كشفت دراسة حديثة حول أوضاع اللاجئين والمهاجرين في تونس أن جزء كبيرا منهم يعملون في القطاع غير المنظم دون عقود قانونية ما يجعلهم عرضة للاستغلال الاقتصادي وخارج التغطية الاجتماعية وغير قادرين على إرسال تحويلات إلى عائلاتهم بحكم تدني أجورهم أو عدم سداد رواتبهم.
وتعد هذه الدراسة بعنوان “المصاعب المخفية للقوى العاملة الغائبة عن الأنظار: الحياة الاقتصادية للاجئين والمهاجرين في تونس”، ثمرة جهد مشترك بين مركز الهجرة المختلطة في شمال إفريقيا ومؤسسة “هاينريش بأول”.
وأنجزت بناء على استبيان خلال الفترة الممتدة من شهر أفريل 2020 إلى فيفري 2021، وشارك فيه أكثر من 30 جنسية من بلدان إفريقيا والشرق الأوسط، وكان للسودانيين النصيب الأكبر من نسبة المشاركين في الاستبيان يليهم الإيفواريين والاريتريين والكاميرونيين والسوريين.
وقد رصدت الدراسة الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمهاجرين في تونس ومدى توفر فرص العمل وظروف العمل ومخاطره وكذلك حجم الدخل مقارنة بتكاليف المعيشة وإمكانية وصول اللاجئين والمهاجرين إلى الخدمات المالية وإرسال الحوالات المالية.
وأشارت الدراسة، إلى تعرض اللاجئين والمهاجرين العاملين دون عقد قانوني إلى الاستغلال الاقتصادي على نطاق واسع بحسب شهاداتهم. وغالبا ما يمنع بعض اللاجئين وطالبي اللجوء من الحصول على عمل رسمي في ظل عدم وجود قانون تونسي للجوء يضمن حقهم في الوصول إلى سوق العمل وخاصة في ظل عدم تمكنهم في كثير من الأحيان من الوصول إلى عدة وثائق مثل جواز السفر وبطاقة الإقامة.
وذكر العديد منهم أن أرباب العمل يستفيدون من هشاشة وضع اللاجئين والمهاجرين ومن سبل عيشهم غير المستقرة ومن غياب الأطر القانونية المنظمة لعملهم لاسيما خلال جائحة فيروس كورونا المستجد.
وبحسب شهادات المستجوبين غالبا ما تمارس النساء الأعمال المنزلية والتنظيف أو أعمال ضمن قطاع الخدمات كالمطاعم والمقاهي بالأساس وفي دور الحضانة بدرجة أقل، بينما يعمل الرجال في معظم الأحيان في قطاعات البناء والزراعة والصناعة.
وعلى مستوى المخاطر الرئيسية في مكان العمل التي تم الإبلاغ عنها من قبل اللاجئين والمهاجرين مثل العنف اللفظي وعدم قيام أرباب العمل بصرف الأجور في الوقت المحدد، وانعدام الأمان الوظيفي أبرز الصعوبات التي يواجهونها.
وتمت الإفادة أيضا من قبل المستجوبين بأن العنف اللفظي يمثل خطرا يواجهه الأشخاص الذين يعملون بكل من القطاعين الرسمي وغير الرسمي على حد السواء. هذا إلى جانب إمكانية تعرض بعض العاملين إلى خطر عدم سداد رواتبهم.
وتختلف الرواتب التي يتقاضاها المهاجرون فهي تختلف حسب المناطق، إذ يعتبر معدل الاجر الشهري الأعلى في تونس الكبرى خاصة في ولاية بن عروس (783 دينارا) تليها ولاية أريانة (638 دينارا)، في حين تم تسجيل ادنى معدل للاجر الشهري في ولاية سوسة، بحسب الدراسة.
من جهة أخرى، كشف المستجوبون الذين يعملون في القطاع غير المنظم في تونس أن دخلهم لا يكفي عادة لتغطية النفقات الشهرية للمعيشة الأساسية. وعلى هذا الأساس، كان السكن المشترك مع عدة أشخاص للتوفير في سعر الإيجار إحدى آليات التعامل مع هذا الظرف الصعب.
بدورهم، أشار الطلبة المقيمون خاصة في تونس الكبرى أو صفاقس إلى أنهم غير قادرين على تحمل تكاليف احتياجاتهم الأساسية، ما اضطرهم في كثير من الأحيان إلى العمل في القطاع غير الرسمي خاصة وأن المنح أو الدعم المالي المقدم من الأسرة غالبا ما لا يكفيان لتلبية احتياجاتهم.
كما اشتكى جزء منهم من تعرضهم إلى الاستغلال الاقتصادي بسبب تحولهم إلى وضع المهاجرين غير الشرعيين أثناء محاولتهم الوصول إلى سوق العمل وذلك نتيجة انتهاء صالحية التأشيرات الخاصة بالدراسة إثر إكمالهم مرحلة التعليم الجامعي.
ومثلت صعوبة الوصول إلى الخدمات المصرفية تحديا آخر بالنسبة إلى اللاجئين والمهاجرين القادرين على توفير جزء من دخلهم رغم غلاء الأسعار في تونس.
وقد أفاد معظم اللاجئين والمهاجرين الذين تمت مقابلتهم خلال الدراسة بأن الأشخاص الأجانب واجهوا عدة صعوبات أثناء محاولتهم فتح حسابات مصرفية في تونس، أو إرسال تحويلات إلى عائلتهم في الخارج خدمات “ويسترن يونيون” بسبب افتقادهم الوثائق المطلوبة كجوازات السفر أو بطاقات الإقامة.