سجلت تونس في السنوات الماضية تراجعا ملحوظا في ترتيبها ضمن تقريرالمنتدى الاقتصادي العالمي عن الفجوة المبنية على النوع الاجتماعي، وذلك نتيجة مواصلة هيمنة الأعراف المجتمعية والأفكار النمطية، التي تحد من المساواة بين الجنسين، حسب ما صرحت به، منسقة برامج هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، بثينة الهمامي.
وبينت الهمامي، في ورشة فكرية انتظمت اليوم الجمعة، بمعرض تونس الدولي للكتاب، بجناح هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أن ترتيب تونس ضمن تقريرالمنتدى الاقتصادي العالمي عن الفجوة المبنية على النوع الاجتماعي سنة 2020 تراجع 34 مرة مقارنة بسنة 2006، حيث احتلت تونس المرتبة 124 سنة 2020 من مجموع 153 بلدا في حين كان في المرتبة 90 سنة 2006.
وأبرزت أن هذه الفجوة المبنية على النوع الاجتماعي، تؤكدها آخر الاحصائيات الوطنية التي أبرزت أن 61 بالمائة من الطلاب في التعليم العالي هم من جنس “الإناث”، في حين تمثل المرأة 1/4 القوة العاملة التي يهيمن عليها الرجال.
وأضافت أن وجود المرأة في المناصب القيادية والسياسية العليا لا يزال ضعيفا، حيث لم تفرز الانتخابات البلدية الأخيرة سوى 19 بالمائة من رئيسات البلديات فضلا عن مشاركة حزبين فقط تترأسهما مرأة في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وأشارت منسقة برامج منظمة الأمم المتحدة للمرأة، أن تونس تحمل ترسانة قانونية تمكن المرأة من التمتع من حقوقها فضلا عن حمايتها من العنف المسلط عليها على غرار القانون عدد 58 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة، لافتة ضرورة الحفاظ على هذه المكتسبات وتفعيلها على أرض الواقع.
وفي سياق آخر، أبرزت أن الأعراف المجتمعية والأفكار النمطية ساهمت في عدم تحقيق المساواة بين الجنسين رغم الضمانات القانونية، مبرزة أن في بعض المناطق تحرم المرأة من حقها في الميراث بتعلة العادات والتقاليد التي تعتبر ذلك “عيبا”.
وأضافت الهمامي أن العائلة التي تعد من مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأولية، عمقت التفرقة بين الجنسين ‘الإبن” والإبنة”، من خلال تحديد الأدوار الخاصة بالمرأة والأدوار الخاصة بالرجل منذ الصغر، مما يبرز هيمنة الأفكار النمطية على المجتمع الذي يؤمن أن للمراة أدوار معينة عليها القيام بها لوحدها على غرار الأعمال المنزلية وتربية الأطفال وغيرها.
وأكدت أنه في العديد من مواصفات الانتداب للعمل، يحدد أصحاب المؤسسة الاقتصادية جنس “ذكر” كإحدى المواصفات المطلوبة للانتداب، بتعلة أن المرأة غير قادرة على إنجاز بعض الأعمال الخاصة بالرجال، وذلك وفق الأفكار النمطية السائدة، مما يعرقل مشاركة ومساهمة المرأة العاملة في العديد من المجالات.
كما أبرزت أن ظاهرة العنف ضد المرأة في تونس مبنية في أغلب الأحيان على الأفكار النمطية ويبرز ذلك من خلال الأقاويل المجتمعية السائدة الموجهة للمرأة المعنفة من قبيل “المرأة ما لها إلا دارها” “ماتشكيش بيه” وغيرها.
وصرحت منسقة برامج في هيئة الأمم المتحدة للمرأة بتونس، أن المنظمة ستنظم مع وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، خلال فعاليات 16 يوما من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي من 25 نوفمبر إلى 10 ديسمبر لهذا العام، نشاطا ثقافيا للتحسيس بدور الرجال في تحقيق المساواة بين الجنسين.
وشددت الهمامي، على أهمية دور الرجال في تحقيق المساواة الذي يعود بالفائدة على الرجال والنساء، لافتة أن أخر الدراسات التي أنجزتها منظمة الامم المتحدة للمرٍاة أثبتت أن الرجل يشعر بالسعادة عند القيام الأدوار النمطية المرتبطة بالمرأة على غرار الشؤون المنزلية وتربية الأطفال.