تركزت اهتمامات الصحف التونسية الصادرة، اليوم الخميس، حول عدة مواضيع تخص الشأن الوطني على غرار مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل لعقد حوار وطني ودور رئيس الجمهورية في تجميع التونسيين قبل ‘اندلاع الحريق’ وعودة صراع الهوية الى الواجهة من باب الشؤون الدينية اضافة الى التطرق الى ميزانية 2021 التي يجب أن تناقش اليوم في إطار وطني جامع لتقاسم التضحيات وللحد من تسارع الإنفاق العمومي والتساؤل حول مدى وعي الطبقة السياسية بالوضع الخطير الذي تمر به البلاد.
“من يجمع التونسيين؟”
صحيفة (الشروق)
“قدم الاتحاد العام التونسي للشغل مبادرة للحوار الوطني إلى الرئيس قيس سعيد آملا في أن يتبنى هذه المبادرة ليكون الجامع للتونسيين باعتباره الضامن للوحدة الوطنية وممثل الدولة كما ينص على ذلك الدستور”.
“فرغم أنه لم يعلن إلى حد الآن عن أي موقف من مبادرة اتحاد الشغل فإن تصريحات رئيسة ديوانه، نادية عكاشة، لا تبشر بخير إذ أعلنت أن الفاسدين لا مكان لهم في الحوار الوطني فمن تعني بالفاسدين؟، فالجهة الوحيدة التي يمكن أن تحسم في أمر الفاسدين هي القضاء والى حد الآن لم يحسم القضاء في ملفات أعضاء مجلس نواب الشعب من المشتبه فيهم في الفساد كحزب قلب تونس مثلا الذي كان في المرتبة الثانية في التشريعية بعد أن انتخبه آلاف التونسيين.
فمنطق الاقصاء وتحت أي شعار وفي غياب حكم قضائي بات لأطراف انتخبها الشعب التونسي لا يمكن أن يتلاءم مع الديمقراطية ولا مع الحوار الوطني الذي ينتظر التونسيون أن يخرج البلاد من النفق. فعلى الرئيس قيس سعيد أن يقوم بالدور الذي حدده له الدستور كخيمة جامعة للتونسيين قبل اندلاع الحريق لا قدر الله”.
“صراع الهوية يعود الى الواجهة من باب الشؤون الدينية”
جريدة (الصحافة)
“وكأن تونس الغارقة في أزمتها تحتاج أن تضيف الى حملها ثقلا آخر وكأن مشاكلها الشائكة المعقدة قد حلت جميعها لنخلق اشكاليات جديدة ونحاول فتح أبواب مفتوحة من الاساس. فالمقارنة العجيبة تكمن في أننا خلنا أن الصراعات الهوياتية التي تمثل شغفا بالنسبة الى بعض الاطراف السياسية والتي تقتات منها وبها استعطفت الناخبين ونالت ود قدر منهم، قد ولت وهي التي أوجدتها مناخات سياسية واجتماعية معلومة في السنوات التي تلت الثورة التونسية وعندما كان الاصطفاف الايديولوجي العنوان الابرز للانتخابات التي فاز فيها نداء تونس بأكبر عدد من الاصوات”.
“لكن اذكاء الصراع الهوياتي الذي يتدثر بالدين سرعان ما عاد في أكثر من مناسبة رغم أن الدستور التونسي قد حسم هذا الامر وقطع دابر الكثير من التأويلات والانزلاق بشكل جذري”.
“وهاهو اليوم يعود في رحاب مجلس النواب وذلك خلال مناقشة ميزانية وزارة الشؤون الدينية حيث تحولت هذه الجلسة الى مزايدات بين أكثر من طرف سياسي حول هذه المسألة بالذات. وحاول كل طرف تغذية الصراع مع خصمه من أجل توظيف مسألة الهوية التي حسمها الدستور كما قلنا وهي صفحة طويت بهدف تسجيل نقاط ضد “الاخر” المتمرس كذلك في عدائيته”.
“طبعا هذه الافكار تبدو طوباوية في اللحظة الراهنة على قاعدة أن كل النواب يمارسون التمسرح وبمجرد أن يفتح ‘الميكروفون’ وتسلط عليهم الكاميرا حتى ينبروا في نوبة توتر وصراخ تنهال على المستمع والمشاهد قبل المسؤول الذي يوضع في دائرة التقريع وتوجيه التهم وكأنه تلميذ صغير ارتكب أخطاء فادحة فنال من المعلم عقوبة تزجره عن اعادة فعلته. والحقيقة أن أغلب المسؤولين يكونون في حالة المضطر الى الجلوس بين النواب والاصغاء الى صراخهم واستيعاب توتراتهم المرضية حتى تنتهي الجلسة”.
“عندما سيفرض علينا التقشف”
جريدة (المغرب)
“يبدو أن كل الحكومات التي تعاقبت على البلاد منذ 2011 كانت لا ترى حرجا في التوسع في الإنفاق اعتقادا منها أنها ستدفع بذلك إلى نمو إضافي فكانت النتيجة تفاقما في المديونية وهشاشة أكبر لمختلف منظوماتنا الإنتاجية ثم إذا أضفنا أزمة الكوفيد 19 الى كل ذلك وصلنا إلى نهاية مرحلة أحببنا ذلك أم كرهناه ولعلنا اليوم أمام آخر ميزانية تتوسع في الإنفاق العمومي ،وسوف نجد أنفسنا بعد أشهر قليلة مضطرين إلى تدابير تقشفية قاسية أو تداين بشروط مجحفة أو الاثنين معا فيما يبدو..”.
“عندما نرى أن وزير المالية يقول ويكرر في كل مناسبة أن التداين لا يمثل مشكلة ما دامت للدولة ممتلكات وأراض ..نقول بأن الكارثة تسارع إلينا وأن اللحظة الزمنية التي تفصلنا عن عجز الدولة عن الإيفاء بكل تعهداتها تقترب دون ان نكون قد اعددنا العدة للتخفيف من حدتها ..الجهد الذي لا نقوم به اليوم طواعية سنضطر غدا إلى أضعاف أضعافه دون أن نكون متأكدين من إيجابية النتائج ..”.
“الأفضل للبلاد أن تناقش اليوم في إطار وطني جامع أفضل السبل لتقاسم التضحيات وللحد من تسارع الإنفاق العمومي والحد من الالتجاء إلى الاقتراض وان تنفق على وضع خطة واضحة نقترحها على شركائنا بداية بصندوق النقد قصد عقد اتفاق جديد معه عساه يكون الأخير دون مزايدات سياسوية ومع اتباع لغة الصراحة القصوى مع مواطنينا والإقدام الجدي على شراكات متنوعة بين القطاعين العام والخاص لخلق ديناميكية تنموية دون إنفاق عمومي جديد ..”
“الوضع ينبئ بانفجار قريب، والمسؤولية في استباق الأزمات وفي وحدة الصف الوطني وفي شجاعة مواجهة المشاكل المتراكم والحد من الالتجاء إلى الاقتراض وان تنفق على وضع خطة واضحة نقترحها على شركائنا بداية بصندوق النقد قصد عقد اتفاق جديد معه عساه يكون الأخير دون مزايدات سياسوية ومع اتباع لغة الصراحة القصوى مع مواطنينا والإقدام الجدي على شراكات متنوعة بين القطاعين العام والخاص لخلق ديناميكية تنموية دون إنفاق عمومي جديد”.
“ايقاف المؤامرة ضد الوطن”
صحيفة (الصباح)
“صحيح ان المطالب الموجهة للدولة جلها تعجيزية في وقت تواجه فيه صعوبات كبيرة صحيح كذلك أن ارتفاع وتيرة الاحتجاجات وتزايدها حتى ليبدو كانه لم تبق جهة واحدة دون أن تنتفض بعد وقت وجيز من تسلم حكومة، هشام المشيشي، مهامها يدفع بدوره الى التساؤل حول مدى الوعي بخطورة الوضعية الحالية للبلاد”.
“وصحيح أيضا أن هناك ارادة واضحة في استغلال ضعف الدولة لتحصيل أكثر ما يمكن من الفوائد اذ أنه كلما بان على الدولة الضعف أكثر أظهر الطرف المقابل تشددا أكثر وتمسكا بكل المطالب مع محاولة لجر البلاد للفوضى ببث مشاعر التفرقة واحياء النعرات الجهوية ودفع التونسيين الى التناحر وكل ذلك باسم الحراك الاجتماعي وباسم المطالب المشروعة”.
“لكن كل ذلك لا يخلي ذمة الدولة ولا يبرئها من مسؤوليتها فيما نشهده اليوم من انفلاتات ومن تجاوز واضح للقانون ومن تجاسر عليه. فدولتنا الديمقراطية غارقة في التجاذبات وانساقت وراء حرب المصالح”. وقد ساهمت كل الحكومات التي تواترت على البلاد منذ 2011، من جانبها بنصيب في تأجيج الوضع وفي تراكم المشاكل لفشلها الواضح في الاستجابة ولو للحد الادنى من انتظارات المواطنين. فنحن في النهاية لم نجن منذ 2011، الا العواصف لان السادة الحكام الذين أفرزتهم ‘ثورة الياسمين’ لم يزرعوا في هذا البلد، سوى الرياح”.