سنلاحقهم، ونحاكمهم، ونحاسبهم ” هو تعهد قاله الشهيد شكري بلعيد اواخر سنة 2012 في سليانة امام جمع من المواطنين اثر “احداث الرش” التي تم فيها قمع متظاهرين واحداث اضرار بدنية لدى العديد منهم
جملة شكري بلعيد اصبحت شعارا يرفعه نشطاء ومناضلو وانصار حزب الوطنيين الديموقراطيين الموحد وطيف واسع من السياسيين والمواطنين لا فقط خلال المظاهرات والوقفات الدورية المطالبة بكشف حقيقة اغتيال الشهيد بلعيد، بل وايضا في كل مظاهرة تنظم للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الاغتيالات السياسية والضالعين في العمليات الارهابية التي تمت خلال العشرية المنقضية
ومرة اخرى تحل ذكرى 6 فيفري لاغتيال الشهيد شكري بلعيد حاملة معها وجع الذكرى وحيرة الأسئلة ، لماذا استهدف شكري بلعيد؟ من خطط لاغتياله ومن نفذ ؟ ولماذا لم يتم كشف الحقيقة كاملة ومحاسبة المتورطين الى حد الان وبعد 9 سنوات
يوم 6 فيفري، تحول في ذهن العديد من التونسيين الى ذكرى وطنية يحيون فيها روح مناضل صادق دفع حياته ثمنا لالتزامه الوطني في الدفاع عن الديموقراطية والقضايا العادلة وحق التونسي في العيش الكريم فضلا عما عرف عنه من معارضته للاسلام السياسي
شكري بلعيد (2013/1964) المحامي والمناضل اليساري والحقوقي ، انخرط في العمل السياسي منذ ان كان تلميذا زمن حكم الرئيس بورقيبة ،رافضا للاستبداد ومطالبا بالديموقراطية، ثم قياديا بارزا في الحركة الطلابية صاحب صولات وجولات في رحاب الجامعة ، وقد كلفه نضاله السياسي الاعتقال و التجنيد القسري اشهرا عديدة في محتشد رجيم معتوق بالجنوب التونسي سنة 1987 صحبة عديد الطلبة من مختلف التيارات السياسية
كما كان شكري بلعيد معارضا شرسا لنظام الرئيس زين العابدين بن علي، منخرطا في الحراك السياسي والميداني واحد ابرز الوجوه السياسية والحقوقية المعارضة التي تم التضييق عليها وهرسلتها مما اضطره للهجرة مدة من الزمن .
عاد شكري بلعيد الى تونس وبرز اسمه في سلك المحاماة الذي انضم اليه ، حيث عرف على الساحة الحقوقية كمحامي الفقراء والسياسيين ،لا يتردد في الانخراط في الدفاع عن المتهمين في القضايا السياسية وفي قضايا محاكمة النقابيين والعمال على غرار الموقوفين في قضية الحوض المنجمي (سنة 2008) التي عرفت بانتفاضة الحوض المنجمي
دافع ايضا شكري بلعيد عن المورطين في قضية احداث سليمان ومساجين السلفية الجهادية من منطلق مبدئي رغم اختلافه الايديولوجي والفكري معهم ومحاربته لفكرهم ومشروعهم السياسي، كما كان احد اهم الوجوه الناشطة في حراك المحامين عند انطلاق التحركات الاحتجاجية في ديسمبر 2010 قُبيْل سقوط نظام بن علي
عرف الشعب التونسي شكري بلعيد الامين العام لحزب الوطنيين الديموقراطيين الموحد اكثر بعد الثورة كمعارض يحمل خطابا واضحا وجريئا وحسا عميقا بالعدالة الاجتماعية وتوقا للحرية والماما بالواقع والتاريخ التونسي، كما عرف بتصريحاته النارية ونقده الشرس لسياسات حكومة الترويكا والنهضة ولقياداتها التي اتهمها في عديد التصريحات بسعيها الى وضع اليد على مفاصل الدولة وضرب الحريات والمعارضين ولجوئها الى العنف في مسعاها
لم تغفر اطراف جرأة شكري بلعيد وتنامي شعبيته لدى طيف كبير من الشعب التونسي ورواج خطابه الرافض للعنف ،الناقد لمشروع الاسلام السياسي ولممارسات حركة النهضة ، حيث تتالت التهديدات الصريحة والمبطنة الموجهة له بالقتل والتصفية سواء في منابر المساجد او على شبكات التواصل الاجتماعي فضلا عن حملات الشيطنة والتشويه التي طالته 0
وفي صباح يوم 6 فيفري 2013 اطلق الرصاص على شكري بلعيد عند خروجه من منزله بالعاصمة ولاذ القتلة بالفرار ، وخلف هذا الاغتيال موجة عارمة من الاستنكار والتنديد والحزن والغضب ، تجلت بالخصوص في الجنازة التاريخية والوطنية التي انتظمت في 8 فيفري والتى شارك فيها الالاف من التونسيين الذين خرجوا يودعون مناضلا وطنيا صادقا ويطالبون بمحاسبة الاطراف السياسية المسؤولة عن الجريمة
بعد 9 سنوات من الاغتيال ،يواصل حزب الوطد وعدد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين و”هيئة الدفاع عن الشهيدين بلعيد والبراهمي” تنظيم الوقفات والمظاهرات للمطالبة بكشف حقيقة الاغتيال وبمحاسبة مرتكبي هذه الجريمة و المتورطين فيها ومعاقبة من حرض ومن دبر على ارتكابها ومن نفذها رافعين شعار “سنلاحقهم ،ونحاكمهم ،ونحاسبهم “