وجّه 34 قاضيا من مختلف الرتب رسالة مفتوحة الى اعضاء مجلس القضاء العدلي طالبوا فيها بـ”التعجيل باتخاذ القرارات الاحترازية المُجدية والمتأكدة في حق الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد بصرف النظر عن تقرير التفقدية العامة والاكتفاء بما تضمن ملف رفع الحصانة وتجميد العضوية بالمجلس الأعلى للقضاء وما وصل إليه البحث الجزائي والإداري إلى الآن.”
كما طالب القضاة في الرسالة التي نشرتها “موزاييك” اليوم الثلاثاء 16 فيفري 2021 برفع الحصانة عن الرئيس الأول في بقية الملفات التي تعهّد بها المجلس والتي قالوا انه عُلّق النظر فيها منذ جلسة 24 نوفمبر 2020 لاستكمال بعض الوثائق وايضا ب”التعجيل بإعلان الشغور في خطة الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وبترشيح أهل الكفاءة والنزاهة لتوليها استنقاذا لسمعتها وتداركا لما ضاع من فرص إصلاحها.”
واعتبر القضاة في رسالتهم ان “من شأن إبقاء الرئيس الأول لمحكمة التعقيب في منصبه رغم خطورة ما يُنسب إليه فسح المجال له وتشجيعه على استغلال منصبه ووظيفته وسيطرته على المحكمة وملفاتها ووثائقها وإشرافه على قضاتها وموظفيها وكَتَبَتِها للتمادي في التلاعب بالملفات والمناورة في تعيينها بالدوائر وطمس معالم تجاوزاته وتصفية حساباته مع مُنتقديه والشهود والمُطالِبين بمحاسبته بالشكايات الكيدية وافتعال القضايا وتسليط المدونين المأجورين للتشويه والافتراء والتزييف مع الضغط كذلك على القضاة المُتعهدين بقضاياه سواء بالمحاكم أو بالتفقدية العامة أو حتى بمجلس القضاء العدلي وابتزازهم.”
وعبروا عن ” توجُّس قضائي وعام من استبطان بعض أعضاء مجلس القضاء العدلي وإضمارهم إبقاء الرئيس الأول بمنصبه إلى حين صدور قرار تأديبي بالمؤاخذة أو صدور حكم جزائي بالإدانة طبق ما يتضح من تصريحاتهم الإعلامية ” معتبرين ذلك “توجها استباقيا خطيرا لقرار المجلس يُنبئ بتأبيد الأزمة وتثبيت مُقنّع للرئيس الأول في منصبه وتوفير حماية مؤسساتية جاهزة وخاصة وغير مشروعة له بالتفاف غير مقبول على مسار محاسبته.”
واكدوا ان “تأخر مجلس القضاء العدلي في إزاحة الرئيس الأول من موقعه سمح بـ”تصدير” الشُّبُهات وإلقاء الشكوك حول مصداقية الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين التي يرأسها بصفته وبحكم القانون بما يفسح المجال لارتهانها وابتزاز رئيسها وتوظيفها في غير أدوارها خدمة لمصالح ضيقة وهي المُتعهدة بالنظر التقريري والاستشاري في كبرى المسائل السياسية والدستورية في البلاد.”
وذكروا بأنه سبق للمجلس ان اتخذ بتاريخ 24 نوفمبر 2020 قرارا بإجماع أعضائه برفع الحصانة عن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب في ملف واحد من جملة ثلاث ملفات على أساس شبهة تورطه في قضايا فساد مالي وإداري والتلاعب بملفات قضائية ومآلاتها تسببت في خسارة مالية هامة جدا لخزينة الدولة وبأن المجلس قرر بذات التاريخ مراسلة التفقدية العامة بوزارة العدل لمده بمآل الأبحاث في جميع الشكاوى المرفوعة بالرئيس الأول الطيب راشد وكذلك القاضي البشير العكرمي في أجل أقصاه أسبوعين مشيرين الى انقضاء اكثر من شهرين ونصف على ذلك التكليف وتأخر ورود الأبحاث من التفقدية العامة متهمين المجلس” بالتباطىء والتهاون في اتخاذ القرارات الكفيلة بحفظ شرف القضاء وسمعته واستقلاله ونزاهته كمهام موكولة له بموجب الدستور والقانون والوكالة الانتخابية”
وذكروا بانه صدر بأغلبية مُعززة قرار للمجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 16 ديسمبر 2020 يقضي بتجميد عضوية الرئيس الأول لمحكمة التعقيب بالمجلس الأعلى للقضاء استنادا لأحكام الفصل 40 من قانون المجلس مشيرين الى ان “النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس طلبت مؤخرا من قاضي التحقيق المتعهد سماع الرئيس الأول لمحكمة التعقيب في خصوص جنايات خطيرة وهي تُهم الارتشاء من موظف عمومي وهو الباعث على ذلك، واعتياد غسل الأموال باستعمال خصائص الوظيف، والتدليس ومسك واستعمال مدلس، بما يُنذر باتخاذ إجراءات تحفظية ضده – وهو مباشر لمهامه” مؤكدين ان “مثل هذه الجرائم يُمكن أن تصل إلى التفتيش والحجز وتجميد الأموال وإصدار بطاقة إيداع بالسجن منبهين الى ان ذلك سيُمثل ضربة قاصمة لصورة القضاء وسمعته وجهود إصلاحه لا نُهوض بعدها.”
واستغرب القضاة “عدم اتخاذ المجلس القرار الضروري والمتأكد في إبعاد راشد عن موقع القرار وإيقافه عن العمل وفتح الشغور في الرئاسة الأولى لمحكمة التعقيب رغم كل التطورات الخطيرة ورغم تعزز شبهات تورط الرئيس الأول .
وشددت مجموعة القضاة الموقعين على الرسالة على ان” مجلس القضاء العدلي هو المؤتمن لا فقط على حسن سير القضاء العدلي واستقلاله ونزاهته وسلامة مناخات العمل به وانما أيضا على مصداقية الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ورئيسها وكذلك على نجاح تجربة التأسيس لقضاء مستقل ونزيه الذي ضحّت من أجله أجيال من القضاة والمحامين والحقوقيين وغيرهم” محملين المجلس واعضاءه المسؤولية القانونية والتاريخية في “أيّ تعثّر أو فشل لهذه التجربة وكل التداعيات والأضرار العامة والخاصة المُترتبة عن التأخير في إزاحة الرئيس الأول من منصبه وعن إطلاق يده للعبث بالمؤسسة القضائية وسمعتها “.
ومن بين الموقعين على الرسالة القضاة محمد عفيف الجعيدي وليلى الزين وحمادي الرحماني وأحمد الرحموني وآسيا العبيدي وأنيسة التريشيلي وليلى عبيد وعمر الوسلاتي وسنان الزبيدي وإسماعيل الحاجي وبشير الصحراوي ومحمد الرمضاني وعفاف النحالي ومحمد الخليفي.