“ايداع نبيل القروي بالسجن … أي تداعيات على المشهد وعلى الائتلاف الحكومي” و”الامل في القضاء” و”صحوة قضائية أم مناورة سياسية؟” و”القضاء المستقل .. ضمانة ضد أخطبوط الفساد”، مثلت أبرز العناوين التي تصدرت الصفحات الاولى للجرائد التونسية الصادرة، اليوم الجمعة.
“ايداع نبيل القروي بالسجن … أي تداعيات على المشهد وعلى الائتلاف الحكومي”
صحيفة (المغرب)
“صدور بطاقة الايداع بالسجن في حق، نبيل القروي، رئيس قلب تونس صاحب الكتلة الثالثة في البرلمان وأحد ركائز الاغلبية البرلمانية الحالية. الحدث الذي شغل الفضاءات العامة في تونس أمس، وقدمت له تأويلات وتفسيرات عدة، لازال بمثابة حدث في بدايته ولا يمكن الجزم بما سيؤول اليه الامر الا بعد صدور قرار قضائي أو توجه تهم صريحة”.
“في انتظار ذلك لهذا الحدث تفرعات وانعاكاسات سياسية صريحة ومباشرة مهما كان التطور الذي سيذهب اليه الملف سواء بتوجيه التهم أو اطلاق السراح. وأولى الانعاكاسات كشفت جزئيا وهي متعلقة بحزب قلب تونس وكتلته التي وجدت نفسها في حالة ‘لخبطة’ “.
“انعكاس اتضح في الساعات الاولى الى أن عقد المكتب السياسي للحزب الذي بحث عن احتواء الامر وانتظار التطورات أي أنه اختار أن لا يصعد في الموقف والاكتفاء ببعض التصريحات ضد أسماء من الخصوم وخاصة الكتلة الديمقراطية وانتقاد ما يعتبرونه شيطنة وتجيشا ضد القروي”.
“ارتباك موقف الحزب يكشف عن حجم المفاجأة التي انفجرت في الائتلاف الحاكم ومكوناته التي صمتت أمس بدورها عن قراءة المشهد وتحديد الخطوات القادمة وهو ثاني التداعيات المباشرة لصدور بطاقة الايداع بالسجن اذ فرض الامر نفسه على الاغلبية البرلمانية. أغلبية تقودها حركة النهضة التي تنظر لايداع حليفها بالسجن على أنه ‘خطر’ يجب أن يقع تقليص أثره على الحركة والبرلمان ويبدو أن الاتصالات جمعت بين قادة الحزبين لضمان عدم تأثر التحالف بينهما بسجن القروي، وانتظار الانتهاء من باقي الاجراءات، انعكاسات الايقاف على الاغلبية البرلمانية والحزام الداعم لحكومة المشيشي، التي بدورها ستكون أول من تطاله الموجات الارتدادية للايقاف”.
“الامل في القضاء”
جريدة (الصباح)
“وأخيرا تم التوصل الى اتفاق يرضي جميع الهياكل الممثلة للقضاة وانفرجت أكبر أزمة في تاريخ القضاء التونسي منذ الاستقلال. ورغم الثمن الباهظ الذي دفعه للاسف المتقاضون بعد تعطل مصالحهم لحوالي شهر فان النظر الى نصف الكأس المملوءة تدفعنا الى القول أنها رب ضارة نافعة وقد يكون مخاض الاضراب خطوة في اتجاه التأسيس لسلطة قضائية قوية مستقلة وفاعلة”.
“وقد لا نبالغ اذا ما قلنا أن الامل اليوم في قضاء تونس وأن تصحيح المسار الحقيقي لما بعد 14 جانفي، لا المزيف الذي يرفعه بعض السياسيين شعارا لا غير طمعا في السلطة، لن يتم الا عن طريق السلطة القضائية القوية والمستقلة”.
“وأول الطريق هو التحرر النهائي من قبضة تهمة قضاء التعليمات التي لاحقت السلطة القضائية قبل الثورة وبعدها ثم الانكباب على الضرب بيد من حديد على الفساد بكل أشكاله وأوكاره داخل السلطة وخارجها ومواجهة لوبيات المال والسياسة والاعمال التي عبثت بالدولة وبالديمقراطية وبثروات البلاد وبمستقبل الاجيال القادمة”.
“العدل أساس العمران هكذا قال ابن خلدون وتونس في مفترق طرق اليوم تنشد وقف العبث والفساد والخراب وبداية البناء والاعمار وللقضاة والسلطة القضائية مسؤولية تاريخية في تحديد الوجهة القادمة فلا تخذلوا هذا الوطن”.
صحيفة (الشروق)
“اليوم، تتجه أنظار كل التونسيين إلى القضاء ليثبت أنه الضمانة الوحيدة للمصلحة العليا للبلاد وللمال العام ولصحة المواطن تجاه كل التجاوزات التي يحاول من خلالها البعض الاستقواء على الدولة عبر المال الفاسد والغطاء السياسي المتوفر لهم. ففي الديمقراطيات الناجحة اقتصاديا واجتماعيا، وهو المسار الذي تتوق إليه تونس اليوم، لا مجال لإنجاح الديمقراطية دون قضاء مستقل وعادل ونزيه وصارم.
ولا يمكن أن يتحقق ذلك دون توفير الدولة كل الظروف أمام القضاء ليكون في مستوى الانتظارات. فالقضاء في حاجة اليوم إلى استقلالية حقيقية تجاه كل من يحاول السيطرة عليه بأي شكل من الأشكال من أجل توفير غطاء للفاسدين ومساعدتهم على الإفلات من العقاب. ولا يمكن أن تتحقق هذه الاستقلالية إلا بتحسين ظروف العمل في المحاكم وتخفيف عبء كثرة الملفات عن القضاة وتحسين أوضاعهم المادية وتوفير الحماية اللازمة لهم.
وعلى هياكل المهنة القضائية أن تلعب من جهتها دورا بارزا في هذه المرحلة وذلك من خلال الصرامة والردع تجاه كل من يحاول – بهدف تسهيل الفساد – الإخلال باستقلالية القضاء سواء من داخل القطاع أو من خارجه، ومن خلال الإحاطة بمنظوريها وتوحيدهم ومراقبتهم وعدم تركهم فريسة لسيطرة السياسيين وغيرهم، وذلك إلى حين تخليص البلاد تدريجيا من هذا الأخطبوط.
“صحوة قضائية أم مناورة سياسية؟”
جريدة (الصحافة)
“ثلاثة أحداث هزت الرأي العام التونسي في الايام الاخيرة وهي بالتاكيد حادثة اضراب القضاة الذي طال اكثر من اللازم بكثير وقضية ميناء سوسة التي اودع السجن لاول مرة وزير في حكومة قائمة وحادثة ايداع بالسجن في حق نبيل القروي”.
“وهي احداث تعطي انطباعا أوليا بأن القضاء بدا يصحو وأن السادة رؤساء المحاكم قد بدؤوا ينفضون عن انفسهم غبار التعليمات ويزيحون رواسب التسلط التي حرمت الشعب التونسي من كشف أطنان من الملفات وحقائق كبيرة كان يمكن ان تغير المشهد السياسي برمته، وكان يمكن أن تضخ الاف المليارات في خزينة الدولة الخاوية، لكن تردد القضاء وركوعه سنين طوال أمام ضغوطات أطراف متنفذة في السلطة السياسية أو تحت عباءة اللوبيات المالية والمافيات الجديدة هو الذي عطل العدالة، وهو الذي كبل الشفافية الحقيقية والاصلاح ومكافحة الفساد، وهو الذي ضيع على تونس عشرية كاملة كان بامكانها أن تحقق فيها تقدما لا بأس به، وكان بامكانها أن ترسي مصالحة وطنية حقيقية وأن تطوي نهائيا صفحة الفوضى التسيب وتدخل في باب الانتقال الديمقراطي الحقيقي الخالي من كل شوائب الضغط والابتزاز والتهديد بالملفات والمتاجرة بحقوق الناس”.
“فما جرى في المحكمة الابتدائية بسوسة كان طفرة حقيقية في عالم مكافحة الفساد، هذا الملف الضخم الذي حوله التونسيون الى نادرة من جملة النوادر التي تضحكهم، من كثرة ما وقع ترديده بدون جدوى لكن جرأة قاضي المحكمة الابتدائية بسوسة وعدم اذعانه لضغوط نقابات ‘الباندية’ التي تجمعت أمام المحكمة في محاولة لجعله يتراجع عن قرارته، ولثنيه عن تطبيق العدالة، جعلته يصر على عدم التراجع، وخير أن يحكم القانون وميزان العدالة، وأن يحمي حقوق البلاد التي تريد مافيات النفايات ان تغرقها في عالم الامراض والتلوث، وأن يضع حدا لجشع مافيات لا تشبع من امتصاص الدماء”.