ما انفكّت أزمة النفايات الناجمة عن غلق المصب الجهوي المراقب بالقنّة من معتمدية عقارب بولاية صفاقس، تتفاقم تصاعديّا، مع الارتفاع التدريجي لدرجات الحرارة، لتتوالى معها نداءات الاستغاثة من المواطنين والبلديين في عديد مناطق الجهة.
فقد تحوّلت هذه المناطق إلى مصبات عشوائية منتشرة في كل البلديات تنبعث منها الروائح الكريهة جراء التفاعلات الكيميائية للفضلات المتراكمة على امتداد أسابيع وأشهر متتالية من الزمنن وجرّاء عمليات الحرق المتواترة التي يلجأ إليها المواطنون خوفا من الأمراض التي تهدّد صحة أبنائهم.
وانتقدت مواطنة خمسينية تقطن في منطقة سيدي خليفة التابعة لبلدية العين في تصريح ل(وات)، سلوك حرق النفايات من المواطنين، والذي يعقد، في تقديرها، الأزمة والمضاعفات على الصحة العامة. كما انتقدت البلدية التي تترك أكداس النفايات تعظم وتجتاح الطرقات قبل أن ترفعها إلى مصبات عشوائية تفتقر إلى الحد الأدنى من الضمانات البيئية.
في المقابل، جدّد رئيس بلدية العين، خالد معلى، تحميله المسؤولية إلى وزارة البيئة والوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وولاية صفاقس والسّلط العمومية بشكل عام، باعتبارها “عجزت عن توفير بديل عاجل للمصب المغلق رغم وجود عديد الإمكانيات والبدائل مثل “ضيعة زرّوق” و”ليماية”، و”لكنها رضخت للضغوطات، ودخلت في لعبة الجهويات، كما فعلت بعض مكونات المجتمع المدني”، بحسب تعبيره.
ودعا معلّى الدولة إلى “تحمل مسؤوليتها” وإيجاد حلّ عاجل في الأيام القادمة وقبل بداية الصائفة، في انتظار التوصل إلى الحلّ الجذري المتمثل في وحدة للتصرف وتثمين النفايات. كما نبّه إلى خطر ظهور عديد الأمراض الخطيرة مثل “الكوليرا” و”داء الكلب” بالإضافة الى الحساسية والأمراض الجلدية التي تتسبب في انتشارها البعوض والحشرات.
يذكر أن بلدية العين التي يقطنها 46 ألف سكان وتمتد على 15 كيلومترا مربعا، تنتج يوميا 40 طنا من الفضلات، أي ما يقابل 8 آلاف طن منذ اندلاع الأزمة، يتم رفعها إلى مصبات عشوائية حولت المنطقة إلى سلة مهملات ضخمة، على حد تعبير أحد المواطنين.
من جهتهم، أطلق عدد من العاملين في مستوصف ساقية الزيت عبر أمواج إذاعة صفاقس، اليوم الاربعاء، نداء استغاثة للسلط الجهوية جرّاء الروائح الكريهة المنبعثة من الفضلات المتراكمة في جوار المستوصف وما تمثله من مصدر إزعاج وخطر حقيقي على صحة العاملين فيه والمرضى ولا سيما الرضع الذين يرتادون المستوصف لتلقي التلاقيح.
وليس وضع منطقة قرمدة بأفضل من باقي المناطق، لا سيما وأنها تعاني من عدم توفر مخزون عقاري حتى لإحداث مصب عشوائي بصفة وقتية في انتظار توفّر المصب الجهوي المنشود. وكانت هذه البلدية وجهت في الأسابيع الماضية رسالة إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة البيئة ووزارة الداخلية حملتهم فيها مسؤولية تدهور الوضع البيئي وطالبت بحل سريع لتجميع النفايات.
وحتى بلدية صفاقس التي لجأت إلى “حلّ” غير مطابق للمواصفات البيئية الدنيا من خلال إحداث مصب عشوائي في منطقة الميناء، جدّدت امتعاضها وتذمرها من هذا الوضع وصارت محل انتقادات لاذعة من المواطنين والعاملين في الميناء بسبب الروائح الكريهة وتضرر الشريط الساحلي والبحر من الفضلات.
ومما ينبئ بتعقّد المشكل أكثر وتواصل غياب الحلول اللّازمة، تواصل الفراغ في مستوى السلطة الجهوية في ولاية صفاقس، حيث لم يقع سدّ الشّغور في منصب الوالي، منذ عزله قبل شهر رمضان.