دعا مجموعة من القضاة، المجلس الاعلى للقضاء الى “تحمّل مسؤوليته كاملة بلا مماطلة ولا التفاف والتعجيل بإعلان شغور منصب الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وفتح باب الترشح لشغله” إلى حين إتمام البت في الملاحقات التأديبية والقضائية التي طالته، وذلك في علاقة بقرارالجلسة العامة للمجلس الاعلى للقضاء في 16 ديسمبر 2020 والقاضي بتجميد عضوية الرئيس الأول لمحكمة التعقيب في كل هياكل المجلس.
وجاء في هذا البيان الذي امضى عليه 31 قاضيا من مختلف الرتب والاختصاصات وتم نشره يوم امس الاحد ،انه لم يعد من المقبول من الناحية الدستورية والقانونية والأخلاقية والمؤسساتية مواصلة اضطلاع القاضي الطيب راشد بمسؤولية رئاسة محكمة التعقيب لما يؤول له ذلك من اختلال في تركيبة المجلس الأعلى للقضاء والهيئات الدستورية التي يعد فيها عضوا بصفته ولما فيه من مساس بالثقة العامة في هرم المؤسسات القضائية خصوصا والقضاء عموما
كما طالبوا المجلس الأعلى للقضاء بالتزام الشفافية الكاملة فيما تعلق بما نسب للرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد ولوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس سابقا البشيرالعكرمي وذلك بنشر نتائج الأبحاث الإدارية التي تمت في الموضوعين وبتقديم تقارير إعلامية مُفَصّلة في شأنها.
يشار في هذا الاطار ان مجلس القضاء العدلي قرر بجلسته المنعقدة بتاريخ 24 نوفمبر 2020 تعهيد النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بفحوى التسريبات من شبهات جرائم تتعلق بقضايا الشهيدين شكري بالعيد ومحمد البراهمي وشبهات جرائم تتعلق بقضايا إرهابية (تعلقت بوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بشير العكرمي) وقضايا فساد مالي (تعلقت بالرئيس الاول لمحكمة التعقيب الطيب راشد) واعلام المجلس بما سيتم اتخاذه من إجراءات، كمراسلة التفقدية العامة بوزارة العدل لمده بمآل الأبحاث في جميع الشكاوى المرفوعة ضد كل من الطيب راشد والبشير العكرمي في أجل أقصاه أسبوعين.
واشار الممضون على هذا البيان ،ان مجلس القضاء العدلي اصدر قبل ذلك قرارا يقضي برفع الحصانة القضائية عن القاضي المذكور،وهي قرارات كانت على خلفية “الاشتباه في ضلوع أهم شخصية قضائية تونسية في فساد وظيفي تمثل في التلاعب في مسارات إجرائية وأصلية ومآلات ملفات قضائية كبرى تسببت في خسائر مالية كبرى للدولة التونسية” مشيرين الى وجود تهاون في اتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية المؤسسة القضائية، ومحاولات من قوى متعددة لطمس معالم القضية الخطيرة والتغطية عليها وقبرها ومن ثمّة تبديد حقوق الدولة نهائيا مع تأبيد الفساد في القضاء وتحصينه وتقوٍيَته
واوضح القاضي الاداري عمر الوسلاتي (ملحق حاليا بالهايكا) وهو احد الممضين على هذه الرسالة في تصريح لوات ان هذه الرسالة التي تم توجيهها منذ يوم امس الاحد للراي العام نابعة من الاحساس بالمسؤولية وهي مفتوحة للامضاء لكل القضاة للمطالبة باعلان المجلس الاعلى للقضاء لشغور في عضويته اثر تجميد عضوية الرئيس الاول لمحكمة التعقيب الطيب راشد
واضاف في هذا الصدد ان اعلان الشغور يعد مسالة اساسية تتعلق بنزاهة المرفق القضائي في حال وجود شبهة لاحد القضاة في مثل هذه المناصب السامية مبينا ان المجلس الاعلى للقضاء مدعو الى اخذ الاجراءات الاستباقية عبر مطالبته للطيب راشد بالتنحي من منصبه الى حين النظر في الملف التاديبي والنزاع القضائي تماشيا مع قواعد وسلوك نزاهة القاضي حتى لو لم ينص القانون على ذلك معتبرا ان “الاخلاقيات اقوى من القانون”
وبخصوص قرار المحكمة الادارية المتعلق بإيقاف تنفيذ قرار المجلس الأعلى للقضاء في نقلة القاضي بشير العكرمي من خطة وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس إلى خطة مدعٍ عام بالادارة العامة للشؤون الجزائية بوزارة العدل، والذي تم الاعلان عنه مؤخرا قال الوسلاتي انه “قرار شكلي وليس له علاقة بالملف المتعلق بالعكرمي والمعروض على التفقدية وعلى النيابة العمومية”.
وادان القضاة في هذا البيان ،ما اعتبروه حملات تشويه وافتراء طالت مباشرة القضاة الذين تصدوا لممارسات الرئيس الأول لمحكمة التعقيب سواء عبر تقديمهم شهاداتهم للقضاء أو عبر تعبيرهم عن مواقف مطالبة بالمحاسبة ورافضة لكل أنواع التستر على القضية، وندعو النيابة العمومية للبحث الجاد في ارتباط تلك الحملات بالرئيس الاول.
كما طالبوا التفقدية العامة بوزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء والجهات القضائية المختصة بإجراء الأبحاث العميقة والجدية للكشف عن جميع الأشخاص والجهات الضالعة والوسيطة في ملف الفساد المتعلق بالرئيس الأول والقيام بكافة إجراءات تتبعها ومحاسبتها دون تستر أو استثناء.
واكد القضاة في بيانهم بأن القضية “في خطورتها وأبعادها تؤشر لمدى تغلغل الفساد في مؤسسات الدولة وتورط الطبقة السياسية ومراكز النفوذ الاقتصادي والمالي في تغذيته والتستر عليه وحمايته لمواصلة توظيفه خدمة لمصالحها الضيقة…وهو ما لا يُبقي مجالا للسكوت ولا للتخاذل داعين الرأي العام والمنظمات الوطنية والقوى الحية في البلاد لليقظة في متابعة هذه القضية والتجند للدفاع عن مسار شفاف ونزيه وحازم في التعاطي معها”