يعتبر الفنان أشرف النمري مختلفا عن غيره من الفنانين . فقد تحدّى إعاقته الجسدية وتجاوزها وانتصر عليها واستطاع أن يتميّز في عالم الرسم بالرغم من أنه لا يرسم بيديه بل برجله اليسرى .
وبما أنه لا يؤمن بالمستحيل وبأن الرحلة لا بدّ أن تتواصل فقد قرّر الفنان أشرف النمري أن ينظّم افتتاحا لعرض أعماله الفنيّة يوم الجمعة 25 ديسمبر الجاري ببهو مسرح الأوبيرا بمدينة الثقافة بالعاصمة ابتداء من الساعة الخامسة مساء إلى الساعة السابعة والنصف مساء.
ويتواصل هذا المعرض الخاص بهذا الفنان إلى غاية يوم 22 جانفي 2021 في نفس المكان.
وتهدف هذه التظاهرة التي تتبناها وترعاها مجموعة ” BETA ” إلى التعريف بالأعمال الفنية لهذا الفنان المتميّز والترويج لها خاصة أن أشرف النمري أثبت في الواقع أنه فنان خارق للعادة من خلال إيمانه بأن الحرمان من اليدين لا يعني أبدا أنه ليس لنا موهبة وليس لنا أدوات أخرى نستطيع بواسطتها أن نبرز للناس جميعا تلك الطاقات .
وسبق للشاب التونسي أشرف النمري الذي يعتبر أول رسام يعاني من الإعاقة الجسدية يحصل على بطاقة رسام محترف أن نظّم سلسلة من المعارض سمّيت ” الإرادة ” وكانت الأولى في المهدية سنة 2017 ثم بتونس في السنة ذاتها ليختمها بصفاقس في 2018 وهي السنة التي حصل فيها على بطاقة الاحتراف.
وقد اختار أشرف الذي يرسم بشكل رائع بقدمه اليسرى الحصان (رمز الإرادة والتحدي) لهذه السلسلة من المعارض ليبرز مهاراته في الرسم. ولم تكن الإعاقة التي يعاني منها حاجزا أمام رغبته الجامحة من أجل إبراز مواهبه بواسطة قدمه اليسرى.
وقد صرح أشرف بكثير من الإصرارفي أكثر من مرّة قائلا : ” لكل شخص موهبة نائمة في داخله … نحتاج فقط لاستفزازها لتحقيق أهدافنا “.
وللإشارة فقد شارك أشرف عندما كان صغيرا و بفضل معلمته في كثير من المسابقات المدرسية و تمكن من الفوز بها.
وبإشراف من مؤسسة خيرية سويسرية متخصصة في دعم الشباب ذوي الاحتياجات الخاصة تلقى أربع سنوات من تعليم الفنون التشكيلية في ورشة الراحل محمد مطيمط إلى أن حصل على شهادته. ثم قضّى بعد ذلك عامين مع جمعية “بسمة” التي نظمت له معرضا في تونس.
التاريخ و الطبيعة و الحصان … مصادر إلهام
في شهر فيفري 2020 بدأ الجمهور يتعرف بشكل تدريجي على الفنان الشاب خاصة بعد اللقاء الذي أجراه معه الرئيس قيس سعيد.
وبعد تلك المقابلة جلب الشاب أشرف أنظار الرئيس المدير العام لمجموعة « BETA » فقدم له عرض رعاية ليفتح له الطريق المؤدية إلى مجالي الفن والثقافة على مصراعيه.
وهكذا قررت مدينة الثقافة أن تهديه فضاء ليعرض فيه أعماله الفنية فيما تكفلت مجموعة « BETA » بتكاليف العرض.
“النار والجليد ، صراع ” هذا هو عنوان العرض الذي يحتوي على 27 لوحة من بينها عشر صور لشخصيات سياسية من التاريخ التونسي الحديث.
ومن منطلق أنه رسام بورتريه متميّز مطلع على ألغاز الفن يحاول هذا الشاب أن يجعل من فنه مصدر عيشه لتعكس لوحاته إبداعًا هائلاً وإتقانًا كبيرًا.
ورغم أن التاريخ يعتبر أكبر مصدر للإلهام فإن الشاب يقتبس أيضا من الطبيعة وهذا ما يفسر تبجيله للحصان … هذا الحيوان الذي يرسمه بطريقة سامية مقترنة بمهارة نادرة.
وفي النهاية يعتبر أشرف النمري فنانا ذا مستقبل واضح . موهبته ومعرفته وحساسيته في اختيار الألوان وإتقانه للرسم الزيتي والفن البلاستيكي والتقنيات المختلفة كل هذه الأمور لا تفتح له أبواب الفن التشخيصي فقط بل تتجاوزه إلى الفن في مفهومه الأوسع والأشمل .