تركزت اهتمامات الصحف التونسية الصادرة، اليوم الجمعة، حول عدة مواضيع وأحداث تهم الشأن الوطني أبرزها، التعريج على حديث رئيس الجمهورية، قيس سعيد، عن ‘فاسدين’ لا حق لهم في الجلوس حول مبادرة الحوار الوطني في حين أن الوضع يستوجب توحد جميع التونسيين اضافة الى التطرق الى مذكرات الرئيس الامريكي السابق، باراك أوباما، وتركيزه على سياسة المستشارة الالمانية، أنجيلا ميركل، ومقارنتها بسياسة الحكومات المتعاقبة في تونس وضرورة التوافق حول ‘هدنة اجتماعية’ من طرف المحتجين والدولة لتجاوز الازمة.
“من المقدمات تعرف النهايات ..”
جريدة (الصحافة)
“المقدمات التي وضعها رئيس الجمهورية، قيس سعيد، كلها مقدمات طاردة لكل اشكال الحوار بل هي مقدمات محبطة وكان من المفترض أن يكون الرئيس أول الداعين الى تجميع كل الاطراف السياسية والحزبية والاجتماعية حول مبادرة الحوار الوطني دون اقصاء لاي كان فالمزايدة في هذا السياق والاصرار على ذاك النزوع الشعبوي الرث لم يعد مجديا بل قد يرتد على صاحبه ان استمر على هذه الحال من الاصرار الفارغ على لعب أدوار غيره”.
“فالحديث مثلا عن ‘فاسدين’ لا حق لهم في الجلوس على طاولة الحوار الوطني من المفترض أن يكون مدعوما بحجج وبأحكام قضائية نهائية تؤكد فساد هذه الاطراف وتدينها.. فالمسألة هنا ليست مزاجية ولا انتخابية ولا شخصية أيضا. بل هي تتطلب ادانة قضائية واضحة لا استئناف فيها ولا تعقيب. أما توزيع التهم، مزاجيا، فانه لا يصلح لمثل هذه السياقات التي تستدعي قوة تجمعية قادرة ومؤهلة لهذه الادوار العظيمة التب توحد التونسيين من أجل نجاتهم”.
“والغريب حقيقة أن السيد الرئيس ما يزال مصرا على التصعيد في خطابه وما يزال مستمرا في حديث المؤامرات التي تدبر للانقلاب عليه والتي لا يعلمها غيره، في الواقع، وأصبحت، لتكررها ضمن خطابه، مدعاة حيرة جدية. وكلمته التي ألقاها أول أمس في وجه رئيس الحكومة تدعو حقيقة الى الريبة بل هي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن الحوار الوطني لن يكتب له النجاح ولن تكون له نتائج ايجابية على الوضع العام بل هو قد لا ينعقد أصلا أمام خطاب بهذا التصعيد ‘ليعلم الجميع أن كرسي الرئاسة ليس بشاغر ومحاولات الاستدراج الى مستنقعاتهم ستبوء بالفشل’ فهل بهذا الخطاب سنؤسس لحوار وطني ولعقد اجتماعي ينظم العيش المشترك بين التونسيين”.
صحيفة (المغرب)
“أمامنا باب واحد وحيد لانقاذ البلاد من الغرق … حوار شامل وجامع وشجاع يجمع كل مكونات البلاد سياسيا واجتماعيا ومؤسساتيا نضع قبله كل صراعاتنا الايديولوجية والسياسية بين قوسين ثم نجتمع حول مروية موحدة للازمة ولسبل الخروج منها ونتفق على الطريق السالكة ونبتعد عن كل مغامرة غير محسوبة النتائج ونتوجه الى مواطناتنا ومواطنينا بخطاب جامع ونقترح عليهم عقدا جديدا يضبط تضحيات اليوم وكيفية تقاسمها وشروط الخروج من ‘عنق الزجاجة’ والافق الزمني لرؤية بداية الازدهار المشترك بعد أن نكون قد اتفقنا على كل الاصلاحات الضرورية العاجلة والاجلة”.
“لا جدال اليوم بأن رئيس الجمهورية هو الجهة الوحيدة التي لها شرعية ومشروعية الدعوة لمثل هذا الحوار والقوة الادبية لدفعه الى النجاح وهو الوحيد القادر على جمع الاصدقاء والاعداء حول طاولة واحدة ومن أجل هدف واحد .. انقاذ البلاد دون أن يعني ذلك طمسا للخلافات أو ذوبان الجميع في وحدة وهمية، ولكن الوعي بأن العمل سويا ولو بأهداف نسبية ومنقوصة أفضل للجميع من التمسك برؤية نقية لا يشاطرها أحد”.
“هل لنا زعيم مثل ميركل؟”
صحيفة (الصباح)
“في مذكراته الصادرة هذه الايام تحت عنوان ‘أرض موعودة’ ركز الرئيس الامريكي السابق، باراك أوباما، في الجزء الخاص بسياسته الخارجية عن المستشارة الالمانية، أنجيلا ميركل، معجبا بوصفتها للنجاح والمتمثلة في ‘المهارة والفطنة والصبر’. وقال أوباما ان “ميركل حكمت ألمانيا بشكل منهجي ومنظم بمزيج من المهارة التنظيمية والفطنة الاستراتيجية والصبر الذي لا يتزعزع’ وأن المستشارة الالمانية هي صورة لشعبها الذي لا يعرف الكلل والملل الشعب الصارم والجدي والمتقن لعمله والذي حقق في هذه السنة أكثر من 280 مليار دولار فائض رغم الظرف الصحي الطارئ جراء جائحة كوفيد 19”.
“وبين هذا وذاك شعب قصم ظهره غلاء الاسعار والحاجة والبطالة. افتقد بالامس للسميد والفارينة والحليب والادوية ويفتقد اليوم لقوارير الغاز ولفراش في مستشفى ولقنينة اكسيجين يسترجع بها أنفاسه المنقطعة أصلا جراء مصاعب الحياة وللقاح يمكن أن يجنبه الوباء. شعب أجبر على الطبخ على الحطب وأجبر على اخراج جثث أبنائه من البالوعات..”.
“لقد حولتم بلادنا الى دولة مفلسة تتسول على أعتاب الممولين والمانحين وتنتظر أن تكون بين الدول التي لا تنتظر الاعانات والهبات والصدقات. حولتموها الى مزبلة روما بعد أن سجلها التاريخ لقرون كمطمور روما. حولتموها الى دولة مصدرة للارهاب بعد أن كانت لسنوات تحتل المراتب الاولى وفي تصدير الكفاءات الفسفاط والتمور والقوارص وغيرها من الخبرات التي اندثرت بسبب سياساتكم الخاطئة وفسادكم المفضوح …”.
“هدنة شاملة لتجاوز الازمة …”
صحيفة (الشروق)
“على أصحاب المطالب المختلفة أن يكونوا بدورهم على قدر كبير من المسؤولية الوطنية من خلال الامتناع عن تعطيل المصالح الحيوية للدولة، خاصة الإنتاج والخدمات العمومية والإدارية، والامتناع عن الفوضى والتخريب والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة. فكل تعطيل لن يحل المشكل. بل سيحرم خزينة الدولة من عائدات مالية إضافية. وسيفاقم الوضع المالي للدولة نحو الأسوإ ويعطل قدرتها على تلبية المطالب. كما أن تعطيل مصالح المواطنين لن يحل بدوره المشكل. بل سيزيد في حدة الاحتقان الاجتماعي و الغضب الشعبي تجاه أصحاب المطالب، حتى وإن كانت مشروعة”.
“ويقتضي كل ذلك تظافر جهود مختلف المتدخلين لتقريب وجهات النظر بين الحكومة وأصحاب المطالب وذلك عبر تسهيل الحوار والتفاوض الجدي والمسؤول بينهما وتحقيق التوافق بشكل سريع حول المخرجات القادرة على حلحلة كل المشاكل القائمة دون مزيد من التعطيلات غير أن ذلك يتطلب أولا وقبل كل شيء التوافق حول “هدنة اجتماعية” يلتزم فيها المحتجون بإيقاف تحركاتهم وبالامتناع عن تعطيل الإنتاج ومصالح الدولة والمواطنين. وتلتزم فيها الدولة بالاستجابة في ما بعد للمطالب المشروعة بكل شفافية ووضوح بعيدا عن كل أشكال التسويف والوعود الكاذبة”.
“ولا يمكن لهذه الهدنة أن تنجح إلا إذا تدخلت فيها الأطراف الفاعلة في البلاد لمعاضدة جهود الحكومة، على غرار رئيس الجمهورية، قيس سعيد، باعتباره رئيس كل التونسيين واتحاد الشغل بالنظر إلى وزنه الاجتماعي وسلطته المعنوية والاعتبارية في مختلف جهات البلاد وداخل جل القطاعات شأنه شأن اتحاد الصناعة والتجارة وغيرهما من المنظمات الوطنية. ولا ننسى دور الأحزاب الكبرى باعتبار ما لها من امتداد في الجهات وقدرتها المؤثرة في المواطنين، وأيضا بقية الشخصيات الوطنية التي تحظى بالاحترام والتقدير”.