يعيش أكثر من مليون تونسي خارج منظومة التغطية الصحية ولا ينتفعون بخدمات التأمين على المرض رغم تزايد احتياجاتهم للعلاج يوما بعد آخر بسبب ظروفهم الهشة، لاسيما مع انتشار جائحة كورونا، وفق ما كشف عنه أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية عبد الرحمان اللاحقة.
وقال اللاحقة في تصريح ل(وات) اليوم الخميس ان “الصندوق الوطني للتأمين على المرض “الكنام” يوفر التغطية الصحية لفائدة 7,5 مليون شخص من عائلات الاجراء و1,5 مليون شخص آخرين من أصحاب المهن الحرة والتي تعد مساهمتهم غير منتظمة، بالإضافة الى تأمين مصاريف علاج العائلات الحاملة لبطاقة العلاج المجاني أي قرابة 750 ألف شخص، في حين يبقى أكثر من مليون مواطن آخرين دون تغطية صحية وليس لوزارة الشؤون الاجتماعية اية معلومات حول هذه الفئة”.
وأضاف ان هذا “الرقم الكبير الذي يمثل حوالي 10 بالمائة من السكان في تونس، يعكس فشل السياسة الاجتماعية بعد مرور أكثر من 60 سنة عن الاستقلال”، لافتا إلى أن الظرف الحالي يتطلب أولا التعرف على المواطنين غير المنتفعين بالتغطية الصحية وادراج وضعياتهم بمنظومة التغطية الصحية.
وأشار الى ان “عدم ادراج هؤلاء المواطنين الذين يعاني جلهم من التهميش، في منظومة التغطية الصحية، حرمهم من النفاذ الى الرعاية الصحية في ظل أزمة جائحة كورونا”، مشددا على ضرورة ان يكون ادراج هذه الفئة بقاعدة المعطيات الخاصة بمستحقي التغطية الصحية، أولوية بالنسبة للفترة القادمة.
وأكد الأستاذ الجامعي، في المقابل، أهمية اعادة النظر في ملف التغطية الصحية بشكل عام، ليشمل تحسين جودة الخدمات وضمان نفاذ المواطنين اليها، مبينا ان تطوير نوعية الرعاية الصحية المسداة يترتب عنه تقليص آجال الانتظار ورفع العقبات أمام الوصول الى الخدمات.
وذكر بان الحق في التغطية الصحية حق كوني وبأن تونس كانت طرفا موقعا على اتفاقية دولية مع منظمة العمل الدولية حول اقرار التغطية الشاملة.
وعزا اللاحقة بقاء مليون تونسي خارج منظومة التغطية الصحية، الى تذبذب الخيارات وعدم اجراء اصلاح هيكلي لنظام التأمين على المرض يؤسس للعدالة في النفاذ الى الحق في الصحة، موضحا في ذات السياق ان عدم تنوع موارد تمويل منظومة التغطية الصحية المتأتية فقط من مساهمات المؤجرين والأجراء يفرض أهمية تقييم قدرة نظام المساهمات على العبور نحو سقف شامل للتغطية الصحية لكل المواطنين.
وتبقى الوضعية المالية لصندوق التأمين الوطني عن المرض “الكنام” من بين الأسباب التي تعيق تنفيذ عديد البرامج المتعلقة بالتغطية الصحية التي اطلقتها وزارة الشؤون الاجتماعية لفائدة العديد من الفئات الهشة على غرار برنامج “احميني” الرامي الى تسهيل إدماج المرأة في الوسط الريفي في منظومة التغطية الإجتماعية والصحية.
ومنذ سنة 2016 طفت أزمة السيولة لدى صندوق “الكنام” بسبب تأخر صرف مستحقاته من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعي، حيث تقدر القيمة الجملية للمستحقات المالية التي لم يتسلمها “الكنام” من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية بنحو 4500 مليون دينار حتى سنة 2020.
وتتوزّع تلك المستحقات بين 2500 مليون دينار متخلدة بذمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و2000 مليون دينار متخلدة بذمة الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.
وتبلغ قيمة الديون المتخلدة بذمة الصندوق الوطني للتأمين على المرض “الكنام” لدى المستشفيات العمومية 400 مليون دينار خلال نفس السنة.