قال رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، محمد مهدي الجلاصي، إنه لابد من “بناء علاقة شراكة مع وزارة الداخلية رغم عديد الإشكالات”، وذلك خلال ندوة صحفية انعقدت اليوم الثلاثاء في مقر النقابة بمناسبة توقيع اتفاق شراكة بين نقابة الصحفيين ومركز جينيف لحوكمة قطاع الأمن.
وأشار الجلاصي إلى المراوحة في علاقة الجهاز الأمني بالصحفيين بين تصعيد الاعتداءات والتضييق على الاعلاميين أثناء آداء مهامهم وبين التدخل لحماية الصحفيين وتأمين سلامتهم الجسدية، مثلما وقع في حادثة تعرض صحفيي التلفزة الوطنية الى الاعتداء بتونس العاصمة من قبل متظاهرين في الآونة الأخيرة.
وأكد نقيب الصحفيين على ضرورة “إنهاء سياسات الإفلات من العقاب وغياب المحاسبة والتتبع الاداري للمعتدين من اعوان الأمن” ، ملاحظا في الوقت ذاته تراجع الاعتداءات المسلطة على الصحفيين في الفترة الأخيرة، بما يفتح الأبواب لبناء شراكة بنّاءة مع وزارة الداخلية، وفق تقديره.
وذكر أن الاتفاقية التي تم توقيعها اليوم مع مركز جينيف لحوكة قطاع الأمن هي اتفاقية طويلة المدى، “باعتبار أهمية دور الاعلام في عملية حوكمة قطاع الأمن”، قائلا إنه “لا يمكن الحديث عن إصلاح أمني في علاقة بالصحفيين دون أن تكون وزارة الداخلية شريكا”.
من جهتها ، أبرزت منسقة وحدة رصد الاعتداءات الواقعة على الصحفيين بمركز السلامة المهنية بنقابة الصحفيين، خولة شبح، أهمية بناء اتفاقيات شراكة ناجعة بين الطرفين، وذلك في علاقة بالاعتداءات على الصحفيين، التي قالت إنه انطلق العمل بها في الشهر الحالي قصد تعزيز سلامة الصحفيين وإتاحة النفاذ إلى المعلومة.
وتحدثت شبح عمّا وصفته بـ”المنعرج الخطير” الذي شهدته علاقة الصحفيين بالجهاز الأمني، مشيرة إلى تسجيل 27 اعتداء يتعلق بالنفاذ للمعلومة والمنع من العمل والاحتجاز التعسفي في الفترة الفاصلة بين 25 جويلية وشهر سبتمبر الماضيين وأكثر من 70 اعتداء على امتداد السنة.
وأضافت أنه لم يتم تسجيل أي اعتداء في الشهر الحالي، “وذلك في إطار مقتضيات الشراكة التي تم اطلاقها بين الطرفين منذ شهر سبتمبر الفارط”، ملاحظة وجود إرادة حقيقية إزاء تراجع الاعتداءات على الصحفيين من طرف الجهاز الأمني.
وأوضحت مديرة مشروع “دعم دور الإعلام في إصلاح القطاع الأمني”، عهد جمعاوي، أنه في إطار تعزيز التعاون المتبادل تم إطلاق المشروع بالشراكة بين النقابة ومركز جينيف لحوكمة قطاع الأمن في اتجاه ترسيخ الثقة بين الصحفيين وجهاز الأمن.
وقالت إن المشروع يهدف بالأساس إلى وضع إطار مرجعي ينظم العلاقة بين الجانبين لتوفير مساحات ناجعة للتواصل والنقاش، فضلا عن وضع ميثاق أخلاقي يحدد حقوق وواجبات الطرفين “تبعا لما شهدته من توتر ومشاحنات بسبب انعدام التواصل”، وفق تعبيرها.
ويتمحور المشروع حول تعزيز التعاون بين الصحفيين ووزارة الداخلية من خلال تنظيم خمسة اجتماعات بين الصحفيين وممثلي وزارة الداخلية على المستويين الوطني والجهوي لرسم الخطوط العريضة لوضع ميثاق أخلاقي.
كما ستنتظم ورشة عمل لمدة ثلاثة أيام بين الصحفيين والمتحدثين الرسميين وأعضاء مكاتب الاتصال بوزارة الداخلية، فضلا عن إصدار دليل مرجعي للصحفيين في علاقة بالصحافة الأمنية وتنظيم 13 دورة تدريبية لفائدة الصحفيين حول مسائل متعلقة بحوكمة قطاع الأمن وإصلاحه.
يشار إلى أنه ستخصص جائزة لأفضل عمل صحفي مختص في حوكمة قطاع الأمن وإصلاحه ممن تابعوا الدورة المخصصة للغرض.