أكدت وزيرة العدل ليلى جفال مساء أمس الاربعاء، تمسك رئيس الجمهورية قيس سعيد بالمجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية، مع ضرورة مراجعة القانون المنظم له، وبعد أن كان سعيد تحدث عن حل المجلس و”اعتباره من الماضي”، يكشف اليوم أن الاشكال لا يتعلق بوجود المجلس في حد ذاته ولا في تصوره ضمن السلطة القضائية .والإشكال بخصوص المجلس الأعلى للقضاء، حسب تصريحات رئيس الدولة السابقة والمتكررة في هذا الشأن، مرتبط
بالأشخاص أو بتجاوزات مرتكبة ضمن هذا الهيكل أو بشكل تركيبته “القائمة على المحاصصة الحزبية والتي تجعل من أعضائه خاضعين لمن أوصلهم لهذا المنصب، وكذلك بالعديد من المؤاخذات التي لا يمكن تجاوزها وعلى هذا المجلس بشكله الحالي “.وبالعودة على أبرز المواقف بخصوص قرار حل المجلس الأعلى للقضاء أو تجميده ، فإن حتى من يدعم قرار رئيس الجمهورية يرى ان هذا المجلس، ضمن تصور مغاير له، هو من أهم الضمانات لاستقلال القضاء، وأن أي تصور جديد للمجلس يجعل القضاء وظيفيا تابعا للسلطة التنفيذية هو أمر مرفوض.وفي هذا السياق قال الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء “نحن نامل ان يكون قرار رئيس الجمهورية المتعلق بحل المجلس الاعلى للقضاء مرفوقا بخطة لأننا نتمسك باستقلالية السلطة القضائية وبقضاء ناجز وعادل
ومستقل عن كل الجهات، وأن تكون الخطوة الجريئة التي قام بها الرئيس تكون مشفوعة بخطوات أخرى يتم فيها تشريك كل الأسرة القضائية بكافة مكوناتها”واعتبر أن “معركة تونس الحقيقية هي القضاء وتطهيره وتحريره من كل محاولات وضع اليد عليه”، مبينا أن القضاء كان “تحت قبضة حركة النهضة طيلة سنوات مما حال دون إماطة اللثام حول القضايا الارهابية وعلى رأسها الاغتيالات السياسية إلى حد اليوم اضافة الى قضايا التسفير وسرقة المال العام الارهاب” حسب تعبيره.وقال “يكفي ان نرى تعاطي القضاء مع قضية وكيل الجمهورية السابق بشير العكرمي والرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد ،وهما من بين كبار القضاة في تونس، يتهمان بعضهما بالفساد والارهاب لنفهم أن جزء من القضاء متواطئ مع حركة النهضة ومن لا يريدون للحقيقة أن تكشف”.بدوره أكد الأمين العام لحزب التيار الشعبي زهير حمدي على أن وجود المجلس الأعلى للقضاء من حيث المبدأ هو ضمانة لاستقلال القضاء، “غير أن هذا المجلس أثبت طيلة السنوات الماضية ان له دور سلبي في مسار كشف الحقيقة”، وفق قوله، مذكرا بأن قضاة في أعلى الهرم القضائي التونسي متهمين بالارهاب و بالفساد إلا أن المجلس يدافع عنهم وبالتالي لا يمكن للتونسيين الثقة في هذا الهيكل”وأضاف أن رئيس الجمهورية “لم يكن له خيار آخر غير حل المجلس، مشددا في المقابل على هذا الحل لا يمكن أن يكون نهائيا، لأنه لا يمكن تسيير سلطة قضائية دون مجلس أعلى للقضاء”.وشدد على “ضرورة الذهاب الى هيئة وقتية تدير المرفق القضائي لفترة معينة لتنكب على إصلاح
عميق لهذا المجلس وهذه السلطة التي تواجه مشاكل كبيرة ثم في مرحلة ثانية إعادة تركيبة جديدة وتنقيحات تضمن استقلالية وحياد القضاة وعدم تدخل السلطة التنفيذية في الشأن القضائي”.أما عضو المكتب السياسي للوطنيين الديمقراطيين الموحد أيمن العلوي فقد عبر عن القلق لعدم وجود ضمانات ما بين حل المجلس الاعلى للقضاء وكيفية نقله الى حالة تحقق استقلالية القضاء والمخاوف من إعادته تحت سيطرة السلطة التنفيذية ، مبينا أن ذلك “لا يحجب حقيقة وجود العديد من الجرائم في هذا القضاء على مستويين اثنين الاول وهو الجرائم الارهابية والاغتيالات السياسية والثاني قضايا الفساد”.واعتبر أن حل المجلس الاعلى للقضاء لا يكفي لبناء قضاء مستقل وأن الحل مرتبط بسن تشريعات جديدة وجدية تنظم هذه السلطة وديناميكية داخلية حقيقية من القضاة المناضلين والصادقين للتصدي “لهذا التيار الفاسد داخل القضاء” لبناء قضاء مستقل وناجز، وبالخصوص بتحمل السلطة التنفيذية لدورها من خلال النيابة العمومية، موضحا أن الحقائق المتعلقة الارهاب والفساد موجودة في أروقة الدولة وأجهزة الامن وأن الملفات موجودة ويكفي فقط طرحها ليتحمل كل مسؤوليته.وقال “إن هذا القضاء وقف بكل وقاحة طيلة السنوات العشر الماضية الى جانب الجريمة ضد المجتمع وقضاياه الاساسية ، القضايا الارهابية ودماء التونسيين الغالية التي سالت والتستر عليها وأموال الشعب التونسي وفاسديه وعائلاته المتنفذة وكل رجال الاعمال ومراكز النفوذ المالي والاقتصادي التي تستر عليها”.
ولا بد في المقابل التذكير بأن جزء من المشهد السياسي يرفض المساس بمجلس القضاء في صورته الحالية وفي مقدمتهم حركة النهضة التي اعتبرت قرار الحل قرارا لا دستوريا يرمي الى استحواذ رئيس الجمهورية قيس سعيد على مرفق العدالة.
وذكرت الحركة في بيان لها بأن القانون الاساسي لهذه المؤسسة الدستورية حظي بتوافق عريض حتى من بعض الاحزاب التي تقف اليوم مساندة لقرار حله وإلغاء.
ودعت تنسيقية الاحزاب الاجتماعية الديمقراطية التي تضم احزاب التكتل والجمهوري والتيار الديمقراطي الى التصدي الى ما وصفته ب”محاولة قيس سعيد المفضوحة لإخضاع القضاء لسلطة الانقلاب معبرة عن رفضها قرار حل المجلس الاعلى للقضاء
وكانت وزيرة العدل ليلى جفال اعربت عقب لقائها مساء أمس الاربعاء برئيس الجمهورية قيس سعيد عن تمسك رئيس الدولة بالمجلس الاعلى للقضاء وحرصه على مراجعة القانون المنظم له بما يضمن حقوق القضاة ويساعدهم على ممارسة مهامهم على احسن وجه وبما يمكن المتقاضين من حقوقهم كاملة .وأوضحت أن رئيس الدولة أكد على ضرورة المحافظة على المجلس كمؤسسة دستورية ضامنة لاستقلال القضاء مع مراجعة القانون المنظم له وخلال فترة المراجعة يتم تكليف مجلس مؤقت لتنظيم المسائل المستعجلة الى حين اعادة ارساء مجلس القضاء بقانونه الجديدوقال رئيس الجمهورية في لقائه برئيسة الحكومة نجلاء بودن مساء أمس أن مجلس الوزراء القادم سينظر في مرسومين يتعلقان بالمجلس الاعلى للقضاء وقانون للصلح الجزائي.