اكد رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي في بيان وفيديو نشرهما على صفحته بالفسيبوك أن الازمة السياسية الحالية تشكل تهديدا للوحدة الوطنية وللدستور ومؤسساته.
وعبّر عن تعاطفه مع الرؤساء الثلاثة الذين دعاهم إلى تغليب مصلحة الدولة والشعب ووضعها فوق كل اعتبار مهما بدا شرعيا، مشددا على أنه لا حل اليوم للأزمة إلا بهدنة سياسية توقف كل صراع حول صلاحيات واضحة المعالم في الدستور – على الأقل لحد انتهاء الازمة الصحية – وعدم تضييع مزيد من الوقت في سجالات لا طائل من ورائها لأحد وخاصة للبلاد.
كما دعاهم الى إنهاء الخلاف الحالي بخصوص تركيب الحكومة بشكل يحفظ ماء الوجه للجميع ويمكّن هذه الحكومة من التفرغ لأهم مهامها أي محاربة الوباء وتخفيف المعاناة الاقتصادية عن الشعب.
وفي ما يلي نص البيان:
“تتخبط تونس في وضعية غير مسبوقة تظافرت عليها ثلاث أزمات في نفس الوقت:
-الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي وباء الكورونا. وإن كان هناك بصيص من الأمل نظرا لتناقص الحالات المسجّلة، فإن نهاية النفق ما زالت بعيدة نتيجة ظهور الطفرات الجديدة للفيروس وسرعة انتشارها وخاصة تأخر التلقيح والوقت الضروري الذي سنحتاج لحماية كل الشعب.
-الأزمة الاقتصادية التي فاقمتها الازمة الصحية مما أدى وسيؤدي أكثر فأكثر لتسارع انهيار الطبقة الوسطى نحو الفقر وغرق الطبقة الفقيرة في مزيد من المعاناة.
-كأن كل هذا لا يكفي حلت بنا مصيبة الأزمة السياسية التي تشهد تعطل الدولة والتهديد المتزايد للدستور ومؤسساته وتصاعد الاحتقان السياسي بين كل الأطراف ،مما يشكل تهديدا على وحدة وطنية مطلوبة أكثر من أي وقت مضى.
أمام وضع بمثل هذه الخطورة، أرى من واجبي كمواطن تونسي وكرئيس جمهورية سابق أن أعبّر عن رأيي أمام المأزق الحالي الذي تمرّ بها بلادنا وتصوّري للخروج منه.
أولا: لأنني عانيت الأمرّين من صعوبة ممارسة الحكم ومن سهولة نقده، فإنني، وأن أتعاطف مع
الأستاذ قيس سعيد رئيس الجمهورية والشيخ راشد الغنوشي رئيس البرلمان والأستاذ هشام المشيشي رئيس الحكومة، أطلب منهم وضع الأهمّ فوق المهمّ، ومصلحة الدولة والشعب فوق كل اعتبار مهما بدا شرعيا، لا حل اليوم للازمة إلا بهدنة سياسية توقف كل صراع حول صلاحيات واضحة المعالم في الدستور – على الأقل لحد انتهاء الازمة الصحية – وعدم تضييع مزيد من الوقت في سجالات لا طائل من ورائها لأحد وخاصة للبلاد، وإنهاء الخلاف الحالي بخصوص تركيب الحكومة يحفظ ماء الوجه للجميع ويمكّن هذه الحكومة من التفرغ لأهم مهامها أي محاربة الوباء وتخفيف المعاناة الاقتصادية عن الشعب.
ثانيا: ما يتطلبه الوضع الدقيق وما يفرضه الواجب على الطبقة السياسية والإعلامية تخفيض الاحتقان الحالي بوقف كل حملات التصعيد السياسي والإعلامي وخاصة تهديد طرف بعزل رئيس منتخب وطرف آخر بعزل رئيس برلمان هو الآخر منتخب.
مثل هذه الحملات شبيهة بالتحريض على الفوضى والتقاتل بين أفراد طاقم سفينة بصدد الغرق أي أنها اللامسوؤلية مجسدة في أقوال وأفعال وأشخاص.
ثالثا: التظاهر السلمي للتعبير عن موقف سياسي وللدفاع عنه في إطار القانون ودون التعدي على الأمن الجمهوري الذي لا علاقة له اليوم ببوليس الدكتاتورية، حق ضمنه الدستور ولا يجوز لأحد في التعرض له. لكن على المظاهرات أيا كانت القوى السياسية التي تدعمها ألا تكون للتجييش وصب الزيت على النار وبث الكراهية بيننا. ومن ثم أدعو كل الأطراف لأقصى قدر من ضبط النفس واللسان حتى لا يكون العنف اللفظي من أي طرف كان تمهيدا للعنف الجسدي الذي نجحنا والحمد لله في حماية شعبنا منه.
وختاما إن من واجب كل المواطنين والمواطنات في كل المستويات من المسؤولية السياسية والاقتصادية والإعلامية والاعتبارية تجنيد كل طاقاتهم والتدخل أينما وجدوا وبالصيغة التي يرونها الأصلح لوقف منحى خطير يقود تونس نحو المجهول.
إن واجبنا جميعا كمواطنين في هذه الظروف البالغة الصعوبة التحلّي بأقصى قدر من المسؤولية والرصانة لندعم بعضنا البعض ونرفع معنويات بعضنا البعض ونعيد للشعب احترامه للساهرين على الشأن العام وثقته في التضحيات التي يطلبونها منه. هكذا سنعبر جميعا إلى برّ الأمان ونحفظ لتونس أي للتونسيين والتونسيات مستقبلا يحقق أحلام الشهداء وكل الذين بنوا هذا الوطن على مرّ العقود.
ولا بدّ لليل أن ينجلي””