قال رئيس الحكومة هشام المشيشي ” قد ضاق شعبنا ذرعا من انعدام الاستقرار السياسي الذي يمثّل المعضلة الحقيقيّة امام كل الإصلاحات” معتبرا أن الصراعات وانعدام الثقة بين الفرقاء السياسيّين يضاعف الضغط على واقع البلاد الاجتماعي والإقتصادي المضغوط أصلا.
وأكد المشيشي لدى تقديمه صباح اليوم السبت خلال الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب لبيان الحكومة حول مشروع ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي ومشروع قانون المالية لسنة2021 ، أن الحكومة “تعمل على بناء الثقة عبر الحوار والتشاور المتواصلين ونسعى إلى تطوير العلاقة وتدعيم الارتباط بين الحكومة وشركائها السياسيين”، داعيا كل التونسيين والشركاء الاجتماعيين وكافة المنظمات والأحزاب السياسية والمجتمع المدني إلى ضرورة العمل المشترك على بناء برنامج وطنيّ رائد وطموح، يجمّع، لا يقصي أحدا ويستجيب لتطلّعات بنات وأبناء الشعب.
وبعد ان ذكر بأن الحكومة طرحت حوار إقتصاديا وإجتماعيا حول قانون المالية ومخطط التنمية، لفت رئيس الحكومة إلى أنها تبسط يدها لكلّ مبادرات الحوار البناءة و تدعمها، ومتعهدا بأن تكون هذه الحكومة حكومة العمل والإنجاز وأن تواصل التعامل “بنفس الجرأة وبأكثر عزيمة وأكثر إصرار على التغيير، بأكثر إيمان بالإنتقال الديمقراطي وبضرورة تكريس كل مبادئ دستور”، حسب قوله.
وبخصوص التعامل مع الحراك الاجتماعي قال المشيشي ” بالنسبة لهذه الحكومة، لم يطرح يوما أن تتعاطى مع الحراك الإجتماعي السلمي بمقاربة أمنيّة متغطرسة، هذا لا يليق بتونس الديمقراطية، وبتونس المدنيّة، ولا يليق بتونس المتسامحة، و لا يتماشى مع مقاربتنا التشاركية”، مضيفا أن “زمن التعاطي الأمني الصرف ولّى وإنتهى، وأن الديمقراطية تقتضي وجوبا تشريك الجميع، ليس بمنطق الحاكم والمحكوم وإنما بمنطق التشارك في بناء الوطن وفق رؤية تنموية شاملة وأولويات يساهم في ضبطها أبناء وبنات الجهات لأنفسهم، بالتنسيق مع مختلف الهياكل المركزية والجهوية والمحليّة وبالتعاون مع المنظمات الوطنية” .
واعتبر أن الجميع شركاء في الوطن، ومن حقّ كل مواطن أن يتمتّع بثروات هذه البلاد على قدر السواء أيّا كانت جهته وأيّا كان إنتماؤه، مؤكدا أن الدولة لم ولن تخضع لا للإبتزاز ولا للمحاولات البائسة لليّ الذراع، ولكنها في المقابل لا تقبل إلاّ بالتشارك والحوار وتواجه العنف بقوة القانون، وذلك اعتبارا بأن التنمية لا تتحقق إلا في مناخ هادئ تتضافر فيه جهود الجميع بروح تشاركيّة مسؤولة في إطار منهجيّة حوكمة جديدة.
وذكر بأنه كان عرض على الولاّة خلال الاجتماع بهم الأسبوع الماضي الخطوط العريضة لبرنامج الحكومة في هذا الصدد، ومن أهمّ نقاطه تفعيل اللجان المشتركة بين السلط المركزية والسلط الجهوية والمحلية ومختلف مكونات المجتمع المدني والقوى الحية الناشطة في مختلف الجهات، داعيا ممثلي الشعب إلى الإنخراط مع بقية هياكل الدولة في هذا البرنامج الوطني التشاركي “الذي يضع المواطن في قلب المنظومة التنموية ويعمل على فكّ العزلة عن الجهات وخلق فرص تعاون وتنمية مشتركة بين المركز والجهة من ناحية، وبين الجهات بين بعضها البعض من ناحية أخرى”
وقال “كلنا اليوم مسؤولون عما وصلت إليه تونس، وحتى إن لم نكن مسؤولين عن نتائج السياسات غير الموفّقة، فإنّنا مسؤولون عن تحمل تبعاتها وإصلاحها “، مشيرا الى أن البلاد تفرض اليوم الخوض في معركة مفصلية للخروج من الوضعية الحرجة التي تمر بها، وأن الشعب ينتظر أن يرى نتائجا ملموسة وإنجازات على أرض الواقع ويريد حلولا حقيقية لمشاغله.
وبين في هذا الصدد أن الدولة المسؤولة لا يمكن أن تقبل إن تكون عبئاً على مواطنيها خاصة عبر هذا العجز المزمن والمقيت في المؤسسات العمومية ، مبينا أن الحكومة ستعمل على حماية هذه المؤسسات وستقوم بالتدقيق في المؤسسات العمومية وننشر التقارير بكل شفافية وتطوير حوكمتها وسياستها في الموارد البشرية لتحافظ على الكفاءات وتطورها.