شوارع شبه مقفرة ما عدى الدوريات الأمنية التي انتشرت بمختلف أنحاء وشوارع مرجع نظر إدارة إقليم الأمن الوطني بصفاقس، أو عدد قليل من المواطنين الذين خرجوا لقضاء حاجاتهم الأساسية، أو بعض الذين اختاروا أن يترشفوا قهوتهم على عتبات منازلهم في بعض أركان المدينة … محلات تجارية مغلقة باستثناء المغازات الكبرى والمخابز والمرافق الحيوية، على غرار الصيدليات ومراكز الصحة الأساسية والمستشفيات والبنوك ومراكز البريد … هكذا بدت الأجواء وسط مدينة صفاقس، اليوم الجمعة… ثاني أيام الحجر الصحي الشامل الأربعة، التي أقرتها اللجنة العلمية الوطنية، مؤخرا للحد من عدوى فيروس “كورونا” المستجد.
هذا الالتزام بقرار الحجر الصحي الشامل، ولئن خيم على أجواء مدينة صفاقس، غير أنه يخفي في الواقع مشاعر مختلطة من الامتعاض والاحتجاج وحتى التشكيك، لدى بعض المواطنين الذين التقتهم صحفية وكالة تونس إفريقيا للأنباء بصفاقس، والذين ترددت على ألسنتهم، في تصريحات متطابقة، عبارات من قبيل: “أربعة أيام من الحجر الصحي الشامل … قرار لا يسمن ولا يغني من جوع.. فقد كان من الأجدر فرض مدة حجر أطول”، “قرار سياسي أكثر مما هو قرار وقائي، غايته وأد احتفالات ذكرى ثورة 14 جانفي 2011″، “الحل الأمثل للتصدي للفيروس هو الالتزام بالبروتوكول الصحي.. أو فرض الحجر الصحي الشامل مع توفير تعويضات مادية للمواطنين، مثل الدول الغنية”، “فرض الحجر الشامل في دول فقيرة مثل تونس لا يخدم مصلحة المواطنين ولا اقتصاد البلاد”، “السؤال الحقيقي اليوم.. هو متى سيجلبون التلقيح ضد الفيروس ؟”، “ما تراه من التزام بالحجر الصحي الشامل هو من باب الخوف من المخالفات لا غير” …
وكان رئيس جامعة صفاقس، عبد الواحد المكني، قد تساءل خلال اجتماع اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث وتنظيم النجدة بصفاقس، التي انعقدت يوم 4 جانفي الجاري عن بعد بمقر الولاية، عن مدى وضوح الرؤية على مستوى وطني بخصوص الحصول على اللقاح المضاد لفيروس كورونا، داعيا في هذا الصدد إلى ضرورة فتح اكتتاب وطني من أجل الإسراع بتوفير اللقاح ضد فيروس كورونا في أقرب الآجال، وذلك في صورة عدم توفر الإمكانيات المادية للدولة، إضافة إلى تفعيل أقسام كوفيد-19 داخل المستشفيات الجهوية، وتوخي المزيد من الصرامة في تطبيق الاجراءات المتعلقة بتطبيق البروتوكول الصحي.
فرض الحجر الصحي الشامل لمدة أربعة أيام بمختلف ولايات الجمهورية من 14 الى 17 جانفي الجاري، والذي اقرته اللجنة العلمية الوطنية مؤخرا… لئن جوبه بالرفض والامتعاض في صفوف بعض المواطنين المستجوبين في صفاقس، إلا أن الدوريات الأامنية ساهرة على تطبيقه بكل صرامة. وفي هذا الإطار، أفاد الناطق الرسمي باسم إقليم الامن الوطني بصفاقس، رمزي الحاج صالح، في تصريح ل”وات”، بأنه تم منذ يوم أمس الخميس الى حدود منتصف نهار اليوم الجمعة بمختلف المناطق والمعتمديات الراجعة بالنظر لإدارة اقليم أمن صفاقس، حجز 948 بطاقة رمادية و553 رخصة سياقة، وتحرير 189 مخالفة بخصوص عدم ارتداء الكمامة، والغلق الفوري ل23 محلا تجاريا، وإيقاف 57 شخصا مفتشا عنهم، فضلا عن تحرير 123 مخالفة لعدم احترام الحجر الصحي الشامل.
… وبين الالتزام بالحجر الصحي الشامل، توقيا من العدوى بفيروس كورونا، أو تحسبا من ارتكاب مخالفات أمنية والوقوف أمام القضاء، والتوق إلى حلول أنجع، مثل تأمين ظروف السلامة في العمل لضمان لقمة العيش، والحصول على اللقاح ضد فيروس كورونا في اقرب الاجال … يبقى المواطن في صفاقس كغيره في عدد من مناطق الجمهورية يتأرجح بين هذا وذاك في انتظار انزياح تداعيات الجائحة واستعادة الحياة لنسقها العادي.