على طلب كتابي معلّل يقدم لمكتب المجلس من ثلث الأعضاء على الأقل. ويعرض الطلب على الجلسة العامة للتصويت على سحب الثقة من عدمه في أجل لا يتجاوز ثلاثة أسابيع من تقديمه لمكتب الضبط”.