عاد الكاتب والاعلامي محمد كريشان في مقال نشره بصحيفة “القدس العربي” الى الرسالة المثيرة للجدل التي وجهها رئيس الجمهورية قيس سعيد الى رئيس الحكومة هشام المشيشي والفيديو الذي تم تنزيله في الصفحة الرسمية للرئاسة قبل سحبه والذي يظهر فيه رئيس الجمهورية وهو يتحدث مع مديرالتشريفات بالرئاسة معتبرا ان السياسة الاتصالية لسعيد جعلته يتعرض لموجة استهزاء قال انها مسيئة له ولشخصه خالصا الى انه لبس له فريق استشاري محملا مديرة الديوان الرئاسي المسؤولية .
وكتب كريشان في هذا الصدد معلقا على موجة السخرية والاستهزاء بالفيديو المسحوب داخل تونس وخارجها ” ما أحوج سعيّد إلى كل هذا وهو لم يمض في موقعه إلا عام واحد ونيف ؟! فقد وصلت الأمور من نقد بعض سياساته ومواقفه إلى السخرية مما يقوم به أو يقول وهذا تحوّل مؤسف. نقد الأداء السياسي لأي مسؤول أمر وارد ومعروف، بل ومطلوب، لكن الاستهزاء مؤلم ومسيء لشخص الرئيس نفسه ولموقع الرئاسة وللبلاد برمتها”.
واضاف” واضح الآن وضوح الشمس أن الرئيس التونسي لا يمتلك أبدا مستشارين سياسيين أصحاب كفاءة، ولا مستشارين إعلاميين يعرفون أصول الاتصال السياسي وأهمية الصورة وخطورة الانطباع الذي يحصل بتراكم متواصل من الصعب تغييره”.
وتابع” لا فائدة في العودة إلى القيمة السياسية أوالإعلامية لنزول الرئيس إلى الشارع متجولا، أو ذهابه إلى سوق للخضرأو ادائه صلاة الجمعة في «حي التضامن» الشعبي وما تبعها من دخوله في مشادة مع أحد المصلّين، ولا إعلان قصر قرطاج عن طرد بريدي مسموم وصل إليه دون اقتناع كبير بهذه الرواية التي لا سند لها، فقد أثار كل ذلك من الجدل ما أثار، بين معجب بتصرفات الرئيس ومنتقد لها، لكن لا مفر الآن من التوقف عند الضرر الكبير الذي أحدثه الفيديو القصير الأخير لأنه مثّل نقلة نوعية في تصرفات يبدو أن الرئيس استمرأها ولا أحد من المحيطين به نصحه بعبثيتها وتهافتها”.
وشدد على ان” أغلب الرؤساء المحترمين في العالم تحيط بهم كفاءات تزن أهمية كل خطوة سياسية وتبعاتها وعلى مختلف سيناريوهات التعامل معها” وعلى انها “تزن بكثير من الحذر والتروّي متى يتحدث الرئيس وأين وكيف وماذا يقول ولمن يوجه رسائله ولأي غرض فلا يتركونه أسيرا لأهوائه أو انفعالاته لأنه ببساطة لا يمثل شخصه بل مجمل الدولة وسمعتها في الداخل والخارج”.
وكتب في نفس السياق” هناك إجماع الآن بعد حديث مع عدد من الزملاء الصحافيين التونسيين على أن الرئيس سعيّد لا يمتلك من هؤلاء أحدا وأنه لا يفعل للأسف الشديد إلا ما يراه هو دون توجيه أو نصح بل إن مديرة ديوانه الآتية إلى عالم المسؤوليات الأولى في الدولة دون تجربة لا في السياسة ولا في الإعلام هي المهندسة الحقيقية لظهوره الإعلامي وبالتالي فهي مسؤولة كذلك عن عثراته المتكررة.”
واضاف منتقدا اداء نادية عكاشة “هي مثلا من لا تسمح للصحافيين بدخول القصر للقيام بعملهم مكتفية بما يسجل مصور القصر دون غيره قبل تنزيله في صفحة الرئاسة بحيث لا يبقى للصحافيين من خيار إلا اعتماد ذلك المصدر لا غير بعد أن تكون هي من رتّبته، صوتا وصورة على مزاجها”.
واستشهد محمد كريشان في الختام بالكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل مشددا على انه كان يقول دائما في معرض انتقاده للرئيس الراحل حسني مبارك “إنه لا بد من الحرص على التفريق بين مقام الرئاسة وشخص الرئيس وبين الوظيفة والدور” معتبرا ان المشكل في تونس هو اختلاط الحابل بالنابل وان ذلك انتج” مشهدا مسيئا آن الأوان لدق ناقوس الخطر من كارثية استمراره.”