تركزت اهتمامات الصحف التونسية، اليوم الاربعاء، حول عدة مواضيع تهم الشأن الوطني أبرزها ضرورة الانخراط الفاعل والواعي لكل المسؤولين في الحكومة ولكل الأحزاب السياسية ولكل القطاعات المهنية والشرائح الشعبية في معركة الانقاذ والجدل الذي أثير حول تعيين محمد الغرياني من طرف راشد الغنوشي وأبعاده الى جانب التطرق الى السياسة الخارجية التونسية التي “أظهرت كثيرا من البرود تجاه قضايا حارقة” وتسليط الضوء على الصراع والتصدع داخل حركة النهضة.
“معركة الانقاذ … تتطلب انخراط الجميع”
جريدة (الشروق)
“الأوضاع الاقتصادية أصيبت بدمار شامل وكل المؤشرات تنذر بقرب حدوث الانهيار الكبير. والأسعار لا تتوقف عن ممارسة رياضة القفز العالي والعبث بالقدرة الشرائية للمواطن في غياب كامل للدولة ولأجهزة وآليات الرقابة. والمشاريع الكبرى معطلة ومعها تتأجل أحلام بل حقوق شرائح هامة من التونسين في الشغل وفي تحصيل سبل ومقومات العيش الكريم… وبطالة أصحاب الشهائد العليا تعمقت أكثر ويكفي أن نستذكر اعتصام الآلاف من حملة شهادة الدكتورا الذي يتواصل للشهر الرابع على التوالي لنستحضر حجم ‘الجريمة’ التي تقترف في حق كفاءاتنا وأدمغتنا وكذلك حجم الهدر الذي ننخرط فيه حتى نحيّد هؤلاء عن الاسهام في جهود اصلاح الأوضاع وفق الأساليب والمناهج والكفاءات العلمية التي حصّلوها والتي أنفقت المجموعة الوطنية في سبيلها الكثير من المقدرات…”.
“يضاف إلى كل هذا تحدي فيروس كورونا وما يتطلبه واجب الدفاع عن صحة التونسيين وتوفير التجهيزات والامكانات اللازمة للتقليل من آثار هذا الوباء المدمر… ومع ذلك لا نرى التعبئة الضرورية للتصدي لانعكاسات هذه الآفة وكأننا لا نخوض حرب وجود تستوجب وضع استراتيجية شاملة وحشد كل الجهود والطاقات والامكانيات لكسبها والذود عن صحة التونسيين والتونسيات…”.
“إن مختلف مكونات هذه اللوحة القاتمة يفترض أن تستفزنا جميعا ويفترض أن تستنهض كل الهمم وتحفز كل الجهود والارادات للدفع نحو الانخراط الفاعل والواعي لكل المسؤولين في الحكومة ولكل الأحزاب السياسية ولكل القطاعات المهنية والشرائح الشعبية في معركة المصير. هذه المعركة التي ليست شعارا وخوضها ليس خيارا بل ضرورة حياتية وضرورة بقاء. فهل ينزل السياسيون من عليائهم وهل يتخلصون من أنانيتهم وحساباتهم الضيقة فينخرطوا في هذه المعركة ويعطوا المثل والقدوة للمواطن الذي سيلتحق حتما بجبهات الاصلاح والانقاذ متى لمس إخلاص وتفاني الطبقة السياسية على الميدان؟”.
“على وقع تصدع قادم … نهضة أم نهضتان؟”
صحيفة (المغرب)
“حركة النهضة التي بعثت على يدي راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو منذ نصف قرن والتي صدمت وبقيت متماسكة رغم كل فترات المحن التي مرت بها تظهر الان بعد عقد من الزمن من الحرية ومن الحكم تشققات هامة وغائرة ستأتي حتما على وحدتها ما لم تحصل مفاجأة من العيار الثقيل في الاشهر القليلة القادمة…”.
“ستكون المعركة القادمة والحاسمة في ذات الوقت معركة السيطرة على التنظيم خلال المؤتمر القادم للحركة وقبلها معركة تحديد موعد المؤتمر الحادي عشر ومدة التأجيل التي يمكن أن تقبلها كل الاطراف فلو انتصرت البطانة في فرض تأجيل المؤتمر لسنتين عندها قد يحصل الانشقاق قبل هذا الموعد واذا انعقد المؤتمر في غضون السنة القادمة فقد يحصل الانشقاق أثناءه أو بعد نتائجه ولذلك يصر رئيس الحركة وأنصاره على ألا ينعقد الا بعد توافق واسع … توافق أضحى صعبا للغاية ان لم نقل مستحيلا”.
“كان بعض المحللين يعتقدون أن الحركة الاسلامية لن تحافظ على وحدتها بعد مغادرة زعيمها ومؤسسها لقيادتها، أما الان فمؤسسها سيكون أهم عنصر في انقسامها… تلك هي حيلة التاريخ كما يقول الفيلسوف الالماني العظيم هيغل حيث يوظف العقل الاهواء والطموحات الشخصية والرغبات الفئوية لتحقيق أهدافه اليوم أو غدا …”.
جريدة (الشروق)
“يرى متابعون أن هذه الخطوة من الغنوشي تندرج ضمن الصراع السياسي الدائر منذ سنوات بين النهضة والدستوري الحر وخاصة رئيسته عبير موسي، التي ترفض أي تقارب مع النهضة والتشارك معها في الحكومة وبالتالي فان اختيار الغنوشي لمحمد الغرياني يمكن أن يكون حركة استفزازية ضد رئيسة حزب الدستوري الحر عبير موسي (التي تعتبر الوريث الشرعي لحزب التجمع المنحل) لانه قد يؤدي الى استقطاب جانب من التجمعيين لوضعهم أيديهم في يدي النهضة (بوساطة من الغرياني) وبالتالي اضعاف شق العائلة الدستورية ومن ورائها الدستوري الحر وسحب صفة التمثيل الحصري للدساترة من عبير موسي، كما ان الخطوة يمكن أن تمثل في رأي البعض ورقة ضغط على عبير موسي وحزبها الدستوري الحر أمام الرأي العام الداخلي والدولي من أجل دفعها على القبول بالتقارب السياسي مع النهضة وبالتوافق العام وتحقيق المصالحة الشاملة التي ينتظرها الجميع…”.
السياسة الخارجية التونسية ‘مبهمة وباردة’
جريدة (الصحافة)
“لا تبدو الرئاسة التونسية أو الاصح الدولة التونسية بكل أجهزتها خاصة الديبلوماسية ووزارة الخارجية في عجلة من أمرها لاصدار مواقف في قضايا اقليمية ودولية حارقة ولا تحتمل الانتظار. بل على العكس من ذلك كثيرا ما بدت السياسة التونسية على أعلى مستوياتها تظهر كثيرا من البرود تجاه قضايا حارقة وتبدو وكأنها في واد غير الاودية التي يسير فيها العالم وبعيدة كل البعد عن القضايا التي تهم الشأن العربي والافريقي الدولي والاقليمي”.
“لن نخوض في عشرات القضايا الاقليمية والدولية التي مرت مرور الكرام ولم تدل فيها تونس بدلوها ولن نعدد الاف الفرص التي مرت وكان بامكاننا استغلالها لصالح بلادنا لو أننا اكتسبنا من الشجاعة والجرأة ساعتها ما يمكننا من اتخاذ موقف واضح وصريح من تلك القضايا لكننا للاسف نواصل انتهاج سياسة النعامة التي تطمر راسها في الرمل حتى تمر العواصف معتقدة أنها بذلك تنجو من كل المخاطر”.
“ان الذين يحكمون تونس اليوم يتشدقون دائما بأننا نموذج وبلادنا مثال يحتذى لكن لاول مرة يكون النموذج متخاذلا والمثال صامتا فمن سيصدق الان اننا فعلا قمنا بثورة واننا نبني دولة ديمقراطية نموذجية يحتذى بها في الشرق الاوسط وافريقيا والعالم؟”.
“تجاذبات مرهقة”
جريدة (الصباح)
“الجدل الدائر حاليا حول تعيين الغرياني في ديوان رئيس البرلمان مستشارا مكلفا بالمصالحة ومسارعة البعض الى اعتبارها محاولة لسحب البساط من مبادرة أخرى في ذات الاتجاه يستعد رئيس الجمهورية لطرحها للصلح الجزائي مع رجال الاعمال اد دل على شئ فهو يدل أن الخاسر الاكبر من هذا الجدال ومن استحضار التجاذبات في التعاطي مع ملف على غاية من الحساسية والامية هو مطلب وملف المصالحة في حد ذاته والبلاد بشكل عام”.
“لا أحد يرغب اليوم أن نعود لمعالجة العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية كاستحقاقا وطني بالادوات والغايات والتجاذبات ذاتها وبارادات فرض سياسة الامر الواقع كما حصل سابقا مع هيئة بن سدرين ومع مشروع المصالحة الاقتصادية للراحل الباجي قائد السبسي وليتعض الجميع من أن القضايا الوطنية الكبرى تحتاج الى الحوار الرصين ولا تحتمل التجاذبات التي أرهقت البلاد”.