أفاد وزير الصحة، علي المرابط، اليوم الاثنين، ان تونس تسجل على مدار السنة 4 وفيات يوميا جراء حوادث المرور، قائلا ان “احصائيات حوادث المرور تعد مخيفة والامر أضحى مقلقا، سيما وان جل ضحايا هذه الحوداث من الشباب وفي اوج عطائهم الاقتصادي والاجتماعي، بما يعد خسارة كبرى لتونس”.
واكد وزير الصحة خلال ندوة وطنية انعقدت بتونس حول “نتائج رصد السلوكيات المرورية المحفوفة بالمخاطر وتطوير منظومة احصائيات حوادث المرور”، ان الهدف يظل حماية المواطن التونسي والمحافظة على النفس البشرية بترسيخ الوعي لدى كل الافراد والشرائح الاجتماعية باهمية السلوكيات المرورية، وذلك بالتعاون بين الهياكل الرسمية وكل الاطراف ذات العلاقة والمنظمات والنسيج الجمعياتي العامل في الخصوص.
ولفت إلى أهمية وضع استراتيجية شاملة ومشتركة للتقليص من حوادث المرور، بما فيها العمل على تغيير العقليات وتكريس ثقافة مرورية مبنية على السلوك الحضاري الواعي والالتزام بقوانين المرور واحترام مستعملي الطريق، فضلا عن صياغة رؤية مستدامة ومقاربة شاملة بين الاطراف المتداخلة، كل في مجاله، لتحسين البنية التحتية للنقل، وبالتالي تحقيق الاهداف المنشودة.
ومن جهته، كشف رئيس جمعية تونس للسلامة المروية، بلال الونيفي ان تونس تأتي في المراتب الاولى من حيث عدد حوادث المرور حيث تسجل سنويا 7000 حادث مرور و1200 حالة وفاة واكثر من 8000 جريح نصفهم من فئة الشباب، لافتا الى ان الكلفة الاقتصادية لحوادث المرور في حدود 2 مليون دينار يوميا.
وأفاد ان الجمعية تولت تنفيذ أول بحث علمي ميداني حول السلامة المرورية من خلال تركيز 160 فريق عمل بكامل تراب الجمهورية التونسية لرصد السلوكات المرورية المحفوفة بالمخاطر على غرار السرعة واستعمال الهاتف الجوال ومدى الالتزام بربط حزام الامان وحمل الخوذة بالنسبة لسائقي الدراجات النارية، بالاضافة الى استعمال الكرسي المخصص للاطفال والرضع في السيارة.
وشمل هذا البحث الميداني اكثر من 40 الف سيارة و11 الف دراجة نارية لدراسة سلوكهم المروري، وفق ما بينه الونيفي قائلا ان “الارقام كانت مفزعة في ظل عدم التزام اكثر من 90 بالمائة من سائقي الدراجات النارية بالخوذة واكثر من 66 بالمائة من سائقي العربات لا يلتزمون بحزام الامان في المقاعد الامامية والخلفية على حد السواء، علاوة على استعمال اكثر من 47 بالمائة الهاتف الجوال اثناء السياقة”.
ولفت رئيس الجمعية في سياق متصل، الى ان المشروع مستمر في اطار خطة عمل تمتد على 3 سنوات في 24 ولاية، داعيا الى تغيير الاطار التشريعي والاسراع بمراجعة مجلة الطرقات وادراج المراقبة الالية والذكية في أقرب الاجال لاثبات جرائم الجولان، بالاضافة الى التعجيل في اعداد وضبط الاستراتيجية الوطنية لسلامة المرور بدعم من منظمة الصحة العالمية.
كما انتقد في جانب اخر، ما اعتبره “غيابا كليا لوزارة التجهيز” خاصة في السنوات الاخيرة في ظل عدم وجود رؤية واضحة لتعصير البنية التحتية وخاصة الطرقات، قائلا ان وزارة التجهيز غير متفاعلة مع المجتمع المدني وننتقد النهج الذي تسلكه بخصوص عدم تشريكها للاطراف المتداخلة لوضع مخطط من شانه الارتقاء بالبنية التحتية للنقل”.
وفي مداخلة عن بعد، نوه ممثل منظمة الصحة العالمية مكتب تونس، ابراهيم رزيق بالشراكة الايجابية والاستراتيجية بين الحكومة التونسية ومنظمة الصحة العالمية في مجال السلامة المرورية، بما “يعكس التزام تونس ببناء سلوكات مرورية مستدامة”، وفق تأكيده.
وافاد ان اكثر من مليون شخص حول العالم يفقدون حياتهم سنويا جراء حوادث مرورية ويعاني ما بين 20 و50 مليون شخص من اصابات تصل الى الاعاقة خاصة بين صفوف المراهقين والشباب الذين تترواح اعمارهم بين 15 و20 عاما، علاوة على ما تكلفه حوادث الطرقات من خسائر بشرية باهظة.
ولاحظ ابراهيم رزيق ان تونس تدفع ثمنا باهظا نتيجة حوادث المرور بقيمة مبلغ اجمالي (تكاليف مباشرة وغير مباشرة) يصل الى 1 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، متابعا القول ان الارقام مفزعة والمنظمة العالمية للصحة تواجه صعوبات كبيرة في علاقة بالصحة العامة والتنمية، بما يستدعي تعزيز النهج الوقائي وتضافر الجهود لتحقيق اجندة التنمية المستدامة من اجل تقليص من عدد الوفيات والاصابات بنسبة 50 بالمائة في افق 2030.
وتمحورت المداخلات في هذه الندوة بالخصوص حول نتائج الدراسة الفنية حول رصد السلوكيات المرورية المحفوفة بالمخاطر وتطوير منظومة احصائيات حوادث المرور واعداد ورقمنة استمارة حوادث الطرقات البدنية ومجلة الطرقات بين الاصلاح والتطوير ورؤية المجتمع المدني لاصلاح منظومة سلامة المرور في تونس، بالاضافة الى دور الاعلام في الارتقاء بالوعي المروري في اطار العمل المروري المستدام.
كما تم خلال الندوة تقديم أول مشروع بحثي علمي ميداني شمل حوالي 2000 من سواق السيارات والدراجات النارية، باشراف وزارة الصحة والمرصد الوطني لسلامة المرور بوزارة الداخلية، وبدعم من منظمة الصحة العالمية حول عدم احترام السرعة المحددة وعدم استعمال حزام الامان واستعمال الهاتف الجوال أثناء السياقة.
وشارك في الندوة، ممثلون عن وزارات الداخلية والصحة والنقل والتربية والتجهيز والاسكان والبنية التحتية، علاوة على الجامعة التونسية لشركات التامين وجمعية سفراء السلامة المرورية والهلال الاحمر التونسي وجمعية متطوعو الحماية المدنية، وسلطوا الضوء في مداخلاتهم على نتائج الدراسات المنجزة في مجال السلامة المرورية، وذلك بهدف توحيد الجهود وتنسيق برامج العمل والمبادرات واتاحة الفرصة للجهات المعنية لتقديم تصوراتهم ومقترحاتهم.