أعطلت رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان ، صباح اليوم الجمعة ، إشارة انطلاق أشغال إنجاز محطة تحلية مياه البحر بقرقور (جنوب مدينة صفاقس) بعد تعطل للمشروع دام سنوات بسبب إشكاليات عدة منها ما اتصل بشبهات فساد تمت إثارتها حول إجراءات وتراتيب صفقة إنجاز هذا المشروع.
وكان وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية الأسبق أسامة الخريجي ، أعطى يوم 29 جويلية 2020 إشارة انطلاق أشغال نفس المشروع ولكنه عرف التعطيلات المذكورة التي حالت دون الانطلاق في بناء المحطة والاقتصار على أشغال مد القنوات وأشغال كهربة المحطة، قبل أن تتولى الشركة الوطنية لتوزيع واستغلال المياه إمضاء عقد صفقة إنجاز المحطة مع مجموعة “أوراسكوم” الدولية للإنشاءات المكلفة بالإنجاز صحبة مقاولات أخرى في جويلية 2021.
وتقدر كلفة محطة تحلية مياه البحر بقرقور، التي ينتظر أن تشكل حلا جذريا لمعضلة اضطرابات التزويد بمياه الشرب في صفاقس، بما يناهز ألف مليون دينار تم توفيرها في إطار مساهمة من ميزانية الدولة بقيمة 130 مليون دينار وحوالي 800 مليون دينار في شكل قرض من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) يقع استرجاعه على مدى 25 سنة.
واعتبرت رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان ، في كلمة ألقتها بحضور جمع من الإطارات السامية يتقدمهم وزير الفلاحة والموارد المائية وسفير اليابان في تونس ومسؤولي المقاولات المعنية بالإنجاز على رأسها مجموعة “أوراسكوم”، أن هذا المشروع الهام سيمكن من الحصول على مياه شرب ذات جودة ويساهم في تحسين ظروف عيش 900 ألف مواطن فضلا عن دفع التنمية الاقتصادية في ولاية صفاقس.
كما عبرت عن “أسفها” لاستغراق عملية الانطلاق في إنجاز المحطة خمس سنوات كاملة (منذ إمضاء اتفاق القرض مع الجايكا) ، مؤكدة التزامها ببذل جهودها للتسريع في عملية الإنجاز المقدرة بسنتين.
وثمنت بودن، دعم الحكومة اليابانية للمشروع ومكانة هذا البلد كشريك مميز لتونس في تطوير المشاريع المجددة وذات القيمة المضافة العالية والمساهمة في دفعها من خلال الوكالة اليابانية للتعاون الدولي “جايكا” ومرافقتها المتواصلة لبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتونس.
وأضافت قائلة: “إن المشروع الذي نعطي إشارة انطلاقه اليوم يعكس توجهنا نحو شراكة قائمة على الجودة والاستدامة ودعم تشغيلية العاملين بالفكر والساعد على حد السواء ويجسد نموذجا للمشاريع النوعية والدائمة والواعدة التي تسعى تونس إلى إنجازها بدعم من أصدقائنا اليابانيين”. وتابعت بودن قائلة: “تعد تونس من أوائل البلدان الإفريقية التي وقعت مع اليابان في 2019 اتفاق تعاون في مجال الاستثمار في البنية الأساسية ذات الجودة العالية وهي مقاربة تندرج ضمن رؤية للتنمية المستدامة والمندمجة لتونس التي تضع مسألة التوظيف العقلاني لمواردها الطبيعية واستدامتها في قلب اهتماماتها وتعكس وعيها بحجم التحديات التي تطرحها التغيرات المناخية وندرة الموارد المائية”.
في المقابل، اعتبرترئيسة الحكومة، أنه على الرغم من الاستراتيجية التي وضعتها تونس لتعبئة الموارد المائية والتي بلغت نسبة 95 بالمائة وهي واحدة من أرفع النسب على الصعيد القاري وفق قولها، لا تزال مناطق الوسط والجنوب التونسي في “وضعية هشة ونقص كبير من الموارد المائية التقليدية وتدهور لنوعية المياه فضلا عن التلوث وارتفاع نسبة الملوحة”.
ولدى تعرضها لموضوع احتضان تونس القمة الثامنة لمؤتمر طوكيو للتنمية بإفريقيا “تيكاد 8” في 27 و28 أوت 2022، أكدت رئيسة الحكومة أن تنظيم هذه القمة سيكون لبنة جديدة في صرح التعاون التونسي الياباني ويساهم في إرساء شراكة مجددة، مستدامة وقوية بين القارة الإفريقية واليابان.
وقالت متوجهة لسفير اليابان بتونس ، أنها ستطرح موضوع الاتفاقية المعطلة بين تونس واليابان مساء اليوم بمناسبة الاجتماعي الأسبوعي الخاص بالاستعدادات لقمة مؤتمر طوكيو.
وكان سفير اليابان في تونس “شينسوكي شيميزو” ، عبر عن أمله في أن يقع استغلال مناسبة احتضان تونس القمة الثامنة لمؤتمر طوكيو للتنمية في إفريقيا التي ستحتضنها تونس في أوت المقبل لتوقيع اتفاقية التعاون الثنائي للاستثمار بين تونس واليابان والتي لا تزال تحت أنظار الحكومة التونسية منذ أعوام وفق تعبيره.
واعتبر أن التسريع بإجراءات التوقيع كعامل تطوير لمناخ الأعمال يعطي رسائل إيجابية للمستثمرين اليابانيين الذين يمكن استقدامهم لتونس بمناسبة القمة.
وعبر “شينسوكي شيميزو” عن سعادته برؤية مشروع تحلية مياه البحر بقرقور ينطلق بعد مضي خمس سنوات كاملة على توقيع اتفاق القرض الخاص به بين تونس والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) وذلك بالنظر إلى أهميته بالنسبة إلى أهالي صفاقس ومساهمته في مساعدة تونس على مجابهة تحدي ندرة المياه و”القلق المائي” كإحدى أولويات تونس الكبرى.
وأفاد في هذا الصدد أن اليابان مستعدة لمواصلة التعاون مع تونس في مجال الفلاحة وتعبئة الموارد المائية وتمويل المشاريع ومنها مشروع تهيئة سد سيدي سالم الرامي إلى تطوير طاقة خزن المياه على أن يقع الاعتماد على تكنولوجيا يابانية في هذا المشروع.
من جهته، عبر مدير مشروع تحلية مياه البحر بقرقور عن مجموعة “أوراسكوم” الدولية للإنشاءات طارق الخطاب ، عن أمله في أن تتضافر جهود كل الأطراف ولا سيما المقاول وشركة “صوناد” (صاحبة المشروع) والحكومة لإنجاز الأشغال في الآجال المطلوبة ووفق الجدول الزمني المحدد ، لافتا إلى أن ذلك يتيح إمكانية لاختصار الآجال في صورة عدم وجود تعطيلات من أي نوع بحسب قوله.
وترمي الدولة من خلال المشروع إلى مجابهة النقص الفادح في مياه الشرب في ولاية صفاقس وتحسين نوعيتها وتأمين تزويد قرابة المليون ساكن بها بشكل منتظم إلى حدود سنة 2035.
وتقدر طاقة هذه المحطة بمائة ألف متر مكعب في اليوم في مرحلة أولى لتقع مضاعفتها وتبلغ 200 ألف متر مكعب في اليوم في مرحلة ثانية.
وتتمثل مكونات المشروع بالأساس في بناء محطة تحلية مياه البحر بتقنية التناضح العكسي بمنطقة قرقور ومد قنوات وربطها بخزانات المياه التابعة للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بالجهة مع الربط بشبكة التزويد.
جدير بالذكر أن رئيسة الحكومة رفضت في أعقاب إشرافها على موكب إعطاء إشارة انطلاق الأشغال ، الإدلاء بتصريح للصحفيين الراغبين في طرح أسئلة عن موقف الحكومة من تواصل أزمة النفايات في صفاقس لأكثر من ستة أشهر، فضلا عن تعطل عديد المشاريع الكبرى في الجهة على غرار مشروع تبرورة ومشروع المدينة الرياضية ومشروع المنطقة اللوجستية ومشروع المكتبة الرقمية ومشروع “الميترو” .