تباينت آراء أعضاء مجلس نواب الشعب، بخصوص التنقيحات المقترحة للنظام الدّاخلي للبرلمان والتي كان يُفترض أن يشرع المجلس في مناقشتها صباح اليوم الثلاثاء، غير أن الجلسة العامة انطلقت في حدود الساعة الواحدة بعد الزوال أي بتأخير قدره 3 ساعات، بسبب عدم الاتفاق على بعض التّعديلات، إلا أن النواب تقدموا في بداية الجلسة بطلب نقاط نظام طالب فيها بعضهم بتأجيلها لعدم توفر الظروف الصحية الملائمة، في حين طالب آخرون بتعديل جدول أعمالها لتخصيص لمسألة العنف تحت قبة البرلمان.
فقد اعتبرت رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أنّ تنقيحات النظام الدّاخلي “واهية وتتسم بمخالفات قانونية بالجملة”، من بينها غياب المحكمة الدّستورية التي من صلاحياتها البتّ في دستوريّة فصول النظام الدّاخلي، طبق الفصل 120 من الدستور الذّي ينص على أن يعرض النظام الدّاخلي على المحكمة الدّستوريّة، “ممّا يطرح إشكالا قانونيّا عميقا لأنه من المفروض أن يدخل النظام الدّاخلي حيّز التنفيذ، بعد عرضه على المحكمة الدّستورية”.
ولاحظت أن التعديلات المقترحة “أدنى من المأمول بكثير ولم تتطرّق إلى صلب الموضوع في النّظام الدّاخلي للمجلس الذي لم يخضع لإعادة صياغة جوهريّة”، قائلة إن ما يحدث هو “مجرّد عمليّة ترقيعيّة ومحاولة لفرض نمط معيّن داخل المجلس لن يؤدي إلى تحسين الأداء”.
أمّا بالنسبة إلى تغيير طريقة تقديم الّلوائح، من كتلة واحدة إلى ثلث أعضاء البرلمان، (أي إمضاء 73 نائبا على لائحة ما لعرضها على الجلسة العامّة)، بيّنت موسي أنّ “التوّازنات السياسية دائمة التغيّر وأن كتلة الدستوري الحر ستستمر في تقديم اللوائح، كلّما اقتضت الحاجة وستعرضها على النّواب ليتحمّل كلّ مسؤوليّته”.
من جهته، قال رضا الزغمي، عضو الكتلة الدّيمقراطية، “إن تنقيحات النظام الدّاخلي شملت عديد الجوانب، بهدف تجويد عمل البرلمان، من بينها تشديد العقوبات على الغيابات وعلى التشويش داخل الجلسة العامّة”، مبينا أنّ مسألة “السياحة البرلمانيّة” طرحت إشكالا، إذ أنّ اقتراح حرمان النائب من صفته كنائب، نظرا إلى أنه استقال من حزبه الذّي ترشّح عنه، “اعتُبر من قبل بعض النواب بمثابة إقصاء لإرادة النّاخب، باعتبار أن النائب نائب شعب وليس نائب حزب”.
أمّا ناجي الجمل، رئيس لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية، (حركة النّهضة)، فقد أوضح أنه تمّ تعديل أكثر من نصف الفصول الواردة بالنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب وإضافة فصول أخرى، مبيّنا أن التّعديلات في مجملها تعد أكثر من 90 فصلا.
وأفاد بأنّ أبرز التعديلات تتعلّق بإلغاء اللجان الخاصّة والتشديد في الإجراءات المتعلقة بغياب النواب والحد من ظاهرة تغيير النواب للكتل أو ما يعبر عنه بالسّياحة البرلمانية، إضافة إلى الإجراءات المتعلّقة بالحصانة وإجراءات تقديم الكتل البرلمانيّة للوائح والتي وقع تغييرها من إعطاء الإمكانية لكلّ كتلة، (مهما كان حجمها)، من تقديم لائحة، إلى جمع إمضاءات 73 نائبا على الأقل لتقديم اللائحة.
وكانت لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية بالبرلمان، صادقت يوم 17 نوفمبر 2020، على الصيغة النهائية لمقترح تعديل النظام الداخلي للبرلمان وعلى تقرير اللجنة بخصوصه بأغلبية الأعضاء الحاضرين مع تسجيل اعتراض وحيد وتحفظ نائب آخر وذلك بعد عقد 30 جلسة باللجنة.
وقد تم تجميع التعديلات المقترحة في تقرير اللجنة، وفق أربعة محاور أساسية وهي “التعديلات على مستوى هياكل المجلس في إطار تطوير العمل البرلماني” وعلى مستوى “تنظيم آليات ممارسة الوظيفة الرقابية نحو ترشيد الزمن التشريعي وتحقيق النجاعة” وعلى مستوى “الأحكام المرتبطة بممارسة النائب لوظائفه، نحو تعزيز ضمانات أداء الوظيفة البرلمانية ومزيد تنظيمها” وعلى مستوى “سد الفراغ التشريعي الموجود حاليا، نحو ضمان استمرارية عمل المجلس صلب الظروف الاستثنائية”.