على إثر تسجيل وفاة رجل يبلغ من العمر 76 سنة أصيل منطقة “قرقور” جنوب مدينة صفاقس، في الأيام القليلة الماضية بسبب الإصابة بداء الكلب، تنقلت اللجنة الوطنية لمكافحة هذا الداء بوزارة الصحة إلى الجهة، اليوم الثلاثاء، وعقدت جلسة عملة بمقر الولاية بحضور والي الجهة وأعضاء اللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث.
واعتبر أعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة داء الكلب بوزارة الصحة، أن وفاة إنسان بهذا الداء يعد مؤشرا خطيرا في مسار مراقبة المرض، ويدعو إلى تكثيف الإجراءات الوقائية ووضع خطة لذلك، سيما وأن الحالة المسجلة في صفاقس هي رابع حالة تسجل في بلادنا منذ بدية السنة الجارية.
وشدّدت رئيسة اللجنة الوطنية لمكافحة داء الكلب بوزارة الصحة، الدكتورة كوثر حرابش، على أهمية التحسيس بخطورة هذا الداء القاتل في مختلف الأوساط والفئات الاجتماعية والعمرية، والتنبيه إلى خطورة العدوى الناتجة عن الاحتكاك بالكلاب والقطط السائبة، التي قد تكون مصابة بهذا الداء أو المملوكة دون أن تخضع للتلاقيح.
كما دعت رئيسة اللجنة، إلى ضرورة أن تشتغل اللجان المحلية لمجابهة الكوارث في مستوى المعتمديات، ولا سيما المعتمديات التي تعرف ارتفاعا لحالات المرض وأعداد الكلاب السائبة، في حصر البؤر التي تعرف انتشارا للداء في الحيوانات والقطعان لتطويق المرض ومنع انتشاره.
وأفاد مدير الصحة الوقائية بالإدارة الجهوة للصحة بصفاقس، الدكتور محمد مخلوف، أنه على مجموع 10 تحاليل أجريت في الثلاثي الأول من السنة الجارية على عشر جثث كلاب سائبة تم قنصها، تم تسجيل 6 إصابات بداء الكلب وهي نسبة مرتفعة.
كما تشير المعطيات المقدمة، إلى أنه في سنة 2020، أصيب 3055 شخصا بعضات كلاب وحيوانات، سجلت أكبر نسب منها في صفاقس المدينة (350 إصابة)، تليها في المرتبة الثانية صفاقس الجنوبية، ثم ساقية الداير، ثم ساقية الزيت، و”هو ما يعني تفشي ظاهرة الكلاب السائبة التي تعد السبب الرئيسي في المرض في هذه المناطق”، وفق قول الدكتور مخلوف.
وأفاد ذات المصدر، أن المناطق الموجودة في الحدود بين ولايتي صفاقس والمهدية ولا سيما معتمديتي جبنيانة والعامرة، تعرف بدورها تفشيا للظاهرة، حيث سجلت بها 653 حالة إصابة بعنوان سنة 2020.
أما خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية، فقد شهد تسجيل 492 إصابة، وتصدرت صفاقس الكبرى الترتيب من حيث عدد الإصابات.
ودعا محمد مخلوف، إلى تكثيف عملية تلقيح الكلاب المملوكة وقنص السائبة منها، مشيرا إلى الكلفة المرتفعة للأدوية جراء عضات الكلاب والتي تفوق 300 ألف دينار جهويا و5 ملايين دينار وطنيا.
وأثار، من جهة أخرى، مشكل غياب مركز مختص في التلاقيح ضد الكلب، داعيا إلى ضرورة القيام بذلك في قسم الاستعجالي في غياب مركز مختص.
واعتبرت ممثلة وزارة الفلاحة في اللجنة، أن مشكل انتشار المرض وظهور أربع حالات وفاة لدى الإنسان بداء الكلب في تونس “ناتج عن ضعف التنسيق بين الأطراف المتدخلة مركزيا وجهويا ولا سيما البلديات والأمن والصحة والفلاحة واللجنة الجهوية لمجابهة الكوارث”. ودعت، إلى ملاءمة الحلول المقترحة من اللجنة الوطنية مع خصوصيات كل ولاية، وإلى ضرورة إشراك جمعية الصيادين في عملية قنص الكلاب السائبة المتزايد عددها بشكل لافت.
ويتدخل في البرنامج الوطني لمكافحة داء الكلب، كل من وزارة الصحة من حيث التحسيس والوقاية، ووزارة الفلاحة في مستوى تلقيح الكلاب المملوكة والتصرف في البؤر الحيوانية، ووزارة الشؤون المحلية والبيئة ممثلة في البلدية تحرص على رفع الفضلات وتساهم في قنص الكلاب السائبة بالتعاون مع السلط الأمنية.
من جهته، شدد والي صفاقس أنيس الوسلاتي، على أهمية مزيد العمل المشترك بين البلديات والأعوان الأمنية والمصالح الفلاحية والصحية مركزيا وجهويا، بما يضمن النجاعة في التدخلات وإحراز نتائج ملموسة في عملية التصدي لداء الكلب وظاهرة الكلاب السائبة، الذي يمر كذلك عبر التقليص من المصبات العشوائية.