تحولت الجلسة العامة المسائية لمجلس نواب الشعب المخصصة لمناقشة مقترح تنقيح القانون عدد 50 المتعلق بالمحكمة الدستورية، اليوم الأربعاء، إلى مساحة لتبادل التهم بين نواب حركة النهضة ونواب من كتل نيابية مختلفة، بتحمل مسؤولية التعطيل الحاصل في تركيز هذه المحكمة وانتخاب أربعة أعضاء، “بسبب حسابات سياسية، ومحاولات للحصول على الأغلبية للسيطرة على هذا الهيكل الضامن للدستور وللحريات في تونس”.
وأجمع النواب في مداخلاتهم على أن المشهد البرلماني المشتت، وغياب الثقة بين مختلف مكوناته، لن يسمح بانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، داعين إلى المصادقة على المقترح الذي يضمن الحصول على أغلبية معززة، مع تسهيل عملية الانتخاب، على غرار اعتماد أغلبية ثلاثة أخماس.
وعبر الصحبي عتيق (النهضة) عن استغرابه لربط بعض النواب تعطيل المحكمة الدستورية برئيس الجمهورية، مشددا على أن المشهد البرلماني مشتت، ويفرض النزول بالأغلبية المطلوبة لانتخاب أعضاء المحكمة حتى يتمكن البرلمان من التصويت على التركيبة.
واعتبر مروان فلفال (تحيا تونس) أن المجلس أصبح “مدعاة للسخرية بسبب تشريعه للفوضى التي ستنتقل ضرورة للمجتمع”، قائلا إن “هذا المجلس أصبح مكانا للهدم وليس للبناء، ولا يمكن له أن يخرج بحلول وقرارات لفائدة التونسيين”.
وانتقد ما وصفه ب”عمليات الاستقواء، والمرور بقوة وتكميم الأفواه وعدم القبول بالاختلاف”، معتبرا أن “كل ما يهم المجلس هو حسابات من سيكون صاحب الأغلبية في هذه المحكمة، وبنفس عقلية التنظيم والجهاز والاندساس والتمكين والتمكن”، مضيفا قوله “نناقش المحكمة ونحن لا نعلم من سيدخل علينا ويمنعنا من العمل، أعوان أو نقابات أو جهاز سري أو ميليشيا من الميليشيات”.
من ناحيتها، أكدت ليلى حداد (الكتلة الديمقراطية) ضرورة أن يكون المترشح إلى المحكمة الدستورية محل توافق كبير حتى لا تكون الهيئة ضعيفة، معتبرة أن التوافق ضروري بين الأحزاب السياسية وبقاء التعزيز في نسبة التصويت للمترشحين أساسي لضمان حيادية ونزاهة كل من يترشح لهذه المحكمة.
وعبر مصطفى بن أحمد، عن رفضه اعتماد آلية الترشيح من قبل الكتل، موضحا أن ذلك سيجعل المترشح “تحت سيطرة الكتلة التي رشحته وصاحبة الفضل في انتخابه، وبالتالي فإن مصداقيته ستكون محل طعن”.
من جانبه، لفت النائب ميروك كورشيد إلى وجود ضعف في النص القانوني المتعلق بالمحكمة الدستورية، سيضع المشرع أمام مشاكل عملية عند التطبيق، من ذلك أن هذا القانون يعطي للنواب صلاحية انتخاب ثلث أعضاء المحكمة الدستورية، ثم قدم لرئيس الجمهورية صلاحية إصدار أمر رئاسي لتعيين الأعضاء المنتخبين، وحق النقض المادي لأي عضو من خلال ممارسة رقابة لاحقة لعملية الانتخاب.
وقال المنجي الرحوي (الكتلة الديمقراطية) “إن تجاوز الآجال التي وضعها الدستور للمحكمة الدستورية وللمجلس الأعلى للقضاء، كان عن وعي، وفي إطار حسابات تتعلق بالتمكين لا غير”، مبينا أنه قد تم تقديم مرشح “داعشي الفكر لا يحترم علوية الدستور”، حسب قوله، “مهمته تعطيل النظر في الدفع بدستورية القوانين”.
وأضاف “هذا المجلس بطبيعته غير قادر على أن ينتج الخير لتونس وأن يؤسس محكمة دستورية ضامنة للحقوق والحريات، ونحن سمعنا أن الهدف من هذه المحكمة الدستورية هو إحالة هذا الرئيس على هذه المحكمة الدستورية ولا غير، هؤلاء المتآمرون عاجزون عن تقديم الإصلاح في تونس”، حسب تقديره.
وقد أثار تدخل الرحوي حفيظة النائب نور الدين البحيري (النهضة)، الذي اتهمه “ببث الفتنة في المجلس، وإحياء النقاشات الفئوية والتجاذيات السياسية”، قائلا “إن المنجي الرحوي وعبير وجهان لعملة واحدة”، وفق رأيه.
واتهم البحيري الرحوي “بتدمير الجبهة الشعبية”، التي قال “إنها كانت طرفا معنا في الحوارات حول المحكمة الدستورية، وكان لها مرشح”، مضيفا قوله “إن من يريد لتونس أن تكون أوضاعها مرتبكة، ومن ليس له مصلحة في استكمال أهداف هذه الثورة، هو الطرف ذاته الذي يحاول اليوم بث الشكوك حول تركيز المحكمة الدستورية اليوم”.
واضطر رئيس الجلسة، طارق الفتيتي، إلى رفعها 10 دقائق، لتهدئة الأجواء والعودة للنقاش حول التنقيحات المقترحة على القانون الأساسي المتعلق بالمحكمة الدستورية.