توالت ردود الأفعال الرافضة والمستنكرة لحادثة الاعتداء على أستاذ التاريخ الصحبي بن سلامة، أمس الاثنين، بمعهد ابن رشيق بالزهراء من ولاية بن عروس، ما تسبب له في جروح بليغة على مستوى الرأس والوجه، استوجبت نقله إلى إحدى المصحات لتلقي الإسعافات الضرورية، ومن ثم الى المستشفى العسكري حيث خضع لسبع عمليات جراحية.
كما دعت الهياكل المهنية والمنظمات، في بيانات أصدرتها، على خلفية هذا الاعتداء إلى ضرورة اتخاذ اجراءات جدية للحد من العنف في المؤسسات التربوية وفي محيطها الخارجي.
وقد أدان في هذا السياق كل من المنظمة التونسية للتربية والأسرة والاتحاد التونسي لأصحاب المؤسسات الخاصة للتربية والتعليم والتكوين، استفحال ظاهرة العنف في المؤسسات التربوية وفي المجتمع داعيان، في بيانين منفصلين لهما، الأطراف المتداخلة إلى التفكير العميق والجدي في إصلاح المنظومة التربوية بهدف وقف نزيف العنف المجتمعي المسلط على الأسرة التربوية.
وجددت المنظمة التونسية للتربية والأسرة، في بيانها، دعوتها لوزارتي التربية والداخلية إلى حماية المؤسسات التربوية وتأمين الإطار التربوي والتلاميذ من المخاطر التي تهدد محيط المدارس والمعاهد، وضرورة دعم إطار التأطير المناسب والكفء بالمؤسسات التربوية.
وشدّدت على أهمية تفعيل الأمر عدد 2260 لسنة 2000 المؤرخ في 10 أكتوبر 2000 والمتعلق بضبط مشمولات المجلس الأعلى للتربية وتركيبته وسير عمله كخطوة “صريحة وهادفة” للشروع في إصلاح المنظومة التربوية والتعليمية.
وعبر الطرفان عن استعدادهما للمساهمة الفاعلة في المجهود الإصلاحي الوطني الشامل في إطار مقاربة تشاركية بين القطاعين العام والخاص لإنجاح المخططات التربوية.
كما اعتبرت الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي المنضوية تحت راية الاتحاد العام التونسي للشغل، الاعتداء المذكور انتهاكا للحرمة الجسدية للإطار التربوي في كل مراحل التربية والتعليم وضربة أخرى إلى المنظومة الوطنية العمومية للتربية والتعليم مؤكدة ضرورة إعادة النظر في مقاربة تعامل الدولة مع المسألة التربوية والتعليمية ووضعها في مقدمة أولوياتها الاستراتيجية.
وبيّنت الجامعة، في بيان لها عشية الثلاثاء، أن هذه الحادثة وما سبقها من اعتداءات عنيفة متواترة ضد الأسرة التربوية والتعليمية ليست سوى انعكاسا لما يعيشه المجتمع من تغييب لأي مرجعية قيمية تضع المربي والمعلم والأستاذ في أعلى مراتب السلطة المعنوية المجتمعية ونتيجة طبيعية للتمادي في تبخيس دور الأسرة التربوية في المجتمع.
ودعت الجامعة النقابات الأساسية المنضوية صلب الجامعة إلى عقد اجتماعات خلال الأسبوع للتداول في معضلة تفشي العنف داخل الوسط التربوي وسبل التصدي لها.
ومن ناحية أخرى طالبت الجمعية الوطنية للأولياء والمربين جميع المتدخلين في الشأن التربوي إلى المبادرة عاجلا بدراسة ظاهرة العنف وتطويقها قبل استفحالها، بتشريك جميع الأطراف دون إقصاء أو إستثناء وخاصة المختصين في علم الاجتماع وعلم النفس وعلوم التربية والثقافة وغيرها.
ورجحت الجمعية في بيان لها، أن السلوك العدائي تجاه المربين عموما، بعد هذه الحادثة التي وصفتها بجريمة “محاولة القتل عمدا”، يعود بالأساس إلى عوامل عديدة من بينها الدور السلبي الذي تلعبه بعض وسائل الإعلام السمعي البصري فضلا عن الفراغ العاطفي الذي يعيشه الشباب في غياب إحاطة شاملة وتأطير مباشر من الأولياء.
ولفتت إلى أن غياب استراتجية واضحة المعالم تضمن التشغيل لعشرات آلاف المعطلين بعد التخرج، ما جعل الآفاق في وجه التلميذ مظلمة ومجهولة المصير علاوة على خلو دور الشباب والثقافة من برامج هادفة ومتنوعة قادرة على إستقطاب التلميذ، حسب تقديرها.
وكانت الجامعة العامة للتعليم الثانوي قد نفذت اليوم الثلاثاء اضرابا احتجاجيا حضوريا على خلفية هذه الحادثة، فيما عبرت الوزارة عن تنديدها بالحادثة والعمل على تمكين المتضرر من جميع حقوقه المادية والمعنوية، وقد فتح تحقيق قضائي في الغرض.