“وينك يا غالي ” واحدة من نحو 700 اغنية غنتها الفنانة نعمة التي وافتها المنية صباح اليوم الاحد بعد صراع مع المرض.
عندما كرمها مهرجان الحمامات الدولي في جويلية 2019 كانت سهرتها الاخيرة التي احتفى بها جمهورها والتي اطلقت منها رسالة لاهل الفن والفنانين جميعا “ما أحلى الاغنية التونسية كلمة ولحنا فلا تجعلوها غريبة في تونس”. كلمات اختزلت وفاء الفنانة نعمة وعشقها للاغنية التونسية فتركت وصية فنان في رصيده اثنين وستين سنة من العطاء وحب الجمهور.
“اغدق عليها جمهور الحمامات في تلك السهرة الحب وهتف باسمها طويلا وصفق لها وردد اغانيها وتمايل على انغامها وقاطعها مرارا ليعبر عن وفائه لها فهي التي كانت جزءا من الرصيد الفني التونسي.
حضرت نعمة في تلك الليلة حفلها و رددت بعضا من كلمات اغانيها فعاودت ولو لفترة اللقاء بجمهورها واستعادت مسيرة زاخرة لفنانة انتصرت فيها للاغنية التونسية فجعلتها وشما مرسوما في قلوب جمهورها الذي جعلها نعمة الفنانة “لا ديفا”.
” ربي يفرحكم ويمتعكم بالصحة” كلمات على بساطتها استعملتها وخاطبت بها كل من سأل عنها فخاطبت الوجدان ولامست بابتسامتها العريضة الذاكرة الفنية التونسية ” لتلتحق بمبدعين تونسيين فارقوا الحياة وتركوا رصيدا فنيا زاخرا سيبقى حيا رغم السنين وتطور الاذواق.
” ام القد طويلة” و ” اركزي عل الرملة” و الليلة يا ليل” و ” حرمت بيك نعاسي” عناوين اغان تجتمع فاذا هي تروي حياة نعمة الفنانة. تقول نعمة ” مسيرتي انطلقت من الرشيدية مدرستي الاولى غنيت المالوف وغنيت لاكبر الملحنين التونسيين ” الشاذلي انور” و محمد رضا وخميس ترنان ومحمد التريكي واحمد خير الدين.
عاشت نعمة الفنانة تتنفس حب الجمهور وبمخيلتها صور لا تمحى من الحب المتبادل فاذا روحها تحلق في سماء المهرجانات تعانق نسائم الحمامات وقرطاج فرحلتها اليوم اضحت ذكرى غالية واذا الحاضر يودعها بعد ان رسمت على قلوب السنين ابتسامة فرح وحب تعزف على انغام تونسية اصيلة ما تزال الى اليوم تعيش في مخيلة كل التونسيين.
نعمة واسمها حليمة الشيخ ولدت بازمور من معتمدية قليبية عاشت متمية بالاغنية التونسية وكانت عنوانا للفن التونسي الاصيل. تشجع الفنانين وتوصيهم خيرا بالاغنية التونسية وتقول ” مخطئ من ظن انه يستصغر الاغنية التونسية و الالحان والكلمات التونسية ليبحث عن نجاح من خارج البلاد”.
تحدثت وقالت في سهرة الاحتفاء بها في الحمامات ” ثروتي التي لا تنضب حب الجمهور و ان احضر اليوم حفلي هو اكبر تتويج”. الاحتفاء بنعمة في حفلها اثثه عبد الستار عمامو فروى مسيرة فنانة مبدعة وشاركه الاحتفاء ثلة من الفنانين من بينهم سلاف والبشير السالمي على الكمان و نوال غشام و نور الدين الباجي وعبد الوهاب الحناشي ومحسن الرايس وجيل جديد من الفنانين اخذ عنها المشعل من بينهم سفيان الزايدي و فؤاد بالشيخ و ليلى حجيج و راقية ناصر .
تذكرت نعمة محطات من مسيرتها في تونس والمغرب ومصر واستحضرت اغنية “فينك يا غالي” التي لحنها محمد الجموسي وغنتها الفنانة شافية احمد ورفض بعد ذلك ان لا يسمعها الا بصوت نعمة. محمد زمنتر جمع جزءا من اغانيها واهداها 620 اغنية فالتقت المبادرة لتكريمها عساهم يخلدون اسمها في سماء الاغنية التونسية.
“عيني شافتك خنتينا …قداش نصبر قداش نصبر ” كلمات واحدة من اغانيها رددتها ليلتها بصوت فيه غصة اختلطت بغبطة فتقول ” انا محموصة لان اغاني لم تعد تمسع اليوم” وتضيف ” الا تعلموا ان حبي لجمهوري و لتونس هو الخيط الذي ما زال يربطني بالحياة”.
وزير الشؤون الثقافية السابق محمد زين العابدين قال في تلك السهرة ان “الاحتفاء بالفنانة نعمة هو احتفاء بمدونة نعمة الفنانة المبدعة في سهرة النوستالجيا التي ملئت حبا ليغني اجيال من الفنانين موروث نعمة وتراثها” وتابع “الاحتفاء بنعمة في مهرجان الحمامات الدولي اعتراف بالجميل لمن اسس الاغنية التونسية ولمن بنى الذائقة الفنية التونسية”.
تركت نعمة ارثا فنيا لتونس وجب العمل على صيانته وتداوله ليبقى حيا في الذاكرة الثقافية الوطنية”.
اختتمت نعمة الاحتفاء بها بالقول ” الحمد لله على نجاح الحفل فقد اغدق عليا كل الحاضرين محبة أنستني مرضي ولن انسى بان أوصيكم بالمحافظة على الاغنية التونسية فهي هويتنا و روحنا وهي الحاضر والماضي والمستقبل”.
رحم الله الفنانة نعمة واسكنها فراديس جناته.