سجّل الاقتصاد التونسي أكبر تراجع له منذ أن شرع المعهد الوطني للإحصاء في احتساب الناتج المحلي الإجمالي الثلاثي (1997)، لينخفض بنسبة غير مسبوقة بلغت 6ر21 بالمائة سالب، باحتساب الإنزلاق السنوي، مع موفى الثلاثي الثاني لسنة 2020″، حسب ما أكده المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء، عدنان لسود، في تصريح أدلى به لوكالة تونس افريقيا للانباء، السبت.
وأضاف لسود أن هذا الانكماش يأتي نتيجة اقرار الحجر الصحي للتصدي لانتشار جائحة كوفيد – 19. وقد شمل جل القطاعات الاقتصادية باستثناء القطاع الفلاحي. يذكر انه تمت مراجعة نسبة النمو للثلاثي الأول من 2020 بـ5ر0 بالمائة لتصبح في حدود 2ر2 بالمائة سلبي.
وقال “يعتبر قطاع الخدمات المسوقة من أكثر القطاعات التي تأثرت بجائحة كوفيد – 19 وبالتدابير المتخذة لاحتواءها، ليتقلص خلال الثلاثي الثاني من سنة 2020 بنسبة 4ر30 بالمائة باحتساب الإنزلاق السنوي. ويعود هذا الى تراجع الإنتاج في أغلب المجالات، على غرار خدمات النزل والمطاعم والمقاهي (5ر77 بالمائة) وخدمات النقل (4ر51 بالمائة) علاوة على قطاع الخدمات غير المسوقة والمسداة أساسا من قبل الادارة (8ر15 بالمائة)”.
وأضاف المسؤول، في ذات التصريح، قائلا “كما انخفضت القيمة المضافة للصناعات المعملية بنسبة 27 بالمائة نتيجة الانخفاض الملحوظ في انتاج الصناعات المصدرة على غرار قطاع النسيج والملابس الذي تكبد أكبر خسارة (42 بالمائة) والصناعات الميكانيكية والكهربائية التي تقلصت بنسبة (9ر35 بالمائة). كما تضررت بشكل كبير القيمة المضافة لصناعات مواد البناء (4ر38 بالمائة) وذلك إثر التراجع الحاد في نشاط البناء (5ر42 بالمائة).
ورغم اقرار لسود أن التراجع الحاد لنسبة النمو يعدّ “غير مسبوق”، يبقى هذا الوضع مماثلا لعديد البلدان الأخرى باعتباره ناتج عن “ظروف صحية استثنائية وأزمة طالت جل أنحاء العالم”. علما ان بريطانيا واسبانيا سجلتا تقلصا لنسبة النمو بأكثر من 20 بالمائة كما سجلت أغلب البلدان الأوروبية نموا سلبيا برقمين خلال الثلاثي الثاني من 2020″.
وتابع قوله “وكان لجائحة كوفيد – 19، كذلك، وقع سلبي على سوق الشغل، فقد ارتفعت نسبة البطالة إلى 18 بالمائة (وهو أعلى مستوى تم تسجيله منذ الثلاثي الرابع من سنة 2011. إلا أنه، خلافا لسنة 2011، توقف جزء كبير من اليد العاملة (أكثر من 58 بالمائة في أفريل) مؤقتا عن العمل أثناء الحجر الصحي.
بالنسبة لخسارة مواطن الشغل، أشار المسؤول إلى فقدان ما يزيد عن 161 ألف مواطن شغل خلال الثلاثي الثاني من سنة 2020، من ضمنها 7ر52 ألف وظيفة في قطاع الخدمات و9ر51 ألفا في الصناعات المعملية و8ر46 ألفا في قطاع البناء. وكشفت مؤشرات معهد الاحصاء، أيضا، أن 4ر34 بالمائة من النشيطين لم يتحصلوا على اجور شهر أفريل وأن 8ر47 بالمائة فقط تحصلوا على اجورهم كاملة.
رجوع النسق التصاعدي للنشاط الاقتصادي منذ شهر أفريل
أوضح المدير العام للمعهد الوطني للاحصاء، لـ(وات)، أن المؤشرات الشهرية للثلاثي الثاني أثبتت رجوع النسق التصاعدي للنشاط الاقتصادي منذ شهر أفريل، مشيرا إلى تطور مؤشر الإنتاج الصناعي خلال شهر جوان واستعادة المستوى المسجل في موفى سنة 2019، علاوة على تحسن المبادلات التجارية مع الخارج.
كما ساهم سوق الشغل في هذه الإنتعاشة ، وفق ذات المتحدث، إذ بيّنت التقديرات الشهرية للمسح حول التشغيل المنحى التنازلي لنسبة البطالة الشهرية خلال الثلاثي الثاني من سنة 2020، لتنخفض إلى مستوى 6ر16 بالمائة في جوان بعد أن بلغت ذروتها في شهر أفريل (19 بالمائة).
وأكد لسود، من جهة أخرى، ارتفاع نسبة حضور النشيطين لمقرات العمل الى 95 بالمائة خلال شهر جوان في حين لم تتجاوز 42 بالمائة في أفريل، مما يعكس الاسترجاع التدريجي للنشاط الاقتصادي.
يذكر أن الأزمة الصحية كان لها وقع أكبر على الاقتصاد التونسي خلال شهر أفريل وذلك لتزامن هذه الفترة مع تطبيق الحجر الصحي الشامل.
وأبرز لسود أن “الانتعاشة الأولية للاقتصاد تبقى رهينة تطور الوضع الصحي في تونس والبلدان الشريكة لها كما ترتبط عموما بتحسن مناخ الأعمال في البلاد”.