أثار ظهور مرض جدري القردة حالة استنفار وقلق في أغلب دول العالم خاصة وأنه نادرا ما يظهر خارج إفريقيا..وقد بدأت حالة القلق هذه في التزايد بعد أن رصدت السلطات الصحية في دول أوروبا وأمريكا وأستراليا وكندا عددًا من حالات الإصابة بمرض “جدري القرود”.
من جانبها أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تتوقع رصد المزيد من حالات الإصابة بجدري القردة في الوقت الذي توسع فيه نطاق المراقبة في البلدان التي لا يوجد فيها المرض عادة.
وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إنه حتى يوم السبت الماضي، تم الإبلاغ عن 92 حالة مؤكدة و28 حالة يشتبه بإصابتها بجدري القردة من 12 دولة عضو لا يتوطن فيها الفيروس.
وينتمي الفيروس المسبب لمرض جدري القرود إلى عائلة الفيروسات نفسها المسببة للإصابة بمرض الجدري المعروف.. ولكنه يسبب أعراضًا أكثر اعتدالًا.. فما هو هذا المرض وماهي أعراضه وكيف تنتقل العدوى؟
ينتمي جدري القرود إلى عائلة الفيروسات نفسها المسببة للإصابة بمرض الجدري المعروف، ولكنه يسبب أعراضًا أكثر اعتدالًا؛ إذ يعاني معظم المرضى من الحمى وآلام الجسم والقشعريرة والتعب، وقد يطور الأشخاص المصابون، بمستوى أكثر خطورةً للمرض، طفحًا جلديًّا وبثورًا على الوجه واليدين يمكن أن تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
وتبلغ فترة حضانة الفيروس (وهي الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة بعدواه ومرحلة ظهور أعراضها) المسبب لهذه الإصابات من حوالي خمسة أيام إلى ثلاثة أسابيع، ويتعافى معظم الناس في غضون أسبوعين إلى أربعة أسابيع دون الحاجة إلى دخول المستشفى، لكن يمكن أن يكون جدري القرود قاتلًا بنسبة تصل إلى واحد من كل 10 أشخاص، كما يُعتقد أنه يكون أكثر حدةً عند الأطفال والحوامل ومَن يعانون ضعف المناعة.
وتقسم مرحلة العدوى إلى فترتين على النحو التالي:
فترة الغزو: وتتراوح من لحظة الإصابة إلى 5 أيام، وأبرز سماتها الإصابة بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد.
فترة ظهور الطفح الجلدي: ويكون في غضون مدة تتراوح بين يوم واحد و3 أيام عقب الإصابة بالحمى، ومن أبرز سماتها ظهور الطفح الذي يبدأ على الوجه، في أغلب الأحيان، ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، ويكون الطفح أشدّ ما يكون على الوجه (في 95% من الحالات) وعلى راحتي اليدين وأخمصي القدمين (75%)، ويتطوّر الطفح في حوالي 10 أيام من بقع ذات قواعد مسطّحة إلى حويصلات صغيرة مملوءة بسائل، وبثرات والمرحلة التي تليها من تطور، وقد يلزمها ثلاثة أسابيع لكي تختفي تمامًا.
وقبل ظهور الطفح، قد يُصاب بعض المرضى بتضخّم كبير في العقد اللمفاوية، وهو سمة لجدري القردة تميزه عن سائر الأمراض المماثلة.
وغالبًا ما يتم إعطاء الأشخاص المعرضين للفيروس واحدًا من عدة لقاحات ضد الجدري، التي ثبت أنها فعالة ضد جدري القرود أيضًا، كما يجري تطوير أدوية مضادة للفيروس، وقد أوصى المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، يوم الخميس الماضي، بعزل جميع الحالات المشتبَه فيها وتقديم لقاح الجدري للمخالطين ذوي الخطورة العالية.
كيف ينتقل الفيروس؟
هذا أمرٌ محتمل، لكنه غير واضح تمامًا في الوقت الحالي؛ إذ لم يجرِ توثيق انتشار جدري القرود من قبل عبر ممارسة الجنس، ولكن يمكن انتقاله عن طريق الاتصال الوثيق مع الأشخاص المصابين، وتبادُل سوائل أجسامهم وملابسهم أو الاحتكاك بملاءات سرير واحد يجمع بينهم، وحذر “كلوج” من أن انتقال العدوى يمكن أن تعززه حقيقة أن “الحالات التي يتم الكشف عنها حاليًّا هي من بين أولئك الذين يمارسون نشاطًا جنسيًّا”، وأوضح أن معظم الحالات الأولية المكتشَفة للمرض كانت بين الرجال الذين مارسوا الجنس مع رجال ويسعون للعلاج في عيادات الصحة الجنسية، ومن جانبها، أعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) أنها تحقق في حقيقة أن العديد من الحالات المبلغ عنها كانت لأشخاص مثليين أو ثنائيي الجنس أو رجال يمارسون الجنس مع رجال.
في السياق ذاته، قال مايكل سكينر -عالِم الفيروسات في إمبريال كوليدج لندن- في تصريح له عبر بيان صحفي جرى الاطلاع عليه: “بطبيعته، ينطوي النشاط الجنسي على اتصال حميم، ما يُتوقع له أن يزيد من احتمالية انتقال العدوى، بغض النظر عن التوجه الجنسي للشخص وبغض النظر عن طريقة انتقال العدوى”، ويؤكد فرانسوا بالوكس -من جامعة كوليدج لندن- أن الجنس يُعَدُّ نوعًا من الاتصال الوثيق اللازم لنقل المرض، ولكنه يؤكد أن حالات المملكة المتحدة “لا تعني بالضرورة أي تغيير حديث في مسار انتقال الفيروس”.
المصدر+وكالات