كشفت محكمة المحاسبات في تقريرها السنوي الصادر مؤخرا عن وجود إخلالات عدة تتعلق باحداث المؤسسات الخاصة ومراقبتها، موصية وزارة الصحة بردع كل المخالفين.
وتتمثل هذه التجاوزات، حسب التقرير 32 لمحكمة المحاسبات، بالأساس في محدودية الرقابة عند إحداث المصحات الخاصة وعند تركيز التجهيزات الثقيلة والمشعة بها، وبضعف الرقابة على حفظ الصحة ومقاومة التعفنات الاستشفائية والأدوية والمستلزمات الطبية بهذه المصحات.
واتضح من خلال المهمة الرقابية لمحكمة المحاسبات أن 90 بالمائة من المصحات الخاصة تتمركز على الشريط الساحلي للبلاد، بسبب عدم وجود استراتيجية واضحة المعالم تأخذ بعين الاعتبار الأولويات والتوجهات الوطنية بخصوص إحداث المؤسسات الخاصة وترافق نظام كراس الشروط المعتمد.
وخلص التقرير إلى عديد الإخلالات التي ارتكبتها المصحات الخاصة ومراكز تصفية الدم الخاصة في ما يتعلق بشروط السلامة والوقاية بالبنايات، موصيا بضرورة مراجعة كراس الشروط وإضفاء الجانب الردعي على المصحات المخالفة ومزيد تكثيف الرقابة في جميع مراحل إحداث المصحات.
وكشف التقرير عن تدني ظروف حفظ الصحة وارتفاع نسبة التعفنات الاستشفائية عبر التهاب الكبد الفيروسي صنف “ج” ببعض مراكز تصفية الدم الخاصة وعدم احترام المقاييس المتلعقة باستغلال هذه المراكز بسبب محدودية الرقابة المنجزة على هذه المراكز من قبل وزارة الصحة.
وأوصى التقرير بوضع استراتيجية لإحكام الرقابة على المصحات الخاصة ولاسيما على التجهيزات الطبية الثقيلة والتجهيزات المشعة بها، مشيرا إلى تركز التجهيزات الثقيلة بالشريط الساحلي مقابل افتقار الجهات الداخلية بالقطاع العام أو الخاص لتلك التجهيزات مثل آلات التصوير بالرنين المغناطيسي.
وأكد التقرير أن المصحات الخاصة تجاوزت بكثير المدة القصوى لاستغلال التجهيزات الثقيلة حيث لوحظ أن 86 بالمائة من تجهيزات العلاج بالأشعة وكافة تجهيزات الطب النووي قد تجاوز مدة استغلالها 10 سنوات وأن 51 بالمائة من قاعات القسطرة القلبية و69 بالمائة من أجهزة المفراس يتجاوز عمرها 5 سنوات.
وفي ما يتعلق بالتجهيزات المشعة ساهم نقص الموارد البشرية المختصة بالمركز الوطني للحماية من الأشعة في عدم إخضاع 54 بالمائة من تراخيص اقتناء تلك التجهيزات للرقابة وهو ما لايسمح بالتاكد من جودة التجهيزات المشعة ومدى مطابقتها لمعايير السلامة الإشعاعية، وفق التقرير.
من جانب آخر بلغت نسب عدم المطابقة حول التصرف في نفايات الأنشة الصحية 43 بالمائة بالنسبة إلى المصحات الخاصة و50 بالمائة بالنسبة إلى مراكز تصفية الدم الخاصة. وحسب التقرير بقيت رقابة وزارة الصحة على المصحات الخاصة ومراكز تصفية الدم الخاصة ضعيفة جدا.
فبالرغم من أن 80 بالمائة من النفايات التي تفرزها مراكز تصفية الدم تصنف كنفايات خطرة إلا أن 57 بالمائة من تلك المراكز لم تتعاقد مع شركات مرخص لها لنقل النفايات ومعالجتها مما يطرح تساؤلات خطيرة حول سلامة وإحكام التصرف في رفع هذه الفضلات الخطرة.
وأوصت محكمة المحاسبات بضرورة التنسيق بين وزارتي الصحة والبيئة لإحكام الرقابة على التصرف في نفايات الأنشطة الصحية وتسليط العقوبات المستوجبة على المصحات والمراكز الخاصة المخلة التي تقوم بجمع ونقل نفايات خطرة عبر مسالك معالجة النفايات العادية والمنزلية.
وتبلغ كمية نفايات الأنشطة الصحية سنويا ما يعادل 18000 طنا منها 8000 طن نفايات خطرة، و30 بالمائة منها تفرزها المصحات الخاصة ومراكز تصفية الدم الخاصة بسبب تزايد عدد المصحات الخاصة (103 مصحة خاصة بطاقة استيعاب 6676 سرير)، وفق ما جاء بالتقرير.
وكشف التقرير ضعف الرقابة على التعقيم بالمصحات الخاصة حيث لم تتول 80 بالمائة من المصحات الخاصة إحداث وتأهيل وحدات للتعقيم المركزي إلى غاية أفريل 2020 بالرغم من انقضاء الآجال المحددة لإعادة تنظيم خدمات التعقيم دون أن تتولى وزارة الصحة ردع المصحات المخلة.
وكشف تقرير محكمة المحاسبات عن عدم تسليط العقوبات المستوجبة قانونيا من قبل وزارة الصحة في حق بعض المصحات الخاصة المخلة بمعايير التعقيم رغم ما تشكله من مخاطر تعفنات على المرضى والمحيط، موصية بردع المخالفين لعملية التعقيم في الإبان وفقا للتشريع الجاري به العمل.
وبين التقرير أنه لم يتم إجراء التقييم السنوي لنشاط حفظ الصحة بوحدات العلاج الاستشفائي بالمصحات الخاصة منذ سنة 2015 وضعف الرقابة على نشاط حفظ الصحة في مراكز تصفية الدم مما ساهم في تدهور ظروف حفظ الصحة وارتفاع خطر العدوى بالتهاب الكبد الفيروسي “ج”.
وكشف التقرير أن مصالح وزارة التجارة لم تتول برمجة مهمات رقابية دورية على المصحات الخاصة من 2015 إلى 2020 للتثبت من نزاهة المعاملات ومراقبة أسعار الخدمات الصحية والفوترة المعتمدة من قبلها، مشيرا إلى تسجيل فوترة مشطة بمبالغ إضافية دون وجه حق للمرضى الأجانب.