قبّل أنس والدته سماح وغادر مسرعا في اتجاه قاعات الامتحان بمركز معهد باردو، في حين بقيت هي خلف السور الخارجي للمعهد تدعو له بالتوفيق في أول اختبار سيجتازه في مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية
لم تغادر سماح وظلت واقفة خلف سور المعهد، رفقة عدد من الاولياء الاخرين، في انتظار خروج الابناء بعد استكمال اختبار مادة العربية، وألسنتهم جميعا تلهج بالدعاء بأن يوفق الله فلذات أكبادهم وأن يتوج جهودهم وتضحياتهم بالنجاح، خصوصا في هذا العام الدراسي الاستثنائي الذي كان صعبا على التلاميذ وعلى الاولياء على حد السواء.
تقول سماح البحري وهي أستاذة في العلوم الطبيعية أنها تشعر بالخوف على ابنها أنس الذي فقد التركيز في الفترة الأخيرة ، خصوصا بعد الانقطاع المطول عن الدراسة بسبب الحجر الصحي، مشيرة إلى أن أغلب المدارس لم تتمكن من استكمال البرنامج الدراسي، وحتى عند اقرار العودة بالنسبة للأقسام النهائية لم يكن الأمر جديا، وفق رأيها، ما اضطرها للتعويل على التدريس في المنزل وعلى الدروس الخصوصية.
وتضيف سماح قائلة: ” لقد تحمل الأولياء أعباء مالية كبرى هذه السنة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، فأنا مثلا لي بنت ستجتاز بعد يومين امتحان شهادة ختم التعليم الأساسي العام، وشقيقها يجتاز بداية من اليوم مناظرة السيزيام ، وقد عولنا أساسا على الدروس الخصوصية لإتمام التعلمات الضرورية وانقاذ ما يمكن إنقاذه، فالأمر يتعلق بمستقبل أبنائنا، في حين أن الكثيرين، ونظرا لظروفهم الصعبة، فضلوا أن لا يتقدم أبناؤهم لاجتياز الامتحانين ومن بينهم أصدقاء لابنتي وابني “.
هدى الورتاني، وهي والدة المترشح يوسف الورتاني، شاطرت رأي سماح وساندتها قائلة :” اليوم من ليس له القدرة على التضحية من أجل أبنائه لن يحصد النتائج المرجوة، الجائحة والانقطاعات المتكررة عن الدراسة، والاجراءات المتخذة للحد من انتشار الوباء، وطول الفترة الفاصلة بين انقطاع الدراسة والمناظرة ، كل هذا له أثر نفسي على الكبار وعلى الأطفال، وسينعكس سلبا على مردود التلاميذ الذين فقدوا التركيز”.
وقد شرع 53 ألفا و875 مترشحا لمناظرة الدخول للمدارس الإعدادية النموذجية 2021 (مناظرة السيزيام)، الاثنين، ب 302 مركز امتحان في اجتياز أول اختبارات هذه المناظرة التي تتواصل على مدى أيام 28 و29 و30 جوان الجاري، من أجل الحصول على مقعد من بين 3525 مقعدا موزعة على 27 مدرسة إعدادية نموذجية، على يتم الإعلان عن نتائجها يوم الأربعاء 14 جويلية القادم.
وفضلا عن التخوفات من تأثير الجائحة والاجراءات المصاحية لها على التحصيل الدراسي لابنائهم ، عبر عدد من الأولياء المرابطين أمام معهد باردو لموفدة (وات) عن خشيتهم من انتقال عدوى فيروس كورونا لأبنائهم ما جعلهم يفضلون الانتظار أمام المؤسسة التربوية للتعجيل باصحطحاب أبنائهم إلى المنزل تفاديا لمخالطة رفاقهم خصوصا في ظل الحديث عن انتشار السلالة الهندية التي تصيب كل الفئات العمرية بما فيها الاطفال.
ويذكر أن عضو اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا، الأستاذ في علوم الفيروس بكلية الصيدلة بالمنستير ، محجوب العوني، أفاد بأن السلالة الهندية لها القدرة على الانتشار بسرعة أكبر بين الأشخاص من مختلف الفئات العمرية ( كبارا وصغارا ).
وقد بادرت وزارة التربية اليوم بقتح 4 مراكز امتحانات خاصة بمصابي كوفيد من المترشيحن لمناظرة السيزيام، وفق ما أفاد به ( وات) مدير عام الامتحانات، عمر الولباني، الذي أوضح أن هذه المراكز موزعة على عدد من المؤسسات التربوية التابعة للمندوبيات الجهوية للتربية ببن عروس ( مصابة واحدة) وأريانة ( 3 مصابين ) وتونس 2 ( 2 مصابين ) وسوسة (مصاب واحد).
وفي انتظارنتائج المناظرة التي ستصدر يوم 14 جويلية القادم ، عبر أولياء التلاميذ الذي تحدثت معهم (وات) عن الامل في أن يتم، عند عملية الاصلاح، مراعاة التأثيرات النفسية على التلاميذ وعلى الاطار التربوي والاولياء الناجمة عن الظرف الصحي الاستثنائي الذي عاشته البلاد في الفترة الماضية والذي لا تزال تعيش على وقعه حاليا.