اعتبر وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عثمان الجرندي، السبت، في كلمة توجه بها خلال مشاركته في مالابو في القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي حول “الإرهاب والتغييرات غير الدستورية للحكومات في إفريقيا” بأنه لا يمكن فصل هذه التغييرات عن سياق عالمي قال ان الديمقراطية تُواجه فيه العديدَ من التحدياتِ في ضوء تراجعِ ثقة الشعوب، لا سيّما، فئةَ الشباب في القيم والمفاهيم المشتركة وفي تصوّرها للديمقراطية كنظام حكم ضامن للسلم والأمن والاستقرار والرفاه، وهو ما تستغله الانقلابات العسكرية لفرض أجنداتها.
وأكد الجرندي في كلمته بأنه لا “خيار للدول الإفريقية غيرَ النظام الديمقراطي الضامن للحقوق والحريات”، والذي يستجيب إلى تطلعات الشعوب في الكرامة والحرية والرفاه، حسب ما جاء في بلاغ اعلامي للوزارة.
ودعا وزير الخارجية إلى مضاعفة الجهود الوطنية والإقليمية والدولية للتوقي من التغييرات غير الدستورية من خلال ” إرساء استراتيجية إفريقية شاملة تقوم على مقاربة متعدد الابعاد تشمل خاصة تعزيزَ الممارسة الديمقراطية وجعلها أداةً لتلبية تطلعات الشعوب وليست مجردَ آليات جامدة مرتبطة فقط بالانتخابات والنتائج الانتخابية” ، إضافة إلى الدعم الاقتصادي والمالي للدول التي تشهد مراحلَ انتقالية ديمقراطية لتعزيز صمودِها إزاء الأزمات.
من جهة أخرى أكّد الجرندي في كلمته على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار للخصوصيات الوطنية وعلى إشراك الشباب والمرأة في إدارة الشأن العام وتعزيز آليات الحكم المدني ومقاومة الفساد ودعم مشاركة مكونات المجتمع المدني من أجل تحقيق ديمقراطية دائمة ومستدامة.
وفي كلمته للقمة، أبرز الجرندي تداعيات التغييرات غير الدستورية للحكومات في إفريقيا على تكريس الحوكمة الديمقراطية في القارة الإفريقية وعلى الأمن والاستقرار في المنطقة، باعتبار الترابط الوثيق بينها وبين تنامي التهديدات الإرهابية والتطرف العنيف والجريمة المنظمة التي تجد في هذه الظروف أرضية خصبة،حسب تقديره.
ودعا إلى أهمية أن يعيد الاتحاد الإفريقي دراسته لهذه المخاطر من زوايا جديدة تأخذ بعين الاعتبار العوامل والسمات المشتركة للدول التي تشهد مثل هذه التغييرات بما في ذلك عوامل الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، والتنافس الجيوسياسي الخارجي إضافة إلى التغيرات الجذرية العميقة التي يشهدها العالم سياسيا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا والتي أدت جميعها إلى ما بات يعرف اليوم دوليا “بالعجز الديمقراطي”،حسب تعبيره.
ولاحظ الجرندي في كلمته اما المشاركين في القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي أن ” تونس لن تدّخر جهدا في تعزيز أسس الديمقراطية الفعلية في المنطقة الإفريقية” وذلك التزاما منها بهذا النهج الذي قال ان تونس اختارته، بناء على إرادة شعبها وعزمه على استكمال مساره الديمقراطي حتى تكون تونس تجربة ديمقراطية ناجحة إقليميا ودوليا.
وشدد وزير الخارجية على ضرورة مقاومةَ الإرهاب والتطرف العنيف الرامي إلى تقويض المؤسسات الديمقراطية مجددا دعوة تونس إلى إنشاء صندوق خاص للوقاية ولمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف في إفريقيا وتوفير التمويلات الضرورية لتمكينه من الاضطلاع بمهامه وإلى إحداث فريق من الخبراء يعنى بمكافحة الإرهاب ضمن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي.