انعقد اليوم السبت بالعاصمة، المجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة التونسيين، وسط حضور كبير لقضاة من مختلف ولايات الجمهورية، بمن فيهم المعزولين مؤخرا وأعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل، وممثلين عن هياكل قضائية نقابية وجمعياتية، لمناقشة كيفية التعامل مع قرارات العزل وحل المجلس الاعلى للقضاء، والتأكيد على “وحدة صف القضاة” في مواجهة هذه القرارات والمراسيم.
وتناول الكلمة في أجواء حماسية، رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي ورئيس المجلس الاعلى للقضاء المنحل بمقتضي مرسوم رئاسي يوسف بوزاخر، الى جانب قضاة معزولين مؤخرا بمرسوم رئاسي ضمن قائمة ال57 قاضيا، دعوا خلالها المجلس الوطني الى اتخاذ الموقف الملائم من القرارات المعنلة من قبل رئيس الدولة، والتي اجمعوا على أنها “تضرب استقلالية القضاء وتنتهك حقوق القضاة”، وفق تقديرهم.
كما تداول على الكلمة، ممثلون لأبرز الهياكل النقابية والجمعياتية للقضاة، عبروا خلالها عن تضامن المنتسبين اليها، واستعدادهم ل”النضال” ضد المراسيم الرئاسية القاضية بعزل 57 قاضيا وحل المجلس الأعلى للقضاء، ومحاسبة القضاة خارج الأطر القانونية والشرعية المتفق عليها، حسب ما جاء في كلماتهم.
وانتقد الحمادي القضاة المساندين لاجراءات وقرارات رئيس الدولة، وفي مقدمتهم وزيرة العدل والقضاة المعينين في المجلس الاعلى المؤقت للقضاء، واصفا إياهم ب “الخونة الذين غدروا بزملائهم”، ومعتبرا أنهم “يتقربون من السلطان لمنافع شخصية على حساب زملائهم وشرف المهنة”، على حد قوله.
وقال “إن القاضي أصبح يحرم من ضمانات التقاضي ويعزل لمجرد شبهة، ويحرم من حقه في اللجوء الى المحكمة الادارية لانصافه”، مضيفا أن “رئيس الجمهورية يقوم باغتيال العدالة وينفذ مذبحة بأتم معنى الكلمة في سلك القضاء”.
ودعا الى أن يكون عنوان الاجتماع الطارئ “الوحدة الصماء” والى “فتح صفحة جديدة من النضال”، للتداول في ما وصفه ب “الهجمة الكبيرة ضد القضاة”، قصد صياغة مخرجات في مستوى الحدث، وفق تعبيره.
وأبلغ رئيس الجمعية الحاضرين رسائل تضامن من الاتحاد العام التونسي للشغل والشبكة الدولية لحقوق الانسان والاتحاد الدولي للقضاة والمقرر الخاص للأمم المتحدة المعني باستقلال القضاة والمحامين، واستعدادهم لإصدار المواقف الملائمة حول وضع القضاء التونسي ومساندة القضاة التونسيين.
كما تناول الكلمة، يوسف بوزاخر القاضي المعزول ضمن مجموعة ال57 ورئيس المجلس الاعلى للقضاء “الشرعي” حسب توصيف أنس الحمادي، والذي تم حله بمرسوم رئاسي، قال فيها بالخصوص إن الاجتماع الطارئ للمجلس الوطني لجمعية القضاة بمشاركة اغلب الهياكل المهنية القضائية، يؤكد أن إجابة القضاة على الاجراءات والمراسيم الرئاسية هي “أنه سيبقى مستقلا، وأن القضاة سيدافعون عن أنفسهم”.
وأضاف أن قرار عزل القضاة الأخير “مخالف للدستور وللمعايير الدولية للقضاء المستقل”، معربا عن تضامنه لا فقط مع القضاة المعزولين بل وكذلك المباشرين منهم، باعتبار أن قرارات ومراسيم رئيس الدولة “ستظل سيفا مسلطا عليهم دوما في جميع أحكامهم”، على حد قوله، مؤكدا أن القضاة “لن يسكتوا عن هذه القرارات الرئاسية أمام القضاء الوطني وأمام القضاء الدولي”.
وقدم عدد من القضاة المعزولين ضمن مجموعة ال57 ، خلال هذا الاجتماع الطارئ، شهادات عما تعرضوا له بسبب قرارات العزل. ورفعت في أرجاء قاعة الجلسة شعارات “الشعب يريد قضاء مستقلا” و”الشعب يريد قضاة لا رعاة” و “حريات حريات لا لقضاء العليمات”.
كما تناول الكلمة رؤساء وممثلون عن نقابات وجمعيات قضائية، وهي نقابة القضاة التونسيين واتحاد القضاة الاداريين وجمعية القضاة الشبان وإتحاد قضاة محكمة المحاسبات وجمعية القاضيات التونسيات والرئيسة الشرفية لجمعية القضاة التونسية روضة القرافي والعميد السابق للمحامين البشير الصيد، مؤكدين تضامنهم مع القضاة ضد القرارات والمراسيم الرئاسية المتعلقة بسلك القضاء.
وبعد الجلسة الافتتاحية، تواصلت اشغال المجلس الوطني الطارئ في جلسة مغلقة، وعينت لجنة لصياغة اللائحة الختامية.
يشار إلى أنه حسب المرسوم الرئاسي 35، اضيف الفصل 20 الى المرسوم 11 المحدث للمجلس الأعلى المؤقت للقضاة، والذي تضمن أحكاما من بينها إصدار أمر رئاسي يقضي بإعفاء كل قاض تعلّق به ما من شأنه أن يمس من سمعة القضاء أو استقلاليته أو حسن سيره. ولا يمكن الطعن في الأمر الرئاسي المتعلق بإعفاء قاض إلا بعد صدور حكم جزائي بات في الأفعال المنسوبة للقاضي.
كما صدر مساء الاربعاء الفارط بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، أمـر رئاسي عدد 516 مؤرخ في 1 جوان 2022، مع التنصيص على النفاذ الفوري، يتعلـق بإعفاء 57 قاضيا، أبرزهم الرئيس الاول السابق لمحكمة التعقيب الطيب راشد، ووكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الإبتدائية بتونس البشير العكرمي والرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر.