أكّد أعضاء في مجلس نوّاب الشعب (أعماله مجمّدة منذ 25 جويلية 2021)، المشاركون في الاحتفالية الافتراضية، اليوم الخميس 27 جانفي، بمناسبة الذكرى الثامنة لختم دستور 2014، “وجود أخطاء وهنات طبعت عمل البرلمان، منذ حوالي ثلاث سنوات”، معتبرين أن ذلك “لا يبرّر تجميد عمل المجلس وتعليق العمل بالدّستور الذّي شاركت في صياغته كلّ مكوّنات المجتمع التونسي، وتبلور بعد نقاشـات معمّقة في جميع المجالات”.
وقال النواب الذين مثّلوا كتل حركة النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة إلى جانب بعض النوّاب مستقلون، “إنّ 25 جويلية هو لحظة فرضتها أحداث وسياقات معيّنة وجاءت لتجيب على تطلعات الشعب في جزء معيّن من حياته، لكنّها انحرفت في ما بعد لتصبح تفرّداً بالسلطة وتجاوزا للدستور بكل فصوله”.
وأشار النواب المتدخّلون في هذه الجلسة العامة الافتراضية التي ترأسّها راشد الغنوشي وهي الأولى منذ تجميد أعمال البرلمان، إلى أنّ “دستور الجمهورية الثانية (دستور 2014)، وُضع ليحدّ من التسلّط والتّفرّد بالسّلطة، كما ضمّ القيم الكونية لحقوق الإنسان وأجاب على تطلّعات شهداء الثورة وجرحاها”.
ولاحظوا أنّ البلاد “تواجه تحديات كبيرة، لا مخرج منها، إلا بالتمسك بالنهج الديمقراطي وبالفصل بين السلطات”، مؤكدين أن “الديقراطية الناشئة تمر بهنات وإصلاحها لا يكون بالانقلاب عليها”.
وفي الوقت الذي كانت تنعقد فيه هذه الجلسة عن بُعد، صدرت بعض ردود الفعل الرافضة لها، من قبل بعض النواب المجمّدة أعمالهم، على غرار محمّد عمّار الذي كتب في تدوينة له “إن لم تستح فافعل ما شئت .. رئاسة ونواب مجلس نواب الشعب يتشدّقون بالديمقراطية، يستدعون بعضهم ويقصون زملاءهم من الدعوة، إلى جلسة افتراضية نفاقية في اتجاه واحد لضرب رئيس الجمهورية .. لم يتعضوا من الدرس ويواصلون تهديدهم ووعيدهم بكل مسخرة”.
بدوره قال طارق الفتيتي، النائب الثاني لرئيس البرلمان المعلّقة أشغاله، إنّه “غير معني” بهذه الجلسة العامّة، لعدّة أسباب أهمّها أنه “لم تقع استشارته ولم تصله أية دعوة بخصوصها”، موضّحا في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء أنه “لا إشكال لديه في الاحتفال بذكرى دستور 2014 الذي خُطّ بدماء الشهداء وبتضحيات واعتصامات ونقاشات وهبة من المجتمع المدني، لكن الإشكال يكمن في طريقة انعقاد الجلسة”.
كما أن كتلة الحزب الدستوري الحر ندّدت ب”التجاوزات والخروقات الخطيرة” التي يقوم بها راشد الغنوشي وأدانت “التلاعب المفضوح بالإجراءات والسطو على صلاحيات هياكل المجلس ومخالفة نظامه الداخلي لتقرير جلسة عامة باطلة بطلانا مطلقا”، مُعلنة “عدم التزامها بأي مخرجات تنتج عن هذه الجلسة وتحتفظ بحقها في مقاضاته من أجل ما اقترفه من مخالفات”.
وأضافت الكتلة في بيان لها أنها “ترفض رفضا قاطعا توظيف الغنوشي لصفته على رأس البرلمان في معركته الشخصية مع رئيس سلطة تصريف الأعمال” (في إشارة إلى رئيس الدولة) وأدانت “سياسة الكر والفر بين الطرفين في إطار تصفية حسابات خاصة بهما، لا علاقة لها بالمصلحة العليا للوطن”، مُحذّرة من “مغبة تواصل هذه الممارسات على استقرار البلاد وأمنها القومي”.
وحمّلت سعيّد “المسؤولية القانونية والسياسية عن المخاطر التي تهدد مؤسسات الدولة، نتيجة تعمّده ترك المجلس معلقا ورفض حله والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، إرضاء لرغبته في تمديد فترة الحكم المطلق وتوفير الوقت الكافي لنفسه لوضع أسس مشروعه السياسي الشخصي”، وفق بيان كتلة الدستوري الحر.
وقد رافقت انعقاد هذه الجلسة، رغم أنها افتراضية، تعزيزات أمنيّة أمام مقر البرلمان المعلقة أعماله منذ ليلة 25 جويلية 2021 وكذلك في محيطه بمنطقة باردو، غير أن هذه التعزيزات الأمنيّة لم تمنع الحركة العادية للمترجلين، وفق ما عاينته موفدة (وات).
وكان النائب عن حركة النهضة، ماهر مذيوب (مساعد رئيس مجلس نواب الشعب المجمّد، المكلف بالإعلام والاتصال، أشار أمس الأربعاء في صفحته الرسمية على موقع الفايسبوك إلى أن “هذا الاحتفال الافتراضي، لا يتطلّب توفر النصاب لبدء الجلسة ولا يمكن إضافة نقطة لجدول الأعمال”، مؤكدا أنه “سينقل مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية والقنوات العربية الدولية”.