قالت المحامية عضو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، حياة الجزار ان “عديد القضاة متعنتون في تطبيق القانون الاساسي عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المراة” رغم دخوله حيز التنفيذ، وذلك خلال تقديم الجمعية اليوم الاربعاء لدراسة حول “نفاذ النساء الى العدالة: الصعوبات والتحديات”.
وأضافت الجزار ان “الجمعية قامت بدارسة حول مدى حسن تطبيق هذا القانون ومعاينة تمشي السلط القضائية عبر الاحكام الصادرة عنها في مكافحة العنف ضد النساء”، معتبرة ان القانون الاساسي عدد 58 “ثوري في مجال مقاومة اشكال العنف ضد النساء لما احتواه من مفاهيم توسعية لجرائم العنف المسلطة عليهن”.
ولفتت الى ان الهوة تظل عميقة بين ترسانة القوانين والاحكام الصادرة في الغرض من قبل عديد القضاة الذين غابت لديهم الارادة لاصدار وتطبيق الاحكام وفق مقتضيات القانون الاساسي عدد 58 لسنة 2017 بتعلة الحفاظ على الوحدة الاسرية، قائلة ان “الامر يعد نتاج عقلية ذكورية ابوية لم تتغير”.
وعالجت الدراسة “نفاذ النساء الى العدالة: الصعوبات والتحديات” اهم العراقيل والتحديات التي تواجهها النساء ضحايا العنف في النفاذ الى العدالة والوصول الى حقهن عند تتبع المعتدين، وذلك من خلال متابعة خاصة لما يقارب 65 حكما جزائيا ومدنيا صادرين بمقتضى القانون الاساسي عدد 58 لسنة 2017 والذي اقر بالفصل 13 جملة من الحقوق للنساء ضحايا العنف.
كما سلطت الدراسة الضوء على الاطار القانوني المنظم لحق النساء للنفاذ الى العدالة والاشكاليات المفروضة من منظور النساء ضحايا العنف والمحاميات المدافعات عن حقوقهن امام السلطة القضائية، بالاضافة الى معرفة مدى تطبيق القانون الاساسي عدد 58 من قبل المحاكم في جانبه المدني والجزائي.
وشخصت الدراسة ايضا المعوقات التي تعترض النساء ضحايا العنف والتي تمثلت في صعوبات مؤسساتية مثل الوصم من قبل اعوان الضابطة العدلية وسوء المعاملة والتحيز الذكوري لبعض القضاة وغياب مكاتب للارشاد القانوني، فضلا عن عدم التمتع بالحق في الاعانة العدلية بصفة الية وعدم وضوح اجراءاتها وغياب دوائر قضائية متخصصة.
ولفتت الدراسة الى غياب مؤسسة المرشد القضائي التي اصبحت فعليا غائبة على مستوى اغلب المحاكم، بما ساهم في استسلام النساء ضحايا العنف وعدم قدرتهن على مواصلة اجراءات التقاضي في ظل غياب التمكين القانوني للنساء، من حيث نقص المعرفة بالحقوق والاجراءات القانونية وعدم معرفة النساء بحقوقهن وعدم اطلاعهن على قانون مناهضة العنف.
وتم التطرق في جانب اخر، الى الصعوبات الاقتصادية خاصة بالنسبة للنساء اللاتي تعشن وضعيات هشة متعلقة بضعف الامكانات المادية لتغطية التكاليف المرتبطة بالاستشارة القانونية، وبحق الدفاع وتكليف التقاضي، ورعاية الاطفال، مما يشكل عائقا امامهن في اللجوء الى القضاء.
وبخصوص مدى التطبيق القضائي للقانون عدد 58، توصلت الدراسة الى انه بالنسبة لجرائم العنف الزوجي، لا توجد رغبة في مقاومته من طرف بعض القضاة، علاوة على التسامح على مستوى الاحكام الصادرة بالمقارنة مع افعال العنف المرصودة وظروف التخفيف التي ينتفع بها المعنفون حتى في الحالات التي يشدد فيها المشرع العقاب من باب المراعاة للظروف الشخصية والاجتماعية والعائلية للمعتدي.
كما استنتجت الدراسة تمكن قضاة الاسرة من اصدار قرارات حمائية تخدم النساء ضحايا العنف باعتماد تاويل واسع لاحكام القانون مما خول لهم اتخاذ تدابير حماية حتى خارج اطار العنف الاسري واستنباط تدابير خارجة عن اطار القانون لتوسيع الحماية.
وتضمنت الدراسة في مجملها مجموعة من التوصيات الخاصة لتلافي النقائص المرصودة في ما تعلق بواقع النساء وممارسة حقهن في النفاذ الى العدالة وحسن تطبيق القانون الاساسي لحماية النساء ضحايا العنف، واخرى عامة تهدف الى تطوير الثقافة المجتمعية وبناء قدرات الاطراف المعنية بالقضاء على العنف ضد النساء.
منى