قدّمت منظمة “محامون بلا حدود” قراءة قانونية وتوصيات إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد ، بخصوص مشروع الصلح الجزائي المنشود لاسترجاع الأموال المنهوبة وإعادة استثمارها لدفع التنمية الجهوية.
و اقترحت المنظمة في بيان اليوم الخميس
ألاّ يربك الصّلح الجزائي مبدأ استقلالية القضاء و المساءلة وذلك من خلال عدم إلغاء المسار القضائي بمجرّد تقديم مطالب صلح وعدم إرباك القضاة المتعهدين بملفات جزائية منشورة، وضمان مبدأ المساءلة عبر مثول طالبي الصلح أمام القضاء (أمام الدوائر الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية في الملفات التي سبق وأن قام المكلف العام لنزاعات الدولة بالحق الشخصي فيها، أو حتى أمام الدوائر الجنائية العادية والدوائر الجنائية المختصة في قضايا الفساد المالي) للكشف عن الانتهاكات في جلسة علنية أمام المحاكم.
كما اقترحت المنظمة ترك القضاء المتعهّد بملفات الاعتداء على المال العام يواصل أعماله ويصدر فيها أحكاما خاصة وأنّ الأشخاص المنسوب إليهم الانتهاك يتمتّعون بقرينة البراءة، وإذا ثبتت الإدانة في حقّهم من خلال أحكام حتّى وإن كانت ابتدائية، فبإمكانهم تقديم مطلب كتابي للصلح واتباع المسار الصلحي المقترح في مشروع القانون.
كما شدّدت منظمة “محامون بلا حدود” على ضرورة ألاّ يغيّب الصّلح الجزائي مبدأ كشف الحقيقة وضمان عدم العود، والكشف للعموم عن تفاصيل عمليّات نهب الأموال العمومية والنصوص القانونية التي تمّ خرقها وبمشاركة مسؤولين نافذين ، من خلال تسجيل جلسات علنية تتضمّن اعتذار ا علنيا لطالب الصّلح على أن تتعهّد اللجنة الوطنية للصلح بنشرها للعموم قبل إبرام الصلح النهائي (على غرار الفيديو الخاصّ بشهادة عماد الطرابلسي في إطار أعمال كشف الحقيقة)، وذلك حفاظا على فلسفة العدالة الانتقالية وضمانا لعدم تكرار التجاوزات.
وأكدت في السياق ذاته إقرار حقّ المناطق-الضحيّة في التمييز الإيجابي طبق الدستور، حيث أكدت أنه ينبغي على اللجنة المحلية للتنسيق واللجنة الوطنية للصلح، في إطار استمرارية الدولة والمؤسسات، ولعدم تكرار نفس الأعمال التي سبق أن عاينتها أجهزة الدولة، تنفيذ برنامج جبر ضرر المنطقة الضحية الذي قدّمته هيئة الحقيقة والكرامة والذي يحتوي أساسا على مشاريع تنموية وإجراءات على المدى العاجل، المتوسط والبعيد، والذي ينطوي على البعد المادي والبعد الرمزي، وذلك من شأنه أن يحقق التنمية والعدالة للجهات المهمّشة، مما يمكن أن يتماشى مع فكرة الصلح الجزائي الموظف للتنمية والمقترح في مشروع القانون.
للتذكير فإن رئيس الدولة قيس سعيد اقترح، خلال لقائه رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، سمير ماجول، يوم 28 جويلية الماضي، إجراء صلح جزائي لاسترداد الأموال المنهوبة، مشددا على أنه لا نية له للتنكيل بأي كان أو للمس من رجال الأعمال.
وأضاف “سيتم إصدار نص حول إبرام صلح جزائي مع المتورطين في نهب المال بعد ترتيب رجال الأعمال ترتيبا تنازليا من الاكثر تورطا الى الاقل تورطا والأموال التي سيتم استردادها ستخصص للتنمية”.
وقال “ان النص سينص على أن رجال الأعمال الأكثر تورطا سيتكفلون بالولايات الأكثر فقرا وأدعوهم أن يجنحوا الى الصلح والمصالحة الجزائية أفضل من السجون”.