دعا الاتحاد العام التونسي للشغل، اليوم الاحد، رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، إلى التدخّل لدى رئاسة الحكومة التي يتحمّل مسؤوليّة اختيارِها من أجل مراجعةِ خياراتِها وعدم الالتزام بما يمكن أن يُلحقَ الضررَ بالشغّالين وبعموم الشعب في علاقة برفع الدعم وتجميد الأجور والانتدابات في القطاع العام والوظيفة العمومية.
واكد امين عام اتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، في كلمة توجه بها على القناة الرسمية للاتحاد على “يوتيوب”، بمناسبة احياء تونس لعيد الشغل العالمي، الموافق لغرة ماي من كل سنة، ان رئيس الدولة عبّر في أكثر من مناسبة عن رفضه لتعهّدات الحكومة لصندوق النقد الدولي وعدم موافقته على رفع الدعم أو تقليصه ومعارضته لتجميد الانتدابات والتشغيل بمؤسّسات الدولة،
وأوصى الطبوبي، بإدراج مجمل هذه المسائل على أجندة الحوارِ والمفاوضة من أجل إيجادِ حلولٍ شاملة غيرِ مجزّأةٍ ضمن رؤيةٍ كلّيةٍ ٍلمنوالِ تنموي بديلٍ على قاعدة المحافظة على المكاسب وتقاسُمِ التضحياتِ وتجسيمِ قيمِ التضامن الوطني ووضع المصلحة الوطنية فوق كلِّ الاعتبارات.
وبقدر عدم سعي الاتحاد لإضافةِ المزيد من الضغوطات على الحكومة، كما يدّعي البعضُ، أبرز الطبّوبي بالمقابل، ان المركزية النقابية “مؤتمَنة على مصلحة الوطن وسيادة قراراتِه ومؤتمَنة، أيضا، على مصالح الشعبِ وعلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعمّاله وسائرِ طبقاته الشعبية”.
وقال المسؤول الأوّل عن المركزية النقابية، إنّ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، سيكون لنتائجِها تأثيراتٌ عميقة على الاقتصاد التونسي وعلى المالية العمومية خاصّة في ظلّ ميزانية مرتهَنة لاستجابةِ الصندوق لتقديم القروض التي طالبت بها الحكومة، منتقدا عدم استشارة هذه الاخيرة أيَّ طرف اجتماعي عند اعداد ميزانية 2022 التي قال إنها “لم تكن وليدةَ توافقٍ وطني”.
وانتقد الطبوبي، كذلك، بشدة المذكَّرةٍ التي تقدّمت بها الحكومة إلى صندوق النقد الدولي والتي تضمّنت إجراءات تتعلّق بالتقليص في كتلةِ الأجور ووقفِ الانتدابات بالوظيفة العمومية ومؤسّسات الدولة، كما تضمّنت رفعَ الدعم والتفويتَ في عدد من المؤسّسات والمنشآت العمومية.
ومضى يقول” إنّنا لسنا ضدّ التعاون مع المؤسّسات المالية الدولية ولا نعترضُ على مبدإ اللّجوء إلى طلب القروض إذا كان ذلك يصبّ في خانة التنمية”.
وتوجه الطبوبي باللوم لعدم إشراكُ الاتحاد والمنظّمات والأحزاب الوطنية عند وضع الميزانية خاصّة بعد قرار تجميد البرلمان، حتّى يتحمّل كلٌّ مسؤوليّاتِه وحتّى يتقاسم الجميعُ التضحياتِ كلٌّ حسب إمكانيّاتِه وحتّى تتمَّ تعبئةُ المواردِ الذاتية وذلك للتّقليص قدرَ الإمكان من التعويل على القروض الخارجية وتجنُّبِ مزيدِ ارتهانِ البلاد للمؤسّساتِ وأسواق المال العالمية.
وتابع بقوله: “أعتقد أنّ تعهّداتِ الحكومة لصندوق النقد هي تعهّداتٌ مسقَطَةٌ جاءت لتؤكّد مرّةً أخرى أنّ هذه الحكومة كغيرها من الحكوماتِ المتعاقبةِ تسعى لتحميل الشغّالين والطبقةِ الوسطى والفئاتِ الفقيرة فشلَ خياراتٍ الحكومات وتبعاتِ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وجرِّها إلى مزيدِ التفقير والتهميش”.
ورأى امين عام اتحاد الشغل، أنّ رفعَ الدعم في ظلّ التهابِ الأسعارِ وتزايُدِ الاحتكارِ وأنّ تعليقَ الانتدابات في الوقت الذي ترتفع فيه نسبُ البطالة إلى معدّلاتٍ قياسية، علامة على تجميدَ الأجور المتزامنِ مع تدهورِ المقدرةِ الشرائية وارتفاعِ التضخّم والتفويتَ في المؤسّسات العمومية وما سينجرّ عنه من تسريح للعمّال وارتفاعٍ في كلفةِ الخدمات، “لن يضربَ سوى المصالحَ الحياتيّة لهذه الفئات الاجتماعية الشعبية دون غيرها”.
وذكّر من جهةٍ أخرى، بان المنظمة الشغيلة طالبت الحكومةَ بوجوب التزامِها بالاتفاقيّاتِ المبرمة مع الاتحاد ومنها تلك المتعلّقة بفتحِ التفاوضِ لمراجعة الأجورِ في القطاع العام والوظيفة العمومية خاصّةً أمام استمرارِ نزيفِ تدهورِ المقدرة الشرائية لعمومِ الأجراء بعد أن تجاوزت نسبة التضخُّمِ 7 بالمائة في مارس 2022
وبلغ التدهورُ المتواصلُ للمقدرة الشرائية للأُجراء نسبةً تقارب أو تفوق 15 بالمائة، وفق تقديره، الى جانب زيادة انهيار مستوى العيش بين الفئات الفقيرة وانجرافُ قطاعاتٍ واسعةٍ من الطبقة الوسطى إلى مستوى الفقر والخصاصةِ، وهو ما أكّدته التصريحات الرسمية بالإعلان عن ارتفاع نسبة الفقر من 16 بالمائة سنة 2019 إلى 22 بالمائة حاليا.
وشجب اتحاد الشغل، عبر امينه العام، بمناسبة عيد العمال العالمي، سياسة التجويع والتفقير المسلَّطة على الشعب التونسي والتي كرّستها سبلُ الاحتكار المختلفة ونهْجُ المضاربة المقيت والأساليب المقنَّعةِ لرفع الدّعم عن المواد الأساسية والحيلِ المخاتِلةِ للرّفع في الأسعار.
كما جدد التشبّثَ بضرورة فتحِ التفاوضِ للزيادة في الأجرِ الأدنى ولتعديل الأجورِ في القطاع العام وفي الوظيفة العمومية.
وطالب الحكومة بتطبيق الاتّفاقياتِ القطاعية المبرَمة بين الطرف النقابي والوزاراتِ المعنيّة حفاظا على استمراريةِ الدولة ومصداقيةِ التفاوضِ وعلى الاستقرارِ الاجتماعي.