تركزت اهتمامات الصحف التونسية الصادرة، اليوم الثلاثاء، حول عدة مواضيع تهم الشأن الوطني أبرزها، مخاطر صراع الهويات والاطماع السياسية وضرورة تحقيق مصالحة وطنية حقيقية للخروج بالبلاد من أزمتها الى جانب التعريج على انتداب، محمد الغرياني، من طرف راشد الغنوشي، في خطة مستشار مكلف بملف المصالحة والبحث في أسباب فشل استرجاع الاموال المنهوبة.
“في مخاطر صراع الهويات والاطماع السياسية”
جريدة (المغرب)
“كنا نفهم ونقدر لو كان جاء الرد الفرنسي الرسمي في مستوى القيم الكونية الإنسانية من قداسة الروح البشرية ونبذ لكل عنف وتطرف وإرهاب وأن الحريات الفردية والعامة وأهمها حرية التفكير والتعبير لا تقبل التفاوض تحت أي اسم من المسميات وأن العيش المشترك يفترض احترام المبادئ التي قامت عليها الجمهورية الفرنسية ويفترض أيضا قبول الآخر المختلف وعدم وصمه أو احتقاره ولكن ينبغي أن نذكر هنا أن الخطاب الحالي للرئيس ماكرون حتى قبل هذه الفاجعة قد أخذ منعرجا جديدا وأضاف إلى قاموسه مفردات لم نعهدها عنده مثل “الإسلام في أزمة في العالم بأسره”، وكان ذلك خلال خطاب رئيس فرنسا حول “الانفصالية الإسلامية” يوم 2 أكتوبر الجاري، أي أسبوعين قبل ذبح الأستاذ الفرنسي”.
“وفي هذا الخطاب ذكر الرئيس الفرنسي بلادنا تونس بما هو غير مقبول في الأعراف الديبلوماسية وذلك بغض النظر عن نية القاتل ومقصده، وفي نفس ذلك الخطاب أعلن الرئيس الفرنسي عن جملة من القرارات ضد “الاسلاموية الراديكالية”، وهذه كلها مفردات كانت غائبة في قاموس الرئيس الفرنسي، لا لغياب الإرهاب الاسلاموي في فرنسا الذي استهدف هذه الجريدة الساخرة ‘شارلي هبدو’ بمناسبة نشرها لبعض هذه الرسوم ذات الأصل الدانماركي وقتل جل الصحفيين ومصوري الكاريكاتور الذين وجدهم في المقر وكذلك مأساة الباتاكلان والتي ذهب ضحيتها حوالي 130 ضحية في قلب العاصمة باريس ولكن الرد السياسي للرئيس فرنسوا هولاند كان مختلفا آنذاك ورأينا كيف تضامنت البشرية كلها مع فرنسا وذهبت في مسيرة حاشدة عدة قيادات عربية وإسلامية بمن فيهم الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي”.
“ارفقوا بتونس …”
صحيفة (الشروق)
“قد وصلنا اليوم الى مرحلة حرجة، مرحلة اقتربنا فيها من انفجار اجتماعي غير مسبوق ومن وضع مالي (9 مليار دينار عجر الميزانية) خطير يهدّد كيان الدولة ومن أصعب ما يمكن أن تعيشه أي دولة. ولذلك وعوض أن تكون هناك مبادرات ومصالحات من كل حدب وصوب وجلّها في اطار معارك سياسية سابقة لأوانها، يكفي أن تكون هناك مبادرة ومصالحة وطنية حقيقية بإرادة صادقة.”
“هناك عقلاء اليوم كاتحاد الشغل وعديد المنظمات الوطنية الأخرى يمكنها أن ترعى وتقود مصالحة وطنية حقيقية بعيدة عن الحسابات السياسية الضيقة للأحزاب ولصراعات رؤوس السلط الثلاث. لم يعد أمامنا اليوم إلا الحوار الشامل والجلوس الى طاولة واحدة نجري حولها عملية تقييم دقيقة للوضع الذي وصل حدّا لم يعد من الممكن السقوط تحته ويجب انعاشه قبل فوات الأوان على الجميع. إن الارادة الصادقة والمسؤولية الوطنية هي المخلّص الوحيد عندما تواجه الدول خطرا يهدد كيانها وأمنها واستقرارها .. فإما أن ننجو معا أو أن نغرق جميعا في الفوضى والخراب لا قدر الله.”
“ورقة جديدة في صفقة المصالحة”
جريدة (الصباح)
“انتداب محمد الغرياني، لا يبتعد كثيرا عن منطق الصفقة فراشد الغنوشي الذي يواجه صعوبات جمة في ادارة مجلس نواب الشعب والاشراف عليه كرئيس للبرلمان بسبب شراسة المواجهة مع كتلة الحزب الدستوري الحر ورئيسته، عبير موسي، التي ترى في نفسها الممثل السياسي الشرعي للتجمعيين والدساترة وتسعى بكل الطرق الى تأبيد المعركة مع الاسلاميين ودفع بالصراع الايديولوجي بينهما الى الذروة دون هوادة أو هدنة محتملة بما أثر سلبا على أداء البرلمان وعطل أشغاله وهز صورته أمام الرأي العام … وجد نفسه مضطرا لايجاد حلول وتخفيف الضغط من حوله وهو في بداية سنة ثانية صعبة من عهدته. ولذلك سعى الى تقريب، محمد الغرياني، منه والى الاستفادة من رمزيته في صفوف التجمعيين بتجديد التأكيد أن لا مشكل لحركة النهضة مع التجمعيين وخاصة أولئك الذين تسميهم قيادات من الحركة ب”التجمعيين النظاف” بهدف استمالة أكبر عدد منهم وفك الارتباط بينهم وبين، عبير موسي، التي ترفض الحوار أو التفاوض أو التنازل وتتمرس خلف خطاب راديكالي متعنت لا مكان فيه للتهدئة أو الهدنة. ولا نعتقد أن محمد الغرياني يملك من القوة اليوم التي تجعله يتصدى الى عبير موسي أو قادرا على تحجيم دورها أو ترشيد خطابها الراديكالي أو لعب دور في مصالحة يتمناها الغنوشي وترفضها موسي … فقط هو ورقة جديدة في صفقة ما يسمى بالمصالحة”.
“المال العام المنهوب … سياسة التعويم واستشراء الفساد من أسباب الفشل”
جريدة (الصحافة)
“ان ملف الصلح مع رجال الاعمال في هذه الازمة الاقتصادية والاجتماعية جد مهم لما يمكن أن يعود به من منفعة على مستوى التنمية والانعاش الاقتصادي وتحسين الظروف الاجتماعية للمواطنين خاصة في المناطق الداخلية المعنية وفق المبادرة التي تقدم بها رئيس الجمهورية وهي محل نقاش واسع حاليا مع رجال الاعمال. لكن أهمية ومدى نجاح هذه المبادرة ومرورها بالبرلمان للمصادقة عليها ليس رهين رجال الاعمال ومدى استعدادهم لارجاع المال العام أو رهين مدى اجرائية ووجاهة المبادرة من حيث آليات التنفيذ والمتابعة والمراقبة بل نجاحها مرتبط بالتوافقات السياسية حولها والمصادقة عليها تحت قبة ‘سيد نفسه'”.
“ونعتقد أن فشل استرجاع الاموال من رجال الاعمال طيلة هذه السنوات مرتبط بسياسة التعويم التي غلبت على هذا الملف وتغليب المصالح الذاتية والحزبية واستشراء ظاهرة الفساد بعد الثورة حيث أصبح هذا الملف من جملة الملفات الاخرى التي تعتمد كشعار للحملات الانتخابية والتنافس على المراتب الاولى ضمن البورصة السياسية حيث لم يتم طيلة سنوات بعد الثورة ابرام الصلح الا مع عدد ضئيل جدا من رجال الاعمال لم يتجاوز العشر فقط من جملة أكثر من 650 رجل أعمال متهمين بنهب المال العام وسيبقى هذا الملف مثار جدل واسع ما لم يحظ بتوافق سياسي واسع حوله”.