أبواب إدارات ومنشآت عامة وخاصة ومدارس ومعاهد، مغلقة، وتوقف لحركة القطارات ووسائل النقل العمومية، وغياب لأفواج العملة القاصدين المصانع فى الساعات الأولي للصباح وفي الظهيرة، وتجمعات لأعداد كبيرة من المواطنيين أمام مقر ولاية باجة وأمام مقرات معتمدياتها بكل المناطق.. ذلك هو المشهد الذي عاشت ولاية باجة اليوم الاربعاء 25 نوفمبر، على وقعه، في إطار أول إضراب عام بقرار جهوي منذ الاستقلال، أكد منظموه، وفي مقدمتهم الاتحاد الجهوي للشغل، أنه نجح بنسبة 95 بالمائة، وما زالت الخسائر الاقتصادية المنجرة عنه لم تحصر بعد.
ويستحضر مصطفى العجرودي، نقابي متقاعد عمره 67 سنة، تاريخ الإضرابات العامة بباجة، قائلا فى حوار مع صحفية وكالة تونس افريقيا للأنباء، إن “ولاية باجة عاشت إضرابات عامة، لكنها كانت بقرارات وطنية واستجابت لها الجهة”. وأوضح أن أكبر إضراب عاشته الجهة كان سنة 1978، مؤكدا أنه يذكر تفاصيل “الخميس الأسود” الذي انخرطت فيه كل مؤسسات الجهة، والإيقافات التي تمت على خلفيته. كما استعرض تفاصيل ما أسماه ب”إضراب الخبز” سنة 1983.
وقال عبد الحميد الشريف، الكاتب العام الجهوي لاتحاد الشغل، “إن ولاية باجة عاشت اليوم حدثا استثائيا فى تاريخها منذ الاستقلال وحتى اليوم، اعتبارا لكون الإضراب كان سلميا، رغم مشاركة آلاف المواطنيين فيه”، مبينا أن الإضراب كان بقرار من حزام واسع مدني وحزبي وجمعياتي، حيث قررته تنسيقية المنظمات الوطنية، التي تضم اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية واتحاد الفلاحة والصيد البحري واتحاد المرأة وفرعي عمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.
وأعلنت مختلف مكونات المجتمع المدني أنها تطالب، من خلال الإضراب، بعقد مجلس وزاري لتقديم مطالب عاجلة ومطالب آجلة محددة باجال، وأولها طلبات تتعلق بقطاع الصحة .
وفي هذا السياق، اعتبر شكري الدجبي، رئيس الاتحاد الجهوى للفلاحة والصيد البحري، أن الاضراب آلية من الآليات لتغيير واقع ولاية باجة التي قال إنها تحتل المراتب الأولى فى نسب الفقر والبطالة والأمية، بينما تحتل المراتب الأولي في إنتاج مواد حيوية مثل الحبوب، كما تحتوي اكبر نسبة من المياه السطحية.
وصرح بشير زروق، رئيس فرع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، بأن الإضراب “هو تعبير عن رفض تهميش الجهة”، داعيا إلى التحرك لتمكين الجهة من الجيل الثالث والرابع لحقوق الإنسان، وليس الجيل الأول والثاني فقط.
من ناحيته، أكد رئيس الفرع الجهوي لعمادة المحامين، محمد علي الزلاوي، أن “التنسيقية ستعمل على تغيير منوال التنمية الذي لم يعط أي قيمة مضافة للجهة ولثرواتها التي وهبتها لها الطبيعة وجعلتها موطن إنتاج فقط لا يوفر التشغيل والحياة الكريمة”، وفق تعبيره.
وتجدر الإشارة إلى أن ولاية باجة تعرف تحركات احتجاجية منذ بداية أكتوبر المنقضي. وقد قررت هيئة إدارية عاجلة للاتحاد الجهوى للشغل بباجة انعقدت يوم 14 أكتوبر حول الوضع الصحي بالجهة ، بإشراف سامي الطاهري، الأامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المسؤول عن الإعلام، تنظيم مسيرة وتجمع حاشد أمام مقر الاتحاد يوم 17 اكتوبر قبل تنظيم إضراب جهوي عام بالاشتراك مع شركاء الاتحاد.
وكان الوضع الصحي بعد جائحة كورونا، وفشل لقاء ممثلي الجهة مع وزير الصحة، إضافة إلى عدم ادراج اسم ولاية باجة في قائمة الولايات التي ستخصص لها مجالس وزارية فى كلمة رئيس الحكومة هشام المشيشي، بعد تسوية ملف الكامور، من العوامل التي مهدت لتنفيذ هذا الإضراب الجهوي العام.
وقد سبقت الإضراب بيانات وبلاغات مساندة، وإعلانات انخراط فيه، من أحزاب مختلفة الاتجاهات الفكرية، ومنها النهضة وحزب العمال وحركة الشعب والحزب الاشتراكي الدستوري، ومن جمعيات، على غرار جمعية أحرار الوطن ومنتدى التخطيط والتنمية وجمعية ميثاق، إضافة إالى 12 بلدية وهياكل مختلفة بباجة والشمال الغربي.