اعتبرت جمعية القضاة التونسيين، أن الحركة القضائية السنوية الأخيرة للقضاة العدليين شابتها إخلالات جسيمة، فيما اتهمت الرئيس الأول للمحكمة الإدارية بانتهاج ممارسات خطيرة في حركة القضاة الإداريين ترقى إلى حد الجرائم.
فقد أفاد رئيس الجمعية أنس الحمادي، أثناء ندوة صحفية عقدتها الجمعية اليوم الخميس بقصر العدالة بالعاصمة، بأن الحركة القضائية السنوية للقضاة العدليين الصادرة يوم 12 أوت المنقضي تمت للمرة الرابعة على التوالي خارج الآجال القانونية (نهاية شهر جويلية من كل سنة).
وأضاف أن المجلس الأعلى للقضاء تعمد إحالة الحركة على رئاسة الجمهورية لنشرها بالرائد الرسمي في الأيام القليلة الماضية، بما من شأنه أن يعيق القضاة من ممارسة حقهم في الاعتراض عليها ويخلق حالة من التنازع، على غرار الحالة المتعلقة بوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية تونس 1 الذي تمت نقلته رغم تقييمه الجيد وفق المعايير التي وضعها المجلس.
وأشار إلى استمرار المجلس الأعلى للقضاء العمل على الحركة القضائية دون تفعيل حقيقي لمعايير النزاهة والحياد والاستقلالية، وإصراره على “ازدراء” مبادئ الشفافية والمساءلة وعدم تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية بخصوص الطعون في الحركة القضائية، بالإضافة إلى عدم تنفيذ قرارات هيئة النفاذ إلى المعلومة بخصوص نشر جداول تنقيط القضاة.
وأكد الحمادي أن الحركة القضائية الأخيرة تضمنت إخلالات جسيمة، من ذلك عدم الإعلان عن شغورات أصلية في عديد الخطط القضائية التي تم تسديدها في الحركة وعدم الإعلان عن الشغورات المستحدثة أثناء الحركة، محذرا من بروز ظاهرة المحاباة بين أعضاء مجلس القضاء العدلي بخصوص التقييم وإسناد المسؤوليات.
كما صرح بأن المجلس الاعلى للقضاء لم يلتزم في الحركة الأخيرة بتسديد الشغورات المعلن عنها والبالغ عددها 51 ، في المقابل تم إسناد 52 خطة قضائية دون الإعلان عن الشغورات بها.
واعتبر أن المجلس يعمل على تفكيك الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية للمرة الرابعة بطريقة ممنهجة، حيث شملت النقلة 29 قاضيا من جملة 91 قاضيا بنسبة إفراغ لهذه الدوائر بلغت 32% ، وهو ما يمثل خطورة كبيرة على مسار العدالة الانتقالية بإفراغ دوائرها من أعضاء تلقوا تكوينا في الغرض.
وأضاف الحمادي أن المجلس تمادى في مخالفة مبدأ عدم نقلة القاضي دون رضاه المنصوص عليها بالفصل 107 من الدستور، باعتماد نقلة 47 قاضيا لمصلحة العمل بطريقة اتسمت بالتشفي على حد قوله، على غرار حالة القاضية إشراف شبيل (زوجة رئيس الجمهورية).
من جانبها، حذرت الكاتبة العامة للجمعية كلثوم مريبح، من الممارسات الخطيرة للرئيس الأول للمحكمة الإدارية “التي ترقى إلى حد الجرائم” وفق تقديرها، معتبرة أنه انحرف بالسلطة وانفرد بالقراد مخالفا بذلك اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء الإداري والمجلس الأعلى للقضاء ورئاسة الجمهورية.
وأوضحت أن الأمر الرئاسي الذي تم نشره بالرائد الرسمي ينص على تسمية القضاة الجدد بالمحكمة الإدارية بتونس، لكن رئيس المحكمة قام في وقت لاحق بنقلتهم بقرار منفرد إلى داخل الجمهورية، دون المرور بالجلسة العامة للمجلس الأعلى للقضاء.
كما انتقدت الجمعية تقاعس المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل عن الاستعداد للعودة القضائية، مكتفين باجترار قرارات سابقة للتوقي من تفشي وباء كورونا رغم أن الظرف يستوجب إقرار إجراءات أخرى وصياغة بروتوكول صحي جديد يأخذ بعين الاعتبار تطورات الوضع الوبائي في البلاد.
وأكد الحمادي في هذا الجانب، أن الجمعية ستتصل بوزارة الصحة بهدف صياغة بروتوكول صحي دون انتظار وزارة العدل التي حملها والمجلس الأعلى للقضاء مسؤولية إصابة أي شخص من مرتادي المحاكم بفيروس كورونا.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة العدل توجهت أمس الاربعاء بمذكرة إلى رؤساء المحاكم، تضمنت بعض الإجراءات الواجب إتباعها لمجابهة تفشي فيروس كورونا.