قال أستاذ القانون الدّستوري، عبد الرزاق المختار، إنّ “الحل السياسي هو الأنسب للمأزق الدّستوري القائم بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة”، والناجم عن رفض رئيس الجمهورية أن يؤدي وزراء جدد اليمين الدستورية أمامه، بسبب “شبهات تضـارب مصالح وفساد” تعلقت بهم، مبينا أنه “سيكون ممكناً في ما بعد إخراج هذا الحل بالوسائل الدّستورية والقانونيّة”.
واعتبر عبد الرزاق المختار، في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء (وات) اليوم الاثنين، أن آداء اليمين والتسمية بالرّائد الرسمي للجمهورية التونسية “إجراءان رئيسيان وواجبان دستوريا تخلّف عنهما رئيس الجمهورية، في حين أنه لا يمكن التّخلّي عنهما أو تجاوزهما”، حسب قراءته.
وأوضح قائلا إن تسمية الوزراء الجدد، هو إجراء بذات أهميّة آداء اليمين، من حيث استكمال الإجراءات ليباشروا مهامهم، مشيرا إلى أنه حسب الفصل 89 من الدستور في فقرته الأخيرة فإنّ تسمية الوزراء المتحصلين على الثقة من البرلمان يجب أن تكون فورية يليها آداء اليمين، في أجل لا يتجاوز 72 ساعة ضمن ما يعرف بالآجال المعقولة.
وفي تعليقه على آراء مختلفة اعتبرت آداء اليمين غير ضروري، لكون الأمر يتعلق بتحوير وزاري ولا يتعلق بتكوين حكومة جديدة، لاحظ أستاذ القانون الدّستوري أنه كان يمكن الذهاب في هذا الاتجاه إذا لم يعرض التحوير على مجلس نواب الشعب من الأساس.
وأضاف قوله في هذا الخصوص “ولكن وبما أن البرلمان اختار أن يعرض التحوير الوزاري عليه لنيل الثقة فمن الواجب بالضرورة إتمام كلّ الإجراءات المتعلقة بأعضاء الحكومة الجدد”، مبينا أنه حتى وإن تمّ تبني هذا الرّأي في ما يخص آداء اليمين فإنّه لا ينسحب على التسمية بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وقال إن الاعتماد كذلك على نظريات مثل “الإجراءات المستحيلة” و”الموظّف الفعلي” لا تحلّ المشكل فعليّا، نظرا إلى أنه سينجر عنها كذلك إشكاليات إداريّة وماليّة ومدى مقبوليّتها على أرض الواقع في ظلّ عدم استكمال الإجراءات، ملاحظا أنه يجب على الوزير أن يتمتع بكامل صلاحياته على غرار الاعتراف بالإمضاء وما يجب اتخاذه من قرارات مالية وإدارية.
وذكّر أستاذ القانون الدّستوري عبد الرزاق المختار بأن هذا المشكل القائم في أصله “نزاع اختصاص” كان من الممكن حلّه لو كانت المحكمة الدستورية موجودة.
وفي رأي مخالف، كان أستاذ القانون الدّستوري أمين محفوظ اعتبر، في تصريح سابق لـ(وات)، أنه في ظل عدم وجود المحكمة الدستورية تصبح قراءة رئيس الجمهورية للدستور هي المرجّحة، وذلك استنادًا إلى الفصل 72 من الدّستور، الذي ينص على أن “رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور” .
وتابع قائلا إنّ “الفصل 72 من الدستور يسمح اليوم لرئيس الجمهورية، وفي ظلّ غياب المحكمة الدستورية، أن تكون له الكلمة الفصل في كلّ نزاع بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أو البرلمان، وأن تطبّق قراءته للدستور”.
وأوضح أن تقلّد منصب وزاري يمرّ بالضرورة عبر ثلاث مراحل، وهي نيل الثقة في مجلس نواب الشعب ثمّ التّسمية من قبل رئيس الجمهورية وأخيراً آداء اليمين أمامه، وقال إنه “إذا لم تتم هذه المراحل الثلاثة فإنه لا يمكن للشـخصية المقترحة ان تمارس مهامها الوزارية”.
يذكر أن 11 شخصية مقترحة في التحوير الوزاري المقترح من رئيس الحكومة هشام مشيشي، تحصّلت على ثقة أعضاء مجلس نوّاب الشعب خلال جلسة عامّة يوم الثلاثاء الماضي 26 جانفي 2021.
وكان رئيس الجمهورية صرّح، قبل جلسة نيل الثقة، بأن بعض الشخصيات المقترحة في التحوير الوزاري تتعلق بها قضايا أو لها ملفات تضارب مصالح، وقال إن من تعلقت به قضية لا يمكن أن يؤدي اليمين، معتبرا أن “آداء اليمين ليس إجراء شكليا بل هو إجراء جوهري”.