ما شاهدته كان فظيعا ..كانت الجثث وكراسي الحافلة وعجلاتها وأمتعة الركاب متناثرة .. كنت ارعي وهرولت الى الهوة الى الوادى بسفح الجبل لافهم ما حصل فى لحظات معدودة ,لم اكن اري ” هكذا تحدث خالد اليتيمي راعي اغنام” بالغرفة” بعين السنوسي من معتمدية عمدون بباجة لوكالة تونس افريقيا للانباء وهو ينظر الى مكان الحادث باسف كبير .
لقد خيم الحزن والاسى على كل انحاء تونس يوم 1 ديسمبر 2019 الذي صادف وقتها يوم احد بعد وقوع ما عرف بفاجعة عمدون المتمثلة فى انقلاب حافلة سياحية تقل 43 شخصا على الطريق الرابط بين عين دراهم وعمدون على مستوى منحدر جبلي حاد وسقوطها في مجرى وادٍ مما ادى الى وفاة 30 شابا منهم 24 شابا قضوا على عين المكان على حافة وادى بعين السنوسي والى اصابة 17 شخصا اخرين تم نقلهم حينها الى مشتشفيات باجة وعمدون وبن عروس وتونس
وتعود الذاكرة بعبد المنعم سومر رئيس الجمعية الجهوية للتطوع فى خدمة الحماية المدنية ليسرد الوقائع كما عاشها “كنا فى اجتماع روتيني فى ثكنة وعند اطلاق صفارات الانذار تنقلنا فورا لانقاذ ضحايا الحادث.. كنا نمتطي السيارة الثانية التى وصلت للمكان.. عملنا فى ظروف لا يعلم بها الا الله فعدد ضحايا النكبة كبير وقد دفعنى هذا الحادث الى مزيد الانخراط فى التحسيس بضرورة التوقي من مثل هذه الحوادث حتى لا نخسر المزيد من شبابنا وابنائنا
انضم الى خالد اليتيمي عدد من سكان القرية التى ما زال الالم يخيم عليها بعد سنة من الحادث معبرين عن هول ما شاهدوه “حادث الحافلة كان اكبر مصيبة لكن قبل الحافلة انقلبت عدة وسائل ثقيلة واساسا شاحنات منها شاحنة محملة بالاسمنت وعدة شاحنات اخرى محملة بالاغذية وفق ما ذكروه .
فى الخضم اشار خالد الى الحائط الاسمنتي الذى بني مؤخرا ليكون حاجزا بين الطريق والوادى معتبرا ان “الحل هوتشييد جسرخاصة وان عدد ركاب الحافلات التى تمر من هذا الطريق كبير فالحاجز الاسمني لا يمكنه ان يوفر حماية جيدة لكنه احسن من لا شيء.
وكان وزير التجهيز نور الدين السالمي قد صرح لمكتب “وات” بباجة بتاريخ 2 ديسمبر 2019 بعد معاينته لموقع الحادث انه “اذن بالانطلاق الفوري فى اعداد دراسة لانجاز جسر بهذه النقطة بتكلفة 200 الف دينار بعد حدوث الكارثة ”
واعلن انه سيتم الدفاع بشراسة على زيادة ميزانية وزارة التجهيز لانجاز المشاريع فى المناطق المحرومة والى تكريس مبدا التمييز الايجابي لهذه المناطق التى بها تضاريس وعرة حسب تعبيره
وقال محسن معز الميلي ل”وات” ان الجسر فرضية من بين الفرضيات التى يتم تدارسها وانه تم فى مرحلة اولي انجاز اصلاحات لتجنب حوادث المرور بالطريق الرابط بين عمدون وعين دراعم حيث تم بناء جدار اسمنتي وتركيز علامات المرور والقضاء علي عدد من النقاط السوداء وسيتم فى مرحلة ثانية اصلاح الطريق وتغيير مساره
ويذكر أنه تم الحكم على صاحب وكالة الاسفار التي تعود لها ملكية حافلة ما عرف بـ “رحلة الموت” بسنتين سجنا من أجل تهمة القتل على وجه الخطأ.
وقد تم فتح تحقيق في حادثة عين السنوسي بمعتمدية عمدون من ولاية باجة، بتهمة القتل العمد مع سابقية القصد وفق الفصل 201 و 202 من مجلّة الاجراءات الجزائية، وشمل التحقيق الممثل القانوني لوكالة الاسفار صاحبة الحافلة وكل من كشف عنه البحث والتحقيق وكان تقرير الخبير الفني قد كشف عن وجود اخلالات فى الحافلة المتقادمة
وكانت لجنة تحقيق برلمانية قد تعهدت بملف حادث عمدون وقدمت تقريرها الى مجلس نواب الشعب ولا تزال جروح حادث عمدون مفتوحة على مختلف المستويات حيث اكد عفيف الفريقي رئيس الجمعية التونسية للسلامة المرورية ل”وات” ضرورة تحمل كل طرف لمسؤوليته فى الرقابة والتفقد وعلى ضرورة الانتصار لحق اهالي الضحايا فى التعويض حيث لم يتلقوا اية تعويضات من شركات التامين حتى الان
وكانت جامعة شركات التامين قد عللت عدم صرف تعويضات لاهالي الضحايا والجرحي بعدم تلقي نسخة من البحث الامني.
وسيبقى حادث عمدون حتى وان اكتملت التعويضات الاكثر دموية و جرحا مؤلما فى ذاكرة باجة وفى ذاكرة تونس التى عرفت فى الخمس سنوات الاخيرة اكثر من 280 33 الف حادث مرور يذهب ضحيتها يوميا اكثر من 3 اشخاص حسب احصائيات قدمتها الجمعية التونسية للسلامة المرورية.