أكّد رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي، أنّ القضاء سلطة مستقلّة بذاتها ولا يمكنها أن تكون تابعة للجهاز التنفيذي، وإلاّ فإنه لن يكون هناك معنى لاستقلاليتها، قائلا “نحن سلطة ولسنا موظفين لدى أي كان حتى وإن كان رئيس الجمهورية، أحب من أحب وكره من كره، ولن نتردد في المحافظة على هذه البوصلة كلفنا ذلك ما كلفنا، حتى وإن ضُرب حقنا في الاضراب وفي بقية التحركات”.
وشدد الحمادي، خلال ندوة صحفية انعقدت اليوم الأربعاء بمقرّ الجمعية بقصر العدالة بالعاصمة، عنوانها “المخاطر الحقيقية من بسط نفوذ السلطة التنفيذية بالكامل على السلطة القضائية بمختلف أصنافها”، أنّ جمعية القضاة ستواصل سلسلة تحرّكاتها الاحتجاجية، حيث دعت القضاة إلى حمل الشارة الحمراء بداية من يوم غد الخميس، وتأخير انطلاق الجلسات بساعة واحدة، بالإضافة إلى تنفيذ وقفة احتجاجية أمام مقر محكمة التعقيب أين يوجد مكتب رئيس المجلس المؤقت للقضاء والمعيّن من قبل رئيس الجمهورية.
وبين في هذا السياق، أنّ أهمية استقلالية السلطة القضائية تتجلى في دورها في فضّ النزاعات الانتخابية، ومعالجة القضايا المالية للسياسيين سواء من كانوا في السلطة أو في المعارضة، معتبرا أنّ تجميع كلّ السلطات من أمن وقضاء وغيرها في يد مؤسسة واحدة (رئاسة الجمهورية) “أمر خطير جدّا” ويؤدي بالضرورة إلى إلجام أصوات المعارضين والخصوم وينسف أيّ توازن في السلطة.
كما انتقد ما وصفه ب “التناقض في خطاب رئيس الجمهورية”، مشيرا إلى أنه شكّك في عمل المجلس الأعلى للقضاء من جهة، وحافظ من جهة أخرى على أعضائه وجعلهم في المجلس الأعلى المؤقت (في اشارة الى المعينين بالصفة وعددهم 12 من أصل 21). ودعا في هذا الصدد القضاة المعيّنين إلى رفض هذا التعيين وعدم المشاركة في تركيبة المجلس المحدث بمرسوم والنّأي بأنفسهم عن هذه التجاذبات، لا سيما في ظل وجود ضغوطات مسلطة عليهم، وفق تقديره.
وجدّد رفض جمعية القضاة التونسيين لهذا المجلس “المنصّب وغير الشرعي” حسب تعبيره، محمّلا المسؤولية للمنظمات الوطنية الكبرى وكل مكوّنات المجتمع المدني والسياسي، ومنتقدا تهاونهم في الدّفاع عن السلطة القضائية.
من جهتها، قالت نائبة رئيس الجمعية عائشة بلحسن، إنّ القضاء سلطة كاملة الصلاحيات كما ينصّ عليه الباب الخامس من الدّستور، وما يتّخذه رئيس الجمهورية من قرارات “يعدّ تراجعا خطيرا” عن معايير الاستقلالية وعن المعايير الدولية لاستقلالية السلطة القضائية، وتراجعا عن مبدأ الفصل بين السلط في النظام الديمقراطي.
واعتبرت أن للمجلس المنصّب “تداعيات خطيرة” على المسارات المهنيّة للقضاة، نظرا إلى أنه يعطي كلّ الصلاحيات لرئيس الجمهورية، كما انه يعطي صلاحيات لرئيس الحكومة ووزير العدل لرفع تقارير تأديبية في القضاة، ممّا يعتبر تدخّلا من السلطة التنفيذية في القضاء.
يذكر أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أصدر في 12 فيفري 2022 المرسوم عدد 11 المتعلق بارساء مجلس أعلى مؤقت للقضاء يعوض المجلس المنتخب، والذي باشر بعد عمله يوم 16 فيفري الجاري.
وكان سعيّد أكد أن المجلس الأعلى للقضاء “صار مجلسا تباع فيه المناصب، ويتمّ وضع الحركة القضائية بناء على الولاءات”، مشدّدا على حق التونسيين في معرفة الحقيقة (في اشارة الى ملفات الاغتيالات السياسية).
كما صرّح في لقاء جمعه في ديسمبر الماضي بعدد من القضاة، “بأنّ القضاء وظيفة وليس سلطة قائمة الذات ومستقلة عن الدولة”