حول عدد من النواب، الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المخصصة لمناقشة ميزانية رئاسة الجمهورية لسنة 2021 عشية اليوم الاحد إلى جلسة “محاكمة وتقييم” لعمل الرئيس قيس سعيد وانتقاد طريقة تعامله وتعامل أعضاء ديوانه مع نواب الشعب الذين اتهمه عدد منهم بالحياد عن دوره كضامن للدستور وموحد لكل التونسيين وعزله لمؤسسة رئاسة الجمهورية و”ترذيله” لبقية السلط ” حسب توصيفهم.
في المقابل طالب عدد هام من المتدخلين بعدم استغلال منبر البرلمان لاستهداف رئيس الجمهورية وتصفية الحسابات الخاصة معه والتركيز في المقابل على مبررات الترفيع في ميزانية هذه المؤسسة بقيمة 29 مليون دينار في ظل الوضع الصعب والدقيق الذي تمر به البلاد إلى جانب تحديد مهام الرئيس والمؤسسات الراجعة له بالنظر وتفعيل دور رئاسة الجمهورية في تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية.
واعتبر سيف الدين مخلوف (ائتلاف الكرامة) أن رئاسة الجمهورية تتصرف كأنها في نظام رئاسي وليس نظاما برلمانيا وهي مسألة من الصعب إصلاحها في العقول، منتقدا ما وصفه ب “قلة احترام من رئاسة الجمهورية لبقية السلط وترذيل قيس سعيد لها في كل مناسبة وعدم القيام بمشاورات معها طبقا لأحكام الدستور”. ومشيرا إلى أن الرئيس لا يتصرف كعنصر توحيد بل كعنصر معارض يؤسس تنسيقيات غير قانونية”.
وقال أسامة الخليفي( قلب تونس) أن الجلسة ليست مجالا لتقييم أداء رئيس الجمهورية وأن هناك هناك منابر مختلفة لذلك والحديث يجب أن يتركز على مناقشة الميزانية، متسائلا عن توجه الرئاسة في ما يتعلق ببعض المؤسسات الراجعة لها بالنظر نحو تعديل القوانين المنظمة لها أو التخلي عنها لرئاسة الحكومة، إلى جانب الاستفسار عن سبب الترفيع في الاعتمادات وإن كانت ستوجه نحو تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية وتكثيف الزيارات الرسمية.
النائب محمد عمار (التيار الديمقراطي) بدوره اعتبر أن النقاش قد حاد عن جوهره وتحول إلى محاكمة لرئيس الجمهورية من قبل “مجموعة كانت قبل سنة ترفع صوره” ، داعيا سعيد إلى تطبيق صلاحياته ومحاكمة الفاسدين الذين يقفون وراء إغراق البلاد بالديون، ومبينا أن الزيادة في الميزانية قد تم تبريرها بصفة مفصلة غير أن النواب ” لم يطلعوا عليها” حسب تقديره.
وتساءل حسونة الناصفي (مشوع تونس) عن سبب بقاء المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية والموفق الإداري و الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية وشركة الخدمات الوطنية والاقامات تحت إشراف رئاسة الجمهورية وميزانيتها، وعن علاقة هذه المؤسسات بالرئاسة ، مطالبا إياه بالسماح بتعديل القوانين المتعلقة بهذه المؤسسات.
وانتقد عدم تمكين النواب من التكوين بالمعهد الدبلوماسي الذي يقدم تكوينا للدبلوماسيين و زوجاتهم ومعهد الدفاع الوطني الذي يمنع النواب أيضا من التكوين فيه للسنة الثانية على التوالي، متسائلا عما يجبر رئيس الجمهورية على التمديد في حالة الطوارئ دون تنفيذ الإجراءات التي يحددها القانون في الوقت الذي يتم فيه تنظيم الاعتصامات ويتم توقيف الإنتاج واجتماعات بالمئات والآلاف في مخالفة صريحة لأحكام قانون الطوارئ.
وشدد على ضرورة أن ترافق حرم رئيس الجمهورية زوجها في الزيارات الرسمية معتبرا إياها شخصية اعتبارية ومحترمة ولا بد أن تقوم بدورها في الأنشطة الاجتماعية على سبيل المثال.
واعتبرت فايزة بوهلال (النهضة) أن هناك من يستثمر في خطاب رئييس الجمهورية ليعطّل المجالات الحيوية للدولة، في إشارة لما تشهده البلاد من تحركات احتجاجية وحالات الاحتقان للمطالبة بالتشغيل والتنمية، داعية رئيس الجمهورية إلى تفعيل الأمر الرئاسي عدد 90 المتعلق بحماية المنشآت البترولية واعتبارها مناطق عسكرية مغلقة
ولفت النائب جوهر مغيربي (قلب تونس) إلى أنه “لا يمكن القيام بإصلاحات دون تحقيق الاستقرار على مختلف المستويات، معتبرا رئاسة الجمهورية تتحمل مسؤولية كبيرة ويمكن لها القيام بهذا الدور بالنظر إلى الإمكانيات التي تتوفر لديها وخاصة الدراسات التي قام بها معهد الدراسات الاستراتيجية .
واعتبرت ليلى حداد (الشعب) ، من جهتها، أنه كان من الأجدر لرئيس الجمهورية أن يتفاعل ويقدم موقفا رسميا بخصوص الاحتجاجات الاجتماعية والأزمة السياسية في البلاد ، مثمنة في المقابل احتضانه لشهداء وجرحى الثورة والتكفل بعلاجهم والترفيع في أجور أعوان الأمن الرئاسي.
وتطرقت النائبة جميلة دبش الكسيكسي (النهضة) إلى مسألة معاقبة تونس من الاتحاد الإفريقي بسبب عدم سداد مساهماتها لهذه المنظمة، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي كان فيه الجميع ينتظر دعم العلاقات مع دول القارة الإفريقية بالنظر إلى الإمكانيات الضخمة وفرص التعاون الكبرى معها لم يحرك رئيس الجمهورية ساكنا ويفاجأ التونسيون بهذه العقوبة التي ستسيئ إلى صورة تونس وسمعتها وتحد من فرص التعاون معها.