في تدوينة نشرها اليوم الجمعة، كشف جوهر بن مبارك مستشار رئيس الحكومة السابق الياس الفخفاخ، أن رئيس الجمهورية قيس سعيد أعلن استقالة حكومة الفخفاخ قبل أن تحدث، مضيفا أن رئيس الجمهورية طلب من الفخفاخ تقديم استقالته.
كما وجه بن مبارك في تدوينته رسالة لما أسماه بقوى “التصنّع الثوري” قائلا “أنتم العبث مجسّدا”.
نص التدوينة:
“اريد ان اروي لكم واقعتين:
الواقعة الأولى:
كنت و قد ارهقتني ثلاث ليالي دون نوم بعد ماراتون مفاوضات تشكيل حكومة الجملي قد خلدت الى نعاس عميق على وقع شعور بالرضا على الجهد الذي بذلته مع صديقي الحبيب. نجحنا في وضع كلّ النقاط على حروفها. حكومة الثورة صارت حقيقة او يكاد فقط سيتولى المجلس الوطني للتيار تاكيد الإتفاق رسميا. السادسة صباحا يرن جرس الهاتف:
– صباح الخير استاذ. كان صوت الغنوشي معروفا و لكن كان على عجلة على غير عادته.
-صباح الخير سي راشد،
– ما الذي حدث مع التيار؟
ارتبكت لانني لا املك ايّ خبر فقط استغربت سؤاله.
-ما الذي حدث؟
– هل فعلا تراجع التيار ؟
-لا علم لي بالامر دعني اتثبت و ساعود اليك بعد دقائق.
لم أصدّق الامر و لكن اعرف ان الرجل لا يتحدث عن هوى فسارعت بمخاطبة م-ع. بعد محاولتين او ثلاث لم اتلقى اي اجابة يبدو ان الرجل قد خلد الى النوم! خاطبت مباشرة بعد ذلك الرجل الثاني في القيادة م-ح.
-صباح الخير ماذا حدث؟
دون مقدّمات او تبرير جاء جوابه صريحا و مباشرا
-نعم حدث ما حدث اعتذر عن الأمر و هذا يوم حزين في تاريخ تونس!
لم استرسل معه اكتفيت بما قال فالرجل مدرك مثلي انّ الأمر جلل و ان زلزالا سيدكّ المشهد في المرحلة القادمة.
الواقعة الثانية:
كنت بمكتبي في رئاسة الحكومة اتحدث مع وفد من شباب قفصة المعتصم حين طلب مني رئيس الحكومة القدوم الى مكتبه. كنت اعرف انه عائد لتوّه من لقاء مع رئيس الدولة و رئيس البرلمان و الأمين العام للاتحاد. دخلت عليه بعد ان اتممت اللقاء مع الشباب و كان الفريق كاملا مجتمعا. شعرت من وجوههم الواجمة ان الأمر جلل.
قال لي مباشرة و كنت لا ازال واقفا مستغربا هذا الجو المشحون:
-طلب مني رئيس الجمهورية تقديم استقالتي. ثمّ ابتسم.
-ماذا فعلت؟
-الى حدّ الآن لم افعل شيئا و لكن اريد رايك حتى قبل ان تسمع راي البقية.
فهمت بسرعة كلّ ما جرى ودون تفكير طويل قلت:
– لا تستقيل هناك لائحة لوم اودعها نوّاب مقامرون بالمجلس عليهم جمع أغلبية مطلقة و لدينا خمسة عشر يوما. و انا على يقين انها غير جديّة و لن يذهب بها احد الى منتهاها هذه معركتنا و علينا خوضها الى النهاية بكلّ شرف و لدينا فرصة حقيقية لتحرير الحكومة من الابتزاز و تثبيت أرضها نهائيا. دعنا نقودهم الى الجنّة بالسلاسل ان اقتضى الأمر.
– لا لا لقد اعلن رئيس الجمهورية استقالتي و قال انني قدّمتها ليلة البارحة.
– وهل فعلت؟
-لا لم افعل بعد.
-وضعك امام الأمر المقضي اذا! هذا موجب آخر لخوض المعركة و عدم التسليم.
-لا لقد قررت الإستقالة و اعادة الأمر للرئيس.
كانت الساعة الخامسة مساء، ادركت و انا في مكتب رئيس الديوان نكتب نص الإستقالة انّ امرا جللا يحدث للتو و ان زلزالا ارتداديا للأوّل سيضرب المشهد من جديد لن تستقرّ البلاد معه قريبا.
لم ارى شيئا سوى غباء مترامي الأطراف عصف بالثورة و معجزة الإنتخابات. ادركت فقط ان حكومة الثورة هي وهم في ذهن الثائرين و انني كنت قد ساهمت في خداع الناس بأمل لا يحمله في صدورهم سوى الثوّار السذّج.
الثورة فعل يصرّف فقط في المضارع الثورة حلم يحتاج الى مشروع و إيمان صادقين و هذا ما سنعمل عليه و ما يجب علينا فعله.
رسالتي لقوى “التصنّع الثوري” مجتمعة، اليوم و بعد كلّ ما جرى لا يحق لأحد ان يستغرب سطوة العربدة و الفوضى و العمالة كان الامر لكم فتركتموه للعابثين. انتم العبث مجسّدا.”