تطرق رئيس الحكومة هشام المشيشي، لدى اشرافه اليوم الجمعة على اجتماع مجلس الوزراء، عبر تقنية التواصل عن بعد، الى ما تشهده الساحة السياسية من تشنّج وصراع وصل في بعض الأحيان إلى العنف المادي، معربا عن إدانته ورفضه الشديدين للعنف مهما كان مصدره وأياً كانت مبرّراته.
وشدّد المشيشي، على أن الاستقرار السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة المالية والاقتصادية التي تمرّ بها البلاد، مبرزا أنه من دون تحقيق استقرار، لا يمكن للحكومة ان تطلق خطة لإنعاش الاقتصاد وتكريس منوال تنموي أكثر عدالة وأكثر تشاركية.
واعتبر في هذا الصدد، أن التعايش الحضاري والاستقرار السياسي يبدأ باحترام الدولة واحترام مؤسساتها وكل رموزها، والحفاظ على هيبتهم ومكانتهم السياسية والاعتبارية، مبينا أن خلق الأزمات بين المؤسسات أو داخلها ليس فيه فائدة للتونسيين ولا يحافظ على هيبة الدولة ولا يحترم نواميسها.
وصرح في ذات السياق، بأنه لا يحق لأحد أياّ كانت صفته الاعتداء على مؤسسات الدولة، داعيا إلى الكفّ عن بثّ ثقافة التّفرقة ورسائل العنف والكراهية لأن ذلك يُنبئ بخراب الأوطان، مهيبا بالسياسيين والمسؤولين والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني وكل القوى الحية، للمحافظة على الوطن والتحلّي بروح المسؤولية قائلا “قدرنا هو أن نتعايش باختلافاتنا حتى لا تشتّتنا خلافاتنا”.
وأكد أنه في ظل بروز بعض الأصوات الهدّامة والفوضوية الداعية إلى انتهاك المؤسسات الدستورية، في خرق صارخ لكل القوانين والأعراف المدنية، فان التجربة أثبتت أن التونسيين لطالما تعاملوا مع الخلافات وفقا للدستور، ولم يكونوا يوما عبثيّين أو فوضويين، بل احتكموا لمؤسسات الدولة وتحاوروا وأداروا خلافاتهم في سياق مؤسساتي مسؤول ممّا مكّن من المضيّ في البناء الديمقراطي.
وأضاف قوله “الضرورة تقتضي اليوم المواصلة بنفس الروح ونفس الوعي لحماية تونس حتى لا تصبح حصوننا مهدّدة من الداخل”، داعيا الجميع إلى تغليب العقل واعلاء المصلحة الوطنية على كل المصالح حتى تبقى تونس عزيزة صامدة منيعة.
كما عبر المشيشي عن إصرار الحكومة والتزامها بالحفاظ على حقوق كل التونسيين، بما فيها حقوق المرأة التونسية ومكاسبها التي ناضل من أجلها التونسيون على امتداد عقود، مبرزا ضرورة تكريس هذه المكاسب ودعمها، وداعيا الى المساواة الفعلية بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات وأمام القانون، بوصفهما شريكين فاعلين في المجتمع، كما نصّ عليه دستور الجمهورية الثانية.
وقال في هذا الصدد، “لا يُعقل أن يتبنّى البعض خطابا مخالفا أو متضاربا مع مقتضيات الدستور، كما لا يعقل العودة بالزمن إلى الوراء لتطرح نقاشات حسمها دستور 2014 منذ السنوات الأولى للانتقال الديمقراطي”.
وحيّا رئيس الحكومة بالمناسبة، ما تحلى به النواب من روح المسؤولية خلال التصويت على قانون المالية لسنة 2021، حيث تمّ تغليب مصلحة التونسيين رغم الظروف التي رافقت النقاش والتصويت، مؤكدا أن البلاد دخلت في مرحلة جديدة تستوجب التضامن وتضافر جميع المجهودات، وارجاع قيمة العمل والاجتهاد ودفع عجلة التنمية وارساء مناخ سياسي واجتماعي هادئ وسليم يمكّن من إعادة الثقة بين التونسيين ومؤسسات الدولة.
كما أكد في سياق آخر، أن الحكومة لازالت تُتابع الأوضاع الصحية بصفة دوريّة وتدير أزمة فيروس كورونا وتداعياتها على درجة عالية من الجدّية والمسؤولية، معتبرا أنه رغم الصراعات والتجاذبات التي استأثرت باهتمام الرأي العام، الاّ أن الوضع الصحي يبقى في مقدّمة أولويات الحكومة في الفترة الرّاهنة، وتبقى الجهود متواصلة لمكافحة انتشار هذا الفيروس وتوفير اللقاح في أفضل الآجال.