دعت منظمة “أوفياء” لعائلات شهداء الثورة وجرحاها، رئيس الجمهوريّة، قيس سعيّد، إلى “الرّجوع إلى مسار الثورة الحقيقي”. كما عبّرت عن “رفضها القطعي حالة الارتجال والانفراد بالرّأي في ما يتعلّق بالثورة وإلغاء مؤسّساتها وتوجيه أهدافها، وصولا إلى إلغاء عيدها الرّمزي أي يوم 14 جانفي”، داعية “كل الأوفياء، إلى النزول يوم 14 جانفي 2022 في ذكرى الثورة، لإنقاذ تونس من العبث”.
وقالت رئيسة المنظمة، لمياء الفرحاني، خلال ندوة صحفية تحت عنوان “لن نكون شهود زور”، اليوم السبت بالعاصمة، “يجب على سعيّد أن يتحرّك ويوقف مهزلة تهميش جرحى الثورة وعائلات الشهداء”، معتبرة أن لديه فرصة، حتى يوم 14 جانفي، ليقوم ب” تصحيح المسار بحقّ وليس بمجرّد شعارات والاعتراف بدماء الشهداء وتضحيات الجرحى على مدى 11 سنة”، ملاحظة أن جرحى الثورة وعائلات الشهداء “سيكونون في الصفوف الأولى يوم 14 جانفي، جنبا إلى جنب مع كل الناس الذين استبشروا بالثورة وآمنوا بها”.
واعتبرت أنّ قيس سعيّد فعل كلّ ما فعلته الحكومات السابقة منذ 2011 في علاقة بحقّ شهداء الثورة وجرحاها، “نظرا إلى أنه لا يعترف بتاريخ 14 جانفي، كتاريخ للثورة التونسية، وهو بذلك انقلب على دماء الشهداء ومعاناة الجرحى، كما انقلب الذين حكموا من قبله”، مشيرة إلى أنّ الإنقلاب على الثورة وعلى دماء الشهداء “تم منذ أول يوم من إرساء المجلس الوطني التأسيسي والذي تمّ تحت قبّته، رفض قانون العزل السياسي، وصولا إلى تعيين راشد الغنوشي، رئيس البرلمان المجمدة أعماله منذ 25 جويلية 2021، محمّد الغرياني، (التجمعي السابق) بديوانه وتكليفه بالاهتمام بملف العدالة الانتقالية”.
وأضافت الفرحاني أن “الخطر الدّاهم الحقيقي، هو خطر الوضع الإقتصادي المزري ومزيد تفقير الشعب والرّجوع لدولة البوليس وتقسيم التّونسيين وتغذية الاحتقان الكبير الذي تعيشه فئات واسعة من الشعب التونسي”، داعية الرئيس سعيّد، إلى “التحاور مع الجميع والتوقف عن المسار الاستثنائي والعمل على توحيد كل الفرقاء السياسيين وتغليب المصلحة الوطنية العليا والاهتمام بالحلول الاقتصادية”.
وبيّنت كذلك أنّ الثورة قامت ضدّ الحكم الفردي والاستبداد بالسلطة ولكن رئيس الدولة “في طريقه إلى تكريس هذا الحكم الفردي والتخلي عن كلّ مكتسبات الثّورة، بما فيها مجلس نواب الشعب، على علاّته”.
ولاحظت أن منظّمة “أوفياء” تشدد على ضرورة التمسّك بالمحاسبة، بوصفها شرطا جوهريّا لتأسيس دولة القانون، ابتداء من الأمنيين الذين قالت بخصوصهم: “أكّدنا منذ 2011 على أن محاسبتهم هي المعركة الكبرى وهي المفهوم الحقيقي لهيبة الدّولة، انتهاءً بالمصالحة الحقيقية”.
كما شددت على أن هذه المنظّمة التي تضم عائلات الشهداء والجرحى الذين سقطوا في الفترة ما بين 17 ديسمبر 2010 و14 جانفي 2011 (انتهت بفرار الرّئيس الأسبق زين العابدين بن علي) “متمسّكة بمواجهة كلّ أشكال استهداف القضاء كسلطة مستقلة، رغم المظالم التي عاشتها عائلات الشهداء في المحاكم”، وقالت إنه “لا يشرّفها أحكام قضائية مغلّفة بحسابات سياسية أو ترضيات، على حساب روح القانون ودولة المؤسسات”.
من جهتها قالت وريدة كدّوسي، أمّ الشهيد رؤوف كدّوسي (من مدينة الرّ?اب، ولاية سيدي بوزيد): “استبشرنا بوصول قيس سعيّد للحكم ودعمناه وانتخبناه، لكنّه خيّب أملنا، إذ أنه همّش ملف شهداء الثورة وجرحاها ولم يدفع باتجاه أن تتقدّم أعمال الدّوائر القضائية المتخصصة ولم يدفع باتجاه المحاسبة الحقيقية”، ملاحظة أنّ المصابين وعائلات الشهداء “لن يفرّطوا في الثورة حتى آخر رمق” ومعتبرة أن” من لم يعترف بدماء الشهداء، ليس له عزة ولا كرامة”.
أما ميمون الخضراوي (كاتب عام منظمة أوفياء)، شقيق الشهيد عبد الباسط الخضراوي (قُتل في شوارع العاصمة يوم 13 جانفي 2011)، فقد اعتبر أن قيس سعيّد “حاد كثيراً عن المبادئ التي كان يروّج لها قبل صعوده إلى السلطة”، قائلا إنه “صديق شخصي” لسعيّد وساعده كثيرا في حملته الانتخابيّة، وأنّ ما يفعله الرئيس الآن ليس هو ما انتُخب من أجله”، داعيا إلى “العودة إلى مسار الثورة الحقيقي” وتمكين عائلات الشهداء وجرحى الثورة من المنزلة التي تليق بهم.
وعلى صعيد آخر ذكر الخضراوي أن منظمة “أوفياء” ترفض التخلي عن كلّ مكتسبات الثورة وتغيير الدستور، بهدف ضرب الحقوق والحريات والعودة إلى برلمان مشوّه كما كان عليه سابقا”، حاثّا رئيس الجمهورية على “تشريك الصادقين، للوصول بتونس إلى برّ الأمان”.
يُذكر أن قيس سعيّد كان أصدر يوم 7 ديسمبر 2021، أمراً رئاسياً، غيّر بمقتضاه تاريخ عيد الثورة التونسية، ليصبح يوم 17 ديسمبر، عوضا عن 14 جانفي من كل سنة، وهو ما أثار غضب الكثير من المنظمات ومكونات المجتمع المدني والأحزاب السياسية واعتبروه “تلاعبا بالتاريخ وتهميشا ليوم مفصليّ في تاريخ تونس الحديث”.